التكبُّر عَلَى المُتَكَبِّر صَدَقة

د. خالد عايد الجنفاوي

"سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ"(الأعراف 146).
وفقاً لكتاب "تاج العروس من جواهر القاموس" للزبيدي "الكِبْر: حالةٌ يتخصَّص بها الإنسان من إعجابه بنفسه، وأن يرى نفسَه أَكْبَر من غيره" (ص 9)، وبالطبع، ووفق ما كشفته الدراسات والبحوث العلمية النفسية عبر التاريخ، يوجد دائماً نقص مترسخ في شخصية المتكبر يحاول تعويضه عبر التكبر على الآخرين.
والسؤال الذي يطرح نفسه في سياق هذه المقالة هو التالي: لماذا يعتبر التكبر على المتكبر صدقة، أو لماذا يتوجب على العقلاء والأسوياء التكبّر على المتكبر؟
أعتقد أن بعض الاسباب المنطقية التي تبرر التكبر على المتكبر منها ما يلي:
-يعاني المتكبر من مرض السادية (اللّذة بتعذيب الآخرين)، ولهذا السبب فهو لا يفقه سوى لغة القوة والبطش، سواء أكان جلاداً أو ضحية.
-التكبر على المتكبر صدقة، وذلك لأن التكبر عليه وإذلاله بقدر إذلاله للآخرين سيخدم الفرد والمجتمع عن طريق مكافحة السلوكيات النرجسية.
-أفضل خدمة يقدمها الاسوياء، ولا سيما الشجعان منهم، لمجتمعهم تتمثل في تحجيم المتكبر وتقليل تأثيره في البيئة الاجتماعية.
-مكافحة التكبر، والتكبر على المتكبرين، تساوي في قيمها المعنوية والاخلاقية مكافحة السلوكيات المضرة بالمجتمع.
-المتكبر لا يتوب عن تكبره، ولهذا السبب فهو لا يستحق التواضع معه لعله يتعظ.
-المتكبر هو الأجبن عند اللقاء، والأكثر خوفاً من الموت.
-من قهَر الرجال يُسلّط الله عليه من يتكبر عليه ويقهره.
- يُجرِّدُ المتكبر ضحاياه من سماتهم الانسانية الفطرية عن طريق ازدرائهم، فلا عجب أن يتصدى له كل صاحب مروءة وكرامة.
- تَعْظِيم الرَّجُل بشكل مبالغ ربما سيؤدي إلى تكبره على من يعظمونه، فالنفس الانسانية أمارة بالسوء أغلب الوقت.
-إذا كانت ابتسامتك في وجه أخيك المسلم صدقة، فتكبرك على المتكبر إحسان وَفِعْل للخَيْر.
-يتكبر المتكبر وهو على باطل، ويتكبر عليه الأسوياء وهم على حق.

كاتب كويتي
@DrAljenfawi