التشكيلية اللبنانية منى نحلة ترصد بالألوان تداعيات "كورونا" ومعاناة عالم يبحث عن الأمان

كتب ـ جمال بخيت:

بين الامس واليوم، تداعب احلامها عذوبة اللون وجماليات الواقع بما يحمل من معاناة وهموم، تشعر امام لوحاتها أنك أمام أعمال من الطراز الفريد الجاد الذي يحمل مفردات الواقع والحياة والتناقض والتلاقي في آن واحد.
تلك هي التشكيلية اللبنانية مني نحلة التي قدمت جديدها في معرض أقيم بالعاصمة المصرية القاهرة في غاليري آزاد للفنون بعنوان"حالة تيه" حيث يرصد المتلقي من خلاله المشهد الحي الذي تقدمه الفنانة ويعبر في مضمون لوحاتها عن اللحظة الراهنة.
الأعمال التي تعرضها نحلة تعكس لنا لحظات القلق والتوتر التي نعيش فيها منذ العامين الماضيين، لا سيما في ظل تداعيات جائحة "كورونا" ربما يشير العنوان الذي اختارته الفنانة لأعمالهـــــا إلى هذه المشاعر على نحو مباشر، غير أن الحضور الطاغي لهذه المشاعر في اللوحات يشير الي تناغــــــم الواقع مع التأثيري الذي يعج بلا شك بمزيد من المشاعر المتناقضة بين تعجب وحلم وتساؤلات تقدمها الفنانة في مضمون اعمالها التشكيلية الزاخرة بالالون الثرية التي منحت الاعمال صفة الشاعرية والجمال وايضا مفردات التعجب من خلال المتلقي لهذه البانوراما الواقعية التي تشي بفلسفة تحديات التفاصيل.
عن هذه التجربة الجديدة تقول الفنانة: "على مدار العامين الماضيين، اصطدمت البشرية بجدار غير مرئي من الأزمات الجديدة التي لم تختبرها من قبل، فقد خلفت الجائحة مشاهد صادمة كنا نطالعها يومياً عبر الشاشات، وظهرت إلى الواجهة تعبيرات لم تكن متداولة بهذه الكثافة كالحجر الصحي، وقيود السفر، واللقاحات وأقنعة الوجه"، بدا الأمر مخيفاً ما فتح الباب أمام روايات المؤامرة.
إن هذا الالتحام بين العناصر والتكوينات المرسومة في أعمال منى نحلة لا يخلو من التوتر أو "التيه" كما تسميه الفنانة، فمشاعر الاغتراب مع الواقع الجديد تخترق هذا الاشتباك والتلاحم البشري الهش، أما المعالجات اللونية في هذه الأعمال فهي تتســــم بالغنى والوضوح التام، فاللوحة تبدو كمقطع من الفسيفساء زاخر بالتفاصيل، أو كمساحة قماش مطرزة مصنوعة من عشرات القطع الملونة بدرجات مختلفة.
وعن الالوان في اللوحة تقول "عنصر اللون وعمليه اختيار الألوان هي مسألة مزاج وعلى حسب الموضوع والتأثير او الانطباع المراد تحقيقه من خلال العمل، مضيفة اللون بالنسبة لي موضوع حيوي ومهم جدا لما له من تأثير بصري يوصل رسالة مباشرة، اللون يدعوك للنظر أكثر او الابتعاد عنها، فهو اداة من أدوات التعبير لا يمكن انكار أهميته.
وأوضحت أن اختيار الالوان يخلق نوعا من الدراما البصريه، فأحيانا اكون هادئة ومسالمة فاختار الوانا منسجمة ومريحة للنظر واحيانا اشعر بالملل فاستخدم الوانا جديدة بالنسبة لي، او مجموعه ألوان غير متوقع استخدامها مع بعضها، فيتجدد حبي للتجريب والاكتشاف وهو ما أسعى اليه دائما، ولكن بشكل عام، تريحني الألوان الهادئة كالبيج والبني والرمادي والألوان الترابيه القانية ثم ادخل عليهم لونا فاقعا غريبا غير متوقع، كالفوشيا او الاصفر المنير مثلا.
وتبقي الدلالات العميقة في رسومات مني نحلة اتية من عمق الوعي والادراك الانساني للواقع وهكذا جاءت لوحاتها بلغة التعبير الادراكي تظل حالات الاسقاط الواقعية واضحة فقد استطاعت الخوض في تفاصيل الحكاية وان تضع المتلقي في اجواء الهدف من المعرض ولكن تظل تساؤلاتها قائمة لاننا مازلنا نعيش اجواء القلق والتوتر الزماني من جائحة لاتزال تتحور وتنتج الكثير من التساؤلات.