الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
التسامح ودوره في بناء المجتمعات
play icon
كل الآراء

التسامح ودوره في بناء المجتمعات

Time
الأحد 06 أغسطس 2023
View
68
د.سعاد ياسين

د. سعاد ياسين

يؤدي التسامح دورًا حاسمًا في بناء المجتمعات المعاصرة، ويشير إلى الرغبة في قبول واحترام الاختلافات في المعتقدات والممارسات، الثقافية والاجتماعية والدينية، للآخرين، مع اعترافنا بوجود المعتقدات الفردية.
وهو يسمح بالاحتفال والاعتراف بوجود التنوع، وهو أمر ضروري لبناء مجتمعات شاملة. فعندما تجتمع مجموعة أشخاص من خلفيات وثقافات مختلفة، فإنهم يجلبون معهم وجهات نظر وخبرات مختلفة، وهي تؤدي في النهاية الى اثراء المجتمع ككل.
ويشجع التسامح الناس على الانخراط في حوار حضاري مع بعضهم بعضا، حتى لو اختلفوا في قضايا معينة، وهذا يساعد على بناء جسور التفاهم بين المجموعات المختلفة، ويؤدي بالنتيجة إلى مزيد من التفاهم والاحترام المتبادل.
كما ان التسامح يساعد في الحد من الصراع بشتى اشكاله من خلال تعزيز التعايش السلمي، والتفاهم بين المجموعات المختلفة.
فوجود افراد متسامحين مع بعضهم بعضا يجعلهم اقل عرضة للانخراط في سلوك عنيف، أو عدواني تجاه أولئك الذين يختلفون عنهم في شتى مجالات الحياة.
كما ان التسامح يرتبط ارتباطًا وثيقًا بتعزيز حقوق الإنسان وحمايتها، ويساعد في بناء مجتمعات أقوى وأكثر تماسكًا من خلال تعزيز التماسك الاجتماعي، والشعور بالانتماء، فعندما يشعر الأفراد بالقبول والتقدير لما هم عليه، فمن المرجح أن يساهموا بشكل إيجابي في مجتمعاتهم.
كما انه يعزز الإبداع والابتكار في المجتمعات، فالانفتاح على الأفكار، ووجهات النظر الجديدة يجعل الأفراد قادرين على اكتشاف طرق جديدة للتفكير وحل المشكلات، مما يؤدي إلى ابتكارات وتطورات جديدة.
كما انه مهم أيضًا للتعليم، فعندما يتم تنشئة الطلاب، وتعليمهم عن الثقافات والأديان والمعتقدات المختلفة، فإن من شأن ذلك ان يولد لديهم إحساسًا بالتعاطف والتفاهم تجاه الآخرين، مما يؤدي بالنتيجة الى الحد من التحيز والتمييز، ويترك آثارا إيجابية على الصحة العقلية، ويخلق اشخاصا أقل عرضة لتجربة مشاعر العزلة والوحدة، ويساعد ذلك في تقليل التوتر وتحسين الصحة العقلية والرفاهية بعامة.
كما يتوجب علينا جميعا ان ننشر ثقافة التطوع بالوقت والموارد للمنظمات التي تعزز التسامح واحترام التنوع، وهذا يشمل المنظمات التي تعمل مع اللاجئين والمجتمعات المهمشة، والمجموعات الأخرى التي قد تواجه التمييز مما يجعل من مجتمعنا مجتمعا متميزا عن باقي المجتمعات المختلفة.
كما يتوجب علينا تعزيز التعاطف بشكل كبير من خلال فهم تجارب الآخرين، ووجهات نظرهم، بما يشمله ذلك الاستماع إلى قصصهم والتعرف على خلفياتهم، وبناء علاقات هادفة سوية داخل المجتمع.
ويمكننا ممارسة الشمولية من خلال ضمان أن يشعر الجميع في المجتمع بالتقدير والاندماج عبر التأكد من أن كل شخص لديه إمكانية الوصول إلى الموارد، والفرص، بغض النظر عن الخلفية والمعتقد.
فالتسامح ضروري لخلق المجتمعات الديمقراطية، فعندما يتسامح الناس مع وجهات النظر، والآراء المختلفة، فهم ينخرطون في حوار سياسي بنّاء ونقاش سليم، يمكن أن يؤدي هذا في اخر المسار إلى اتخاذ قرارات أكثر استنارة وديمقراطية، وأكثر قوة ومرونة، ولا يُمكن إنكار دوره في معالجة القضايا الاجتماعية، مثل الفقر وعدم المساواة والتمييز.
فلا بد من ان نعترف جميعا ان تعزيز التسامح في مجتمعاتنا يتطلب جهودًا فردية وجماعية، اذ يتوجب تثقيف الأفراد حول الثقافات والأديان، والمعتقدات المختلفة من خلال حضهم على مطالعة الكتب، وحضور البرامج الثقافية، والمشاركة في حوار محترم مع أشخاص من خلفيات مختلفة.

كاتبة بحرينية،
رئيس مجلس إدارة مركز الياسين للتدريب

آخر الأخبار