الجمعة 02 مايو 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية   /   الأولى

"التمييز": لا يستقيم... منع المدين من السفر بحجّة كبر المديونية

Time
الثلاثاء 14 ديسمبر 2021
View
5
السياسة
* الدائن مسؤول عن تقديم الدليل على قدرة المدين على السداد وإثبات رغبته في المغادرة
* الطاعن قسَّط المديونية المستحقة عليه وانتظم في إيداعها ما يثبت نيته الوفاء بالدين
* الشحومي لـ"السياسة": امتلاك المدين لشركات لا يعني قدرته على السداد دفعة واحدة


كتب ـ جابر الحمود:

أرسى حكم محكمة التمييز الأخير عن مقتضيات "منع السفر"، برئاسة المستشار فؤاد الزويد، مبادئ قضائية قوبلت بالثناء والاستحسان والإشادة، من قبل محامين، لجهة تأكيده أن "كبر حجم المديونية لا يعدّ سبباً جدياً، بذاته، للفرار من سدادها"، ناهيك عن أن امتلاك المدين لشركات أو استثمارات، لا يعني قدرته على سداد المديونية التي على عاتقه دفعة واحدة، بل في إمكانه، ومن حقه، الدفع على دفعات تقسيطية.
حكم "التمييز" الأخير الذي حصلت "السياسة" على نسخة منه، والذي وصفه مراقبون بأنه "يسطر بماء الذهب"، أوضح بجلاء أن من مسؤولية الدائن تقديم الدليل على قدرة المدين على الوفاء، كما عليه إثبات رغبته في مغادرة البلاد دون العودة إليها، ومن ثم "يكون الأمر بالمنع من السفر فقد أحد شروطه المقررة قانوناً".
وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها ان "الثابت في الأوراق، ان الطاعن قام بتقسيط المديونية المستحقة عليه، لصالح المطعون ضده، وانتظم في سدادها وايداعها لدى ادارة التنفيذ، ما يدل على رغبته في الوفاء بالدين، لاسيما ان الاوراق جاءت خالية مما يفيد وجود مال ظاهر لديه يمكن التنفيذ عليه، أو لديه رغبة في مغادرة البلاد دون العودة اليها".
وأضافت الحيثيات أن "المطعون ضده، وهو المكلف بالاثبات قانونا، لم يقدم دليلا جديا على يسار الطاعن (أي قدرته المالية) أو مظنة فراره من الدين"، وأن "ما عول عليه الحكم المطعون فيه في قضائه، ليس له ما يسوغه، ذلك بان مجرد طلب الغاء أمر المنع من السفر لا يستدل منه على يسار او ملاءة الطاعن او مظنة فراره من سداد الدين، وان رغبته في السفر للخارج الموقت وليس للاقامة الدائمة، ولا تفي باللزوم على فراره وعدم العودة مستقبلا، وان كبر حجم المديونية لا يعد بذاته سببا جديا للفرار من الدين".
وأكدت الحيثيات أن "الدائن لم يقدم الدليل على قدرة المدين على الوفاء، ومن ثم يكون الامر بالمنع من السفر فقد احد شروطه المقررة قانونا، واذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر دون ان يعني ببحث هذا الدفاع المؤيد المستندات، ويفطن دلالته مع انه دفاع جوهري من شأنه - لو صح- ان يتقيد به، وجه الرأي في التظلم بما يعيبه ويوجب تمييزه".

حيثيات في الحكم
وبينت "التمييز" في حيثياتها، أن الوقائع "تتخلص - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الاوراق - في ان الطاعن في الطعنين الماثلين اقام على المطعون ضدهمها التظلم رقم --- بطلب الحكم أولاً: بقبول النظام شكلاً، ثانياً: وفي الموضوع بإلغاء أمر المنع من السفر المتظلم منه رقم --- المودع ملف التنفيذ رقم --- واعتباره كأن لم يكن - وقال بيانا لدعواه ان المطعون ضده الاول بصفته استصدر ضده أمر المنع من السفر المتظلم منه اقتضاء لمبلغ --- بموجب الحكم الصادر بالاستئناف رقم --- مدني كلي".
واستطرد: "ولما كان هذا الامر قد جاء مجحفاً بحقوق الطاعن لمخافته احكام القانون لعدم توافر شروط استصدار ومن ثم كان تظلمه - حكم المحكمة بقبول التظلم شكلاً وفي الموضوع بالغاء أمر المنع من السفر المتظلم منه - استأنف المطعون ضده الاول هذا الحكم بالاستئناف رقم --- مدني وبتاريخ --- قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء برفض التظلم وتأييد امر المنع من السفر المتظلم منه - طعن الطاعن على هذا الحكم بطريق التمييز بالطعنين المتمثلين، وقدم المطعون ضده الاول مذكرة التمس فيها رفض الطعن، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعنين بالنسبة الى المطعون ضده الثاني وفي موضوع الطعنين بتمييز الحكم المطعون فيه - واذ عرض الطعنين على هذه المحكمة في غرفة المشورة - حددت جلسة لنظرهما وضمت الطعنين معا ليصدر فيها حكماً واحداً والتزمت النيابة برأيها".
وتعليقا على الحكم، قال المحامي سعود الشحومي لـ"السياسة" ان "مثل هذه الأحكام يجب ان تنشر لتتوسع الاستفادة من هذه القامات القانونية".
واضاف الشحومي ان "اجراء منع للسفر هو مجرد اجراء استثنائي، ويجب ألا يأخذ اكبر من حجمه، ويجب على الدائن إثبات أن سفر المدين بقصد الهروب من الدولة، او انه قادر على السداد ".
وشدد على أن "وجود شركات او مكاتب واستثمارات لدى المدين، لا يعني انه قادر على سداد المبالغ المطلوبة منه دفعة واحدة، ويمكنه عبر مدخوليته ان يسدد المديونية على دفعات (اقساط)، وهذا يكون دليل اثبات له على نية السداد ولا يخشى الهروب".


"المنع" غير جائز لمواجهة مماطلة المدين

أكدت "التمييز" في حيثيات حكمها المدني الأخير، أن "نعي الطاعن في محله، انه من المستقر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى نص المادتين 297 و298 من قانون المرافعات المدنية والتجارية، وما ورد بمذكرته الايضاحية، انه يشترط لاستصدار الأمر ومنع المدين من السفر بوصفه اجراء وقتياً، ان يكون حق الدائن محقق الوجود وحال الاداء، وان يقدم الدائن الدليل على وجود اسباب جدية تدعو الى الظن بفرار المدين من الدين، وان يثبت ان مدينه قادر على الوفاء".
وأضافت: "كما ان تقدير موجبات اصدار بمنع المدين من السفر، وكذلك تقدير اسباب التظلم منه، من الامور الموضوعية التي يستقل بها القاضي الذي يطلب منه اصدار الامر، ومن بعده المحكمة التي يرفع اليها التظلم منه بغير معقب، الا انه يشترط ان يكون استظهار توافر شروط الامر بالمنع من السفر باسباب سائغة، لها اصلها الثابت بالاوراق، وتكفي لحمل الحكم".
وزادت المحكمة: "كما ان امر المنع من السفر ليس عقوبة او اكراه لمواجهة مماطلة المدين، ولما كانت الضرورة التي فرضت على المشرع تقدير ذلك الاستثناء انما تقدر بقدرها دون التوسع في تفسيره او القياس عليه، وهو ما حدا بالمشرع ادراكا لخطورة هذا الاجراء وحتى لا يكون سلاحا مسلطا على المدين، احاطه بسياج من القواعد والاحكام التي تفرض على من ابتغى اللجوء اليه الالتزام بها، ان قيده بشروط موجبة لاصداره، بحيث يمتنع عن الامر ان يمنع المدين من السفر اذا تخلف اي من الشرطين، كما ان كبر حجم مبلغ المديونية لا يعد بذاته سببا جديا يدعو الى الظن بفرار المدين من الدين".
آخر الأخبار