الثلاثاء 29 أبريل 2025
31°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الدولية

التهاون العلمي أدى الى تفشي "كوفيد 19" ورفع مستوى عدوانيته

Time
السبت 21 مارس 2020
View
5
السياسة
لا لقاح متاح وناجع بنسبة 100 في المئة لفيروس "كورونا" المستجد حتى اليوم، ولا لعائلة فيروسات "كورونا" اجمالاً، رغم اعلان أكثر من مختبر وهيئة علمية ومؤسسة دوائية توصلها الى لقاحات تحت التجربة لعلاج وباء "كورونا" المستجد، الا أنها قد لا تكون فعالة بنسبة شاملة للقضاء على الفيروس نهائيا، فقد تتطلب التجارب المخبرية للتوصل الى لقاح ناجع وشافي أشهرا، وذلك بسبب نقص تشارك الدول والشركات والمعاهد الطبية للبيانات حول التسلسل الجيني والوراثي لعائلة فيروسات "كورونا" التاجية، فضلاً عن محدودية التجارب العلمية السابقة لإيجاد علاج شامل لفيروسات "COV"التي تتطور عبر الزمن وبناء على اختلاف الحاضنات والبيئة التي تظهر بها.
وتسجل اليوم حالة ارتباك غير مسبوقة بين الهيئات العلمية في العالم اذ تعلن عن دراسات متناقضة كل يوم تدحض نتائجها بعضها بعضا بسبب محدودية التعاون الدولي في إيجاد مصل فعّال للفيروس.
وبناء على رصد تحليلي لوحدة البحث وتوقعات المخاطر في مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والستراتيجية تبين أن بسبب عدم اكتراث العالم بفيروسات "كورونا" التاجية منذ ظهورها قبل 18 عاماً بصنفيها القاتلين الاثنين ("سارس"2002) و("ميرس"2012)، ونظرا لبطء استجابة العلماء طيلة تلك الفترة لاكتشاف لقاحات لفيروسات "كورونا"، تطور الفيروس تدريجيا بشكل فاجأ الهيئات العلمية والطبية الى وباء عالمي وسريع الانتشار.
وفي حين لم تتعد نسبة الوفيات منه خمسة في المئة من المصابين، الذين تجاوزوا 250 ألف مصاب حول العالم، يبقى الفيروس المستجد أقل فتكاً وقتلاً من فيروسات عائلة كورونا السابقة.
وترجح دراسات مختلفة أن الذين تعرضوا حديثا لأعراض شبيهة بفيروسات "كورونا" كفيروس الأنفلونزا الموسمية أو من نجحوا في اجتياز اعراض سريرية لفيروسات أخرى شبيهة بأعراض فيروسات "سارس" او"ميرس" تتكون لديهم حصانة أكبر من غيرهم لمقاومة الفيروس ذاتياً على غرار ما أثبته تقرير نشرت في مجلات عملية حول عينة من بعض الحيوانات.

الوباء قد لا يختفي قريباً
قد لا يختفي تماماً وباء"كورونا" قريباً، لكن قدرته على الانتشار والعدوى قد تقل مع تغير وتقلب العوامل المناخية وضعف قدرته على التكيف بشكل مثالي مع تقلب الطقس وتغير درجات الحرارة، فقد أثبت رصد المركز ضعف تطور فيروسات "كورونا" بين المنتصف الثاني لفصل الصيف والنصف الأول لفصل الخريف على عكس فصلي الشتاء والربيع اللذين يعتبرا الفترة الملائمة لزيادة نشاط الفيروسات.
وبذلك فمن المرجح ان موجة العدوى لن توقفها اكتشافات لقاحات لهذا الوباء، بل قد تخف موجة انتقاله موقتا سواء جراء إجراءات الوقاية التي تتخذها الدول من خلال الحجر الصحي، أو بدافع تغير تقلب العوامل المناخية التي قد تؤثر ليس على قدرة مقاومة الفيروس على البقاء قيد الحياة، بل على قدرته على الانتشار.
اذ أن الفيروس المستجد طور ثلاثة خصائص فيه ادهشت العلماء واولها: قدرته على التكيف مع البيئة التي ينتقل اليها، ثانيها: زيادة مقاومته للبقاء على قيد الحياة، وثالثها: سرعة انتشاره وسهولة العدوى به. رغم ان خاصية إيجابية لهذا الفيروس تتمثل في محدودية عدوانيته مقارنة بفيروسات أخرى، أي ان نسبة الوفيات منه تعتبر الى اليوم محدودة مقارنة بأوبئة عالمية أخرى.
أما الميزة المثيرة للاهتمام للفيروسات التاجية (كورونا) هي مقاومتها البيئية المحتملة، رغم هشاشة هذه الفيروسات، ففي الواقع، وصفت دراسات عدة قدرة عائلة "كورونا" على البقاء في ظروف بيئية مختلفة (مثل درجة الحرارة والرطوبة)، على أسطح مختلفة موجودة خصوصا في المستشفيات، مثل الألومنيوم أو الإسفنج المعقم أو القفازات الجراحية أو في السوائل البيولوجية.
وما ميز النسخة المستجدة من الفيروس زيادة مقاومته للبقاء على قيد الحياة سواء في الأماكن الرطبة والباردة او في الحرارة الى ذلك تعزز قدرة الفيروس المضادة لمناعة الجسم بتسلح الفيروس بقدر من البروتين يسمى" Nsp15"، وهو ضروري في دورة حياة الفيروس.
في البداية، كان يعتقد أن" Nsp15"يشارك بشكل مباشر في استنساخ الفيروس، لكن في الآونة الأخيرة، اقترحت الدراسات العلمية أن البروتين الظاهر في فيروس "كورونا" المستجد يساعد الفيروس على التكاثر وزيادة قدرته المضادة لجهاز المناعة.
كما زادت البروتينات التي يحملها الفيروس قدرة على المرونة للتكيف مع التغيرات المناخية، وتم فحص حساسية النسخة الثانية لفيروس" SARS-CoV" او "كورونا" المستجد لدرجة الحرارة. وأثبتت الدراسات أن الفيروس يتمتع بحماية لطالما كان مرتبطًا بالبروتينات.

لا علاج أو لقاح متاح لمكافحة عدوى كورونا
لا يوجد علاج أو لقاح متاح لمكافحة عدوى "كورونا"، ففي حالة فيروسات "كورونا" السابقة التي لم ترتق لأوبئة على غرار المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (SARS-CoV)، تم استخدام مناهج علاج مختلفة، لكن لم يكن أي منها ناجحًا حقًا، اذ كان العلاج في الأساس تجريبيًا لأعراض الفيروس ويعتمد على شدة المرض.
ومع الأخذ في الاعتبار النقص المستمر في العلاجات المضادة لفيروسات "كورونا" لأنه في الواقع، لا يوجد علاج محدد متاح لمكافحة عدوى الفيروسات التاجية، فإن خصوصيات فيروسات "كورونا" (أي قدرتها على الإمراض ومقاومتها البيئية المحتملة) تجعلها نموذجًا صعبًا لتطوير كفاءة وسائل الوقاية لمنع الانتشار البيئي لهذه العوامل المعدية.
وتعرف عائلة فيروسات كورونا، والتي تتميز بخصوصية الفيروسات التاجية البشرية (HCoV)، تاريخياً بأنها مسؤولة عن جزء كبير من نزلات البرد الشائعة وغيرها من التهابات الجهاز التنفسي. ومن المعروف أن فيروسات "كورونا" متورطة في أمراض تنفسية أكثر خطورة، مثل التهاب الشعب الهوائية أو التهاب القصيبات أو الالتهاب الرئوي، وبخاصة عند الأطفال حديثي الولادة، وكبار السن ومرضى نقص المناعة. وقد سجلت أول عدوى فيروسية في المستشفيات في الفترة 2002-2003، تفشى فيروس المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) أو (سارس -CoV) وأدى إلى وعي جديد بالأهمية الطبية والبحثية بمسببات وأعراض فيروسات عائلة "كورونا". هذا الفيروس الذي كان مسؤولاً عن مرض ناشئ حينها بين البشر مع ارتفاع خطر تسببه في الوفاة كان بحاجة ملحة لأساليب جديدة في مقاومته ومعرفة طرق العدوى به وبشكل رئيسي طرق الوقاية منه مستقبلاً.

اهمال دولي
يعود تأخر استجابة العالم لإيجاد لقاح فعال لفيروس "كورونا" المنتشر لإهمال دولي او محدودية الاستثمار الطبي منذ 2003 في إيجاد لقاحات فعالة لعائلة فيروسات "كورونا" التاجية القاتلة.
فبعد فشل أغلب التجارب خلال نحو 17 عاما الأخيرة لإيجاد لقاح لأول أنواع للفيروسات التي ظهرت منذ 2002 (سارس) في الصين، يحير فيروس"كوفيد 19" العلماء والباحثين ويجعل مهمتهم أصعب من أي وقت مضى في سرعة التوصل الى مصل أو لقاح شافي 100 في المائة في الوقت القريب من هذا الوباء. حيث قد تستغرق التجارب السريرية لأكثر من لقاح أشهر قد تمتد الى الشتاء المقبل.
وقد فشلت أغلب التجارب المخبرية لعلاج أسباب واعراض فيروسات عائلة "كورونا" منذ ظهور ثلاثة أنواع غامضة المنشأ والتطور منها منذ 2020 من خلال فيروس "سارس"، و2012 "ميرس"، و2019 فيروس "كوفيد 19" في الصين وفي الذي انتشر عبر العالم كوباء.
هل يكون الوباء موسميا؟
على مدى العقدين الماضيين، ظهرت ثلاثة نسخ من فيروسات حيوانية تسبب أمراض بشرية قاتلة: فيروس "سارس" التاجي الذي تم اكتشافه في نوفمبر 2002، متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس) في يونيو 2012؛ وتم تسميته مبدئيًا" 2019-nCoV"أو "كوفيد 19" الذي ظهر في الصين حديثا وانتشر كوباء منذ ديسمبر 2019 بعد تسلسل عينات سريرية من مجموعة من المرضى الذين يعانون من الالتهاب الرئوي في مدينة ووهان الصينية.
ومن الملاحظ أن هذه الفيروسات قد تم تحديدها في جميع أنحاء العالم، وهي تسبب عدوى الفيروس التاجي البشري بشكل رئيسي في فصل الشتاء، مع فترة حضانة قصيرة، وتنتشر بين المرضى الذين يعانون من عدوى الجهاز التنفسي، اعتمادًا على السلالة الوراثية للمصابين،وتحتل الفيروسات التاجية المرتبة الرابعة أو الخامسة، خلف فيروسات الأنفلونزا الموسمية.
وفي حين كانت فيروسات كورونا الأكثر فتكا محدودة الانتشار كـ (SARSسارس 2002) و(MERSميرس 2012) وليس لديها القدرة على الانتشار الواسع لتصل الى أوبئة، فاجأت النسخة الجديدة المتطورة لفيروس"كورونا" المستجد، العلماء بتطوير قدرته على الانتشار السريع والعدوى ليرتقي بعد 18 عاماً من ظهوره بنسخه المختلفة وخلال مراحل التطور الى مصاف الأوبئة الرئيسية عالمياً، وقد تتحمل الدول ومنظمة الصحة العالمية والعلماء جزءا من مسؤولية تحول النسخة المستجدة وباء، حيث ترك الفيروس من دون دراسات معمقة وكافية لمسبباته وعلاجه ومستقبل تطوره حسب اختلاف الحاضنة الحيوانية له والبيئة التي ينشأ فيها.
آخر الأخبار