الأحد 22 سبتمبر 2024
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
التوازن بين حاجة الأطباء إلى الطمأنينة… والمريض إلى الحماية
play icon
كل الآراء

التوازن بين حاجة الأطباء إلى الطمأنينة… والمريض إلى الحماية

Time
الأحد 01 أكتوبر 2023
View
170
إبراهيم السعيدي

قبل عام 2020 كان إثبات المسؤولية الطبية من أشق القضايا التي يواجهها المحامي، فمن المبادئ المستقر عليها، فقها وقضاء، وتواترت عليها احكام محكمة التمييز ان "المناط بمسؤولية الطبيب عن خطئه المهني، ان يثبت بصورة أكيدة واضحة انه قد خالف في سلوكه، عن جهل أو تهاون، أصول الفن الطبي الثابتة وقواعده العلمية الاساسية التي لا مجال فيها للجدل أو الخلاف".
ويفسر القضاء هذا المبدأ ويبرره على انه "يتعين اقامة التوازن بين حاجة الاطباء الى الطمأنينة والثقة والحرية في مزاولة أعمالهم، وبين حاجة المريض الى الحماية".
يراجع في ذلك الطعن"رقم 46 /2010 جلسة 20/11/2012" إلا أن في مجال التطبيق العملي للقانون رقم 70 لسنة 2020 في الباب الخاص في جهاز المسؤولية الطبية، تحول الاستثناء قاعدة والقاعدة استثناء، ما أدى إلى إهدار الضمانات التي قدمها القانون للأطباء، بما يمنحهم الثقة والحرية في مزاولة عملهم.
هنا نحاول أن نعرض بصورة مبسطة خطورة هذا المسلك في تطبيق نصوص القانون نصت المادة 39 من القانون سالف الذكر على أن يشكل رئيس الجهاز لجنة، أو لجان لنظر الموضوعات المحالة إليهم من الجهات المشار إليها، على أن يكون أعضاؤها من ذوي الخبرة والاختصاص فيما يعهد إليهم وذلك على النحو الآتي:
-1 ثلاثة أطباء متخصصين، أو لديهم الخبرة الطبية الكافية للبت في الموضوع المعروض على الجهاز.
-2 محام من إدارة الفتوى والتشريع لا يقل مستواه عن مستشار مساعد، أو أستاذ في القانون من إحدى كليات الحقوق والقانون، أو أي متخصص في مجال القانون ذي خبرة عملية أو مهنية، لا تقل عن خمس عشرة سنة.
-3 خبير طبي من إحدى كليات الطب متخصص، أو لديه خبرة في مجال الموضوع المعروض على الجهاز.
-4 طبيب مختص في مجال الصحة المهنية.
-5طبيب شرعي.
ويخصص الجهاز لكل لجنة باحثاً قانونياً لمعاونتها في الإجراءات القانونية، وموظفاً إدارياً لأعمال السكرتارية.
ويجوز لرئيس الجهاز تغيير عدد أعضاء اللجنة بشرط ألايقل عددها عن خمسة، وأن يكون تشكيلها فردياً من بينهم الفئات المشار إليها في هذه المادة،
وبتتبع نص المادة المذكورة يتضح لنا أن الأصل هو ثلاثة أطباء متخصصين، أو لديهم الخبرة الطبية الكافية للبت في الموضوع المعروض على الجهاز.
والاستثناء هو الطامة الكبرى اذ ان أجازت المادة لرئيس الجهاز تغيير عدد أعضاء اللجنة بشرط ألا يقل عددهم عن خمسة من بينهم الفئات المشار إليها.
ولأن العدد المتكرر هو عدد الأطباء المتخصصين فقط، أما باقي الفئات لا يمكن تغيير عددهم، لأنه عنصر واحد فقط، "وهذا ما يتم فعليا بعد اطلاعنا على العديد من التقارير الطبية بمناسبة قضايا معروضة علينا".
ولما كانت القرارات تصدر بالأغلبية وفقا لنص القرة الأخيرة من المادة 44 من القانون ذاته، فمن الطبيعي بإعمال هذا الاستثناء سيكون القرار الصادر من اللجنة قد "لا" يكون رأي الطبيب المتخصص من بينهم، وهنا الكارثة الحقيقية.
فلو افترضنا أن اللجنة مشكلة من الفئات الخمسة المذكورة في المادة سالفة الذكر، وهي مشكلة من الآتي: الطبيب المختص، محامي الفتوى، دكتور الجامعة، الطب الشرعي، الصحة المهنية.
وقد صدر القرار بالأغلبية بموافقة محامي الفتوى، الطب الشرعي، الصحة المهنية، ورفض التقرير الطبيب المتخصص ودكتور الجامعة، فالسؤال هل يعتبر التقرير صحيحا من عدمه؟
أنه وفقا للمادة سالفة الذكر فإن القرار يعد صحيحا من الناحية القانونية، فقد تم بالأغلبية المنصوص عليها،
فهل يعقل أن يحاسب دكتور عن خطأ طبي برأي من هم ليس لهم شأن في تخصص الطبيب المشكو في حقه، وهل يتوافق ذلك مع ما استقر عليه القضاء في أن المسؤولية الطبية تقوم بمخالفة أصول الفن الطبي، وقواعده العلمية الأساسية التي لا خلاف عليها، ولا جدل؟
المصيبة الأكبر أن الطبيب المشكو في حقه لا يعلم من وافق على هذا التقرير من عدمه، وهل وافق عليه الطبيب المتخصص كأحد أعضاء اللجنة، أم رفضه وصدر القرار بأغلبية المذكورين الثلاثة، دون المتخصصين؟
ونقول في الختام لأطباء جراحة القلب: من الممكن أن يحكم على عملياتكم، ويقرر أنكم قد ارتكبتم خطأ طبياً من محام وطبيب شرعي وطبيب صحة مهنية.
محام كويتي

إبراهيم السعيدي

آخر الأخبار