كل الآراء
التغريب تقليد أعمى وإفساد في الأرض
الثلاثاء 04 ديسمبر 2018
5
السياسة
د. خالد عايد الجنفاوي"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ، أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لَّا يَشْعُرُونَ" (البقرة 11-12)يشير التغريب في سياق هذه المقالة إلى محاولات بعض المشوشين من الشرقيين، وبخاصة بعض العرب وبعض من يُحسبون على المسلمين، وبالذات من يعانون من أزمة في الهوية، فرض الرؤى الثقافية واساليب الحياة الغربية الاعتيادية على مجتمعاتهم العربية والاسلامية المحافظة، وبهدف إحلال الصبغة الغربية على الهوية الثقافية العامة في مجتمعات ستختلف دائماً وأبداً وبشكل جذري عن المجتمع الغربي النمطي، وستحدث أسوأ حالات التغريب في عالم اليوم في بعض تلك الدول والمجتمعات التي يزيد فيها عدد المعجبين بشكل جنوني بما يطلق عليه الحضارة أو أساليب الحياة الغربية ولأسباب مختلفة،منها انبهار أحد او بعض المشوشين بما يعتقدون انه تطور فكري واجتماعي حضاري مميز لامسوا بعض قشوره في الغرب،وتخيلوا أنه سيمثل بديلاً أكثر نجاحاً لتجاربهم الثقافية والاجتماعية التقليدية. وبالطبع، من سينسلخ بإرادته عن جلدته الثقافية والدينية ويلبس جلداً لا يناسبه سيأتي عليه يوم يُدرك فيها خطورة ما انزلق إليه بإرادته الذاتية المشوشة. وبمعنى آخر، أسوأ شيء حول التقليد الاعمي والمُفرط لأساليب الحياة الغربية يتمثل دائماً وأبداً في اغتراب الانسان عن بيئته الاجتماعية وفقدانه لما يميزه عن الآخرين، وتغييبه قسراً لإحساساته الفطرية أو المكتسبة حول كينونتة العربية أو الاسلامية الاصيلة، فلم يُعرف عن التغريب المفرط سوى أنه أدى، بشكل أو بآخر، إلى ترسيخ عقد نفسية مركبة في شخصية المقلد الاعمى للغرب ما يتسبب في انغماسه في مزيد من الافراط العاطفي والاوهام المتخلية حول نفسه وحول أهدافه الحياتية، حتى أنه ربما يتحول مع مرور الوقت إلى إنسان مضطرب نفسياً لا يعرف بالضبط من هو، فلا هو يستطيع التوافق مع الحياة الغربية الحقيقية في المجتمع الغربي ولا هو يستطيع الانسجام مع مجتمعه، وتدريجياً ربما يفقد المُنبهر جداً بالثقافة الغربية القدرة على عيش حياة طبيعية وايجابية، وربما يسقط في هاوية الإفساد في الأرض، بقصد أو بلا قصد.كاتب كويتي