الاثنين 23 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
التربويون يغرقون في التفاصيل!
play icon
كل الآراء

التربويون يغرقون في التفاصيل!

Time
الاثنين 25 سبتمبر 2023
View
67
نايف عبدالهادي القحطاني

الغرق في التفاصيل، وعدم الوعي بالسياق الكلي، هو ما يحدث حاليا في أروقة وزارة التربية، حيث الملحوظة الأهم أن التفاصيل سيطرت على عامة المنتسبين للتربية، سواءً على مستوى القضايا، أو على الأدوات التي استخدموها في رصد وتحليل القضايا التربوية.
فتجدهم ينتقدون استعدادات الوزارة باستقبال العام الدراسي، وعدم جاهزية المدارس، وتراهم يتناقلون الأخبار عن الشواغر والفراغ القيادي في قطاعات الوزارة.
ليس هناك إلا غرق في التفاصيل، تفاصيل وقشور يغرقون فيها، لكن لا أحد يشير إلى الحقيقة الوحيدة، وهي أن جميع ينابيع هذه التفاصيل تصب في نهر الحقيقة المرّة، وهي أن الاتجاه السياسي الوحيد في هذا البلد هو إغراق القطاعات العامة بالمشكلات حتى يكتب لها الفشل النهائي، وإيهام المجتمع بأن القطاع الخاص هو المنقذ، وما قطاع التعليم العام إلا واحداً من هذه القطاعات العامة.
التفاصيل يا عزيزي ولا شيء سواها، الوزير يزور المدارس والمناطق التعليمية المختلفة ليرى جدية الاستعدادات، فبدلا من هذه الزيارات المكوكية من جنوب البلاد الى شمالها، ألم يكن أولى أن يوفر الميزانيات للصيانة؟
لكن هو نفسه غارق في التفاصيل، وإلا لما قبل بالمهمة، فكأنما طُلب منه أن يواجه جيش المشكلات في قطاع التعليم العام، بلا ميزانيات مفتوحة للصيانة، وبلا دعم سياسي أمام تدخلات النواب الذين عاثوا في المناطق التعليمية فسادا، لإرضاء ناخبيهم بالمعاملات، أو للتقاتل على نصيبهم من مناقصات الصيانة والخدمات اللوجستية في الوزارة.
هي التفاصيل المعتادة التي لم يسلم منها أحد، حتى المدير ورئيس القسم تجدهما يقيمان المعلم لا لادائه في الحصة، أو مدى تأثيره على مستويات المتعلمين، ودافعيتهم نحو التعلم، بل يقيمه على مدى تعاونه في أمور إدارية، لا علاقة لها بحقيقة عمل المعلم، وهو أن يكون مدرسا، ومنفذا للمنهج، ومقيما ومقوما، والأهم من ذلك كله أن يكون قدوةً لمتعلميه.
أو تجد هذا المدير يدندن على أسماع معلميه حول ضرورة تنظيم المعلم الورش التدريبية والحصص الريادية، لكن ينسى أن ينبههم الى أن العمل الحقيقي لهم هو الاهتمام بالمخرجات التعليمية، ومساعدة المتعلم، وتمكينه من تحقيق أهداف المنهج وغاياته.
إنها التفاصيل المملة التي غرقنا في بحرها، كتربويين لعقدين من الزمن، فهل من صحوة تنقذنا من هذه التفاصيل التي أشغلتنا عن مواجهة مشكلتنا الحقيقية، وهي عدم وجود الرغبة السياسية حتى اليوم بإصلاح التعليم العام؟
كاتب كويتي

نايف عبدالهادي القحطاني

@nayefalsayaah

آخر الأخبار