الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

التصور

Time
الثلاثاء 25 يوليو 2023
View
44
السياسة
م. أفراح جاسم السعيدي

يقول الدكتور وعالم النفس إدوارد دي بونو أن الدراسات أظهرت 90 في المئة من الأخطاء في التفكير ناتجة عن أخطاء في التصور والاعتقاد، وإذا استطعت تغيير تصورك، يمكنك تغيير مشاعرك، وبالتالي يمكن أن يؤدي إلى طرح أفكار جديدة.
والمقصود بالتصور هو العملية التي تمكن الفرد من استقبال، وتفسير أي شيء يأتي أمامه، وينطوي الإدراك على استخدام الحواس الخمس، البصر والسمع والذوق واللمس والشم، لاستقبال المواقف والبيانات وتفسيرها لفهم ما يحدث، كما يؤدي التصور دورًا حاسمًا في كيفية النظر الى الأمور والأحداث والأشخاص، ويؤثر في الأفكار والعواطف والسلوك.
ويتمحور التصور حول الفرد المدرك نفسه والبيئة المحيطة، كما أنه يتأثر إدراكا بأمور عدة، منها تجاربه السابقة، وأستذكر موقف تعرضت له شخصيا عندما كنت مع صديق نتجول فرأينا كلبا (أجلكم الله) مع أحدهم في الممشى، أي نعم كان شكله لطيف، لكنني شعرت بالخوف، وذهبت بعيدا لأن لي ذكريات وتجارب سيئة مع الحيوانات، بينما ذهب زميلي ليداعب الكلب، كلانا تعرضنا للموقف ذاته، لكن السلوك اختلف نتيجة لاختلاف التصور والادراك بسبب التجارب السابقة.
كذلك الأمر بشأن ثقافة الفرد، اذ يختلف التصور، وبالتالي يختلف السلوك.
مثلا في بعض الدول الأوروبية تتم إضافة الكحول الى الطعام، وهذا أمر طبيعي لديهم، لكنه محرم لدينا، لذلك فان سلوك شخصين في المطعم نفسه، والطلب ذاته اختلف نتيجة لاختلاف الثقافة.
والجدير بالذكر ان قيم الفرد مرتبطة كذلك بالثقافة، كاحترام كبار السن، واعتبارهم ركيزة أساسية في المنزل، بينما يعتبر بعض الشعوب ان مكانهم الطبيعي هو دار العجزة، ومرة أخرى اختلاف القيم رغم تشابه الموقف.
والتوجه يؤدي دورا كبيرا ومهما في تحديد التصور والإدراك، ففي بيئة العمل لو كان الفرد يحب مسؤوله لوجدته يتقبل جميع أنواع الأعمال ليرضيه، وهكذا هو الأمر بالنسبة للخبرة، التربية، المحفزات الذاتية، وما يتوقع أو ينتظر.
أي أن التصور قابل للتأثر، فعندما يكون التوجه إيجابيا نحو امر ما فإن الفرد يرى الجوانب الإيجابية فقط، والعكس تماما إذا كان التوجه سلبيا، فإن الفرد يركز على الجوانب السلبية.
هذا وبالإضافة إلى تأثير البيئة المحيطة على تصور الفرد، فعلى سبيل المثال، إذا كان مقر العمل يفتقر الى درجة الحرارة المناسبة، أو الإضاءة المطلوبة، سيعتبر الفرد ان بيئة العمل سيئة، حتى لو كانت عكس ذلك.
عملية التصور، ليست مجرد تفسير موقف، بل تتضمن القدرة على ربط المعلومات والأحداث، بناء على الأنماط والمفاهيم الموجودة في ذاكرة الفرد، الأمر الذي يؤدي إلى التعرف على الأشياء والأحداث، وفهمها بشكل أفضل. علما أن تصور الفرد يؤدي دورًا حاسمًا في تحديد سلوك المؤسسة التي ينتمي اليها، اذ إن كل فرد في المؤسسة لديه تصور فردي لها، وهذا التصور يؤثر على كيفية تفاعله معها وتحديد سلوكه، الداخلي والخارجي.
كما أن هناك طرقا عدة يمكن أن يؤثر فيها تصور الفرد على سلوك المؤسسة، منها الالتزام والمشاركة، فإذا كان الفرد إيجابيًا، سيحترم القواعد ويلتزم بها، وكذلك سيكون أكثر انخراطًا والتزامًا بأهدافها وقيمها.
كذلك هي الحال بشأن الابتكار والابداع، اذ ستنعكس إيجابية الفرد نحو الابتكار والبحث عن حلول جديدة، وابداعية، لتحسين العمل، وتحقيق التطور والنجاح، كما ان هذا الفرد الذي لديه تصور إيجابي يكون أكثر الأفراد مساهمة في الأعمال الجماعية، ويعمل ضمن الفريق الواحد، وذات سلوك تفاعلي مع زملائه والمرؤوسين.
لذلك، على القياديين ملاحظة أن تصور الفرد يؤدي دورًا حيويًا في تحديد تصرفاته وسلوكه داخل المؤسسة، والعمل على تحسين تصور الموظفين عن بيئة العمل من خلال الاتصال المباشر، وبناء ثقافة تنمي المشاركة والابتكار والعمل الجماعي، وتشجع القيم المشتركة والمساواة والاحترام المتبادل، وتعزز التواصل المفتوح والشفاف بين الأفراد.
كذلك الانفتاح، وتقبل الاختلاف والتنوع بين أفراد المؤسسة، والسعي الى تقبل وجهات نظر الآخرين، والاستماع إلى آرائهم لتعزيز تصورات إيجابية، وتحقيق أهداف المؤسسة بنجاح.
ختاما، التصور هو مفتاح لفهم الواقع والتفاعل معه، وفهم عملية التصوّر، وكيفية تأثيرها على حياة الفرد يساعد على التفاعل بشكل أكثر إدراكا مع الآخرين.

كاتبة كويتية

[email protected]
آخر الأخبار