الأحد 21 سبتمبر 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

التمساح يصوم أيضاً

Time
الأربعاء 22 مايو 2019
السياسة
إعداد - رحاب أبو القاسم:


شهر رمضان، تفتح فيه أبواب الجنات، وتضاعف فيه الحسنات، جعل الله صيامه أحد أركان الإسلام، فيه ليلة خير من ألف شهر، لذلك يغتنم المسلمون هذا الشهر للتقرب من الله وتطهير النفس وتهذيبها، فيتسابقون إلى الطاعات والعبادات والخيرات، إنه بحق شهر الفضائل.


تعد صلاة "قيام الليل"، من أفضل الصلوات بعد الصلاة المفروضة، وبها يخفف العبد من ذنوبه ومعاصيه، ولهذا قال الفضيل بن عياض: "إذا لم تستطع صيام النهار ولا قيام الليل، فاعلم أنك محروم مكبَّل كبَّلتك ذنوبك".
ولقد شكا بعض الناس لعبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- الصحابي الجليل قالوا: إنَّنا لا نستطيع أن نقيم الليل، قال: أقعدتكم ذنوبكم. حتى قال الإمام الحسن البصري: إنَّ الرجل ليذنب الذنب فيُحرم قيام الليل، فإذا حُرمت قيام الليل يا عبد الله ففتِّش عن نفسك، فتِّش عن واقعك، عن حياتك، ما الذي ِفي نهارك؟ لعلك اغتبت أحدًا، لعلك وقعت في النظر إلى حرام، لعلك فعلت ذنبا أو معصية، تجعلك تُحرَم من قيام الليل.
وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على أهل قيام الليل، ومن يداوم عليه طمعُا في القرب والطاعة، فقال سبحانه وتعالى: "تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربّهم خوفاً وطمعاً وممّا رزقناهم ينفقون، فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعين جزاءً بما كانوا يعملون"، ولهذا قال الحسن البصري في هذه الآية: أي أنَّهم لمَّا أخفوا أعمالهم بقيامهم الليل بعيدا عن أعين الناس، أخفى الله لهم من النعيم ومن اللذَّات ما لم ترَ عين ولم تسمع أذن".
وقد وصف الله أهل قيام الليل بصفوة العباد، ولهذا وعدهم بأعظم الجزاء وهو استحقاقهم لجنة الخلد، وذلك لأنّ من صفاتهم أنّهم: "كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون، وبالأسحار هم يستغفرون"، وقد كان النّبي صلّى الله عليه وسلّم يحث المسلمين على قيام الليل ويرغبهم فيه ولو بقدر حلب النّاقة، بمعنى في وقت يساوي الوقت الذي تحلب فيه النّاقة.
ومن فضل قيام الليل أنَّه إحدى علامات المتَّقين، لقوله تعالى "إِنَّ المُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، آَخِذِينَ مَا آَتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ"، فهؤلاء لا ينامون من الليل إلا القليل، ويتكبدون عناء السهر، ويقضون ليلهم في القيام والركوع والسجود، ويختمون هذه العبادة بالاستغفار، أملًا في التقرب، وتيمنًا برسولنا الكريم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطَّر قدماه، فقيام الليل يحتاج إلى جهاد نفس لأنه يعتبر من أشقِّ العبادات، يحتاج إلى جهد كبير لا يقدر عليه الكثيرون، وبسبب كل هذا جعل الله لأهل قيام الليل منزلة خاصة عنده سبحانه وتعالى، فهو لا يساويهم بغيرهم من العباد، كما قال الله: (أَمْ مَّنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ)، فهذا الشخص الذي تكبد كل هذا العناء والإجهاد العضلي والذهني، لا يمكن أن يتساوى مع من قضى ليله غافلاً عن طاعة الله.
من فضل هذه الصلاة أنها تتوافق مع الثلث الأخير من الليل، وهذا هو التوقيت الإلهي الذي ينزل فيه الله سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا لقوله صلى الله عليه وسلم: "ينزل ربُّنا إلى السماء الدنيا كلَّ ليلة في الثلث الأخير من الليل"، فيقول: "هل من داعٍ فأستجيب له، هل من سائلٍ فأعطيه، هل من مستغفرٍ فأغفر له".
أما عن عدد ركعات صلاة قيام الليل، فهي أقلها يبدأ بركعة يصليها المسلم وتراً، كما يعتبر قيام الليل دأب الصّالحين وهديهم، ومن الأفضل أن يختم المسلم قيام الليل بالوتر، وذلك امتثالاً لقول النّبي صلّى الله عليه وسلّم:" اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً".
ولقيام الليل في رمضان منزلة كبيرة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُرغِّبُ في قيامِ رمضانَ من غيرِ أن يأمرَهم فيه بعزيمةٍ. فيقول: من قام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبِه).
آخر الأخبار