منوعات
"الجاثوم".. أشباح وهواجس تقلق نومك
الأربعاء 03 يوليو 2019
20
السياسة
القاهرة - مي مجدي:ينتاب البعض أحيانا أثناء نومه حالة لا يستطيع فيها الحركة، أو الكلام، أو الاستنجاد أو حتى الاستيقاظ رغم أنه يكون لديه الشعور بالوعي، وغالبا ما يحدث ذلك عندما يكون الإنسان بين مراحل اليقظة والنوم، يستمر بضع ثوان حتى بضع دقائق، هذا النوع من الشلل يعرف باسم "الجاثوم".وحــــــــول أسباب الإصابة بالجاثوم والأعراض وطرق العلاج، التقت"السياسة"عــــــــددا من الأطباء والمختصين النفسيين، فأكدوا أنه يمثل أحد أشكال الاضطرابات التي ينجم عنها حالة من الاختناق والشلل وعدم القـــــدرة على الحركة أثناء النوم، مشيرين في الوقت نفسه أنه ليس مرضـــا خطيرا ولا يتسبب في الوفاة، وفيما يلي التفاصيل: تقول مي عبد الرحمن، وهي ربة منزل: كانت هذه الحالة تنتابني قبل الزواج، وتحديدا عندما كنت أنام على ظهري، إذ أشعر بأن هناك من يحاول خنقي وشل حركتي، بصورة تجعلني غير قادرة على الحركة أو حتى القدرة على الصراخ للاستنجاد بأحد، كل ما استطيعه هو مواصلة ذكر الله حتى اتحرر من هذه الحالة.وتضيف الطالبة الجامعية ندى حسين القول إن هذه الحالة حدثت لها أكثر من مرة وازدادت حالتها سوءا خاصة في الأعوام الأخيرة، دون معرفة السبب وراء ذلك، ودون سابق انذار، فجأة تشعر بجسدها أصبح مشلولا، وغير قادرة على فتح عينيها، الأمر الذي أصابها بالهلع خصوصا أنها إذا أرادت أن تنادي على أحد لا تستطيع فتح فمها، وغالبا يحدث لها ذلك عندما تمر بيوم شاق ومتعب أو تكون في حالة من التفكير المستمر قبل أن تخلد إلى النوم. اختناق و شللويقول استشاري الطب النفسي الدكتور محمد هانى: الشلل الذي يحدث للإنسان أثناء فترة الدخول في النوم يعد أحد أشكال الاضطرابات، الذي ينتج عنه حالة من الاختناق أو الشلل، وعدم القدرة على الحركة أثناء النوم، هذا الاضطراب يصيب العضلات عند أول لحظات الاستغراق في النوم أو الاستيقاظ منه، ويمنع الشخص من الحركة أو حتى الكلام، ويمكن للفرد أن يصاب بنوع من الهلوسة البصرية أو السمعية أثناء هذا الشلل. وأشار إلى أن أعراض شلل النوم تتمثل في فقدان التركيز،وتعبيرات الوجه تدل على الإرهاق الشديد جدا،وعدم القدرة على الحركة خلال فترة النوم، وغالبا ما تتمثل أسباب الإصابة بالشلل في اضطرابات نفسية من حجم المشاكل التي يعاني منها الشخص في حياته أو خلال يومه، وكثرة التفكير في الضغوط الحياتية حتى في فترة النوم، والشعور بالإحباط الذي يصل إلى حد الاكتئاب، والاختلال المزاجي أي عدم القدرة على الاستمتاع بأي شيء في الحياة.يضيف: حينما يبدأ الإنسان بالتفكير في مشاكله مع بداية فترة الدخول في النوم مباشرة يتعرض تدريجيا لشلل النوم الذى يجلب له بعض التهيوءات بأن المشكلة كبيرة ومعقدة لا يستطيع حلها ويستيقظ أيضا في حالة من الانزعاج والتوتر. ويمكن تجنب الإصابة به من خلال التفكير في المشاكل فى ساعات اليوم وليس قبل النوم، لأن تلك الفترة التي يحصل فيها الفرد على الراحة، ممارسة الاسترخاء البدني والذهني قبل النوم، يمكن ممارسة التأمل الوجداني والتفكير في الأمور الإيجابية التي تجعل الفرد لديه قدرة على الاستمتاع بوقته بشكل أكبر.تجربة مرعبةوتشير اختصاصي الطب النفسى الدكتورة شيماء عرفة، محللة لغة الجسد، أن الشلل النومي أو كما يعرف علميا باسم "الجاثوم"، تجربة مرعبة تحدث بسبب عدم الانتظام في النوم،اضطراب الساعة البيولوجية للمخ، وضعية النوم غير المريحة، تناول الأدوية المهدئة والمنومة،وإدمان المخدرات. وقد كشفت الأبحاث أن أربعة من كل 10 أشخاص يعانون من شلل النوم، و غالبا يصاب به الشباب فى سن المراهقة، لكن بشكل عام يمكن أن يحدث لأي فئة عمرية، اذ وجدت هذه الأبحاث أن 2 في المئة من الأشخاص يتعرضون لشلل النوم على الأقل مرة شهريا، ويتعرض 12 في المئة من الأشخاص لهذه الأعراض مرة خلال فترة الطفولة،مؤكدة بأنه لم يثبت حدوث حالة وفاة بسبب شلل النوم، لأن الحجاب الحاجز لا يتأثر، ويبقى التنفس ومستوى الأوكسجين في الدم طبيعيا، وعند أكثر المصابين يكون شلل النوم هو العرض الوحيد، لكن في بعض الحالات يكون مصحوبا باضطراب يعرف باسم النعاس أو النوم القهري.تتابع: لا يمكن اعتبار شلل النوم مرضا خطيرا، بل ظاهرة من ظواهر النوم المعروفة، ولايوجد دليل يؤكد خطورته على الجسم أو تسببه في الوفاة لاستمرار أداء عضلة الحجاب الحاجز واستقرار وظيفة التنفس، لذلك لا تحتاج أغلب حالات شلل النوم إلى علاج محدد، لأن معظمها يكون نادر الحدوث. ونصحت عرفة بضرورة صفاء الذهن وتهدئة الأعصاب، أثناء الإصابة بشلل النوم ومحاولة تحريك عضلات الوجه والعينين من جهة لأخرى،ومحاولة الحصول على القدر الكافي من النوم،والحفاظ على جدول نوم واستيقاظ منتظم.الحامل و"الجاثوم"يشير الدكتور جمال فرويز، استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية، إلى أن بعض الحالات يكثر فيها الإصابة بشلل النوم، منها حالات الحمل، حيث تعد الحامل أكثر عرضة للإصابة بـ " الجاثوم" لعدم قدرتها للحصول على قسط كاف من النوم خلال الليل بسبب شدة التعب من الحمل، ويمكنها فى هذه الحالة تعديل نمط الحياة لأن هذا يقيها من المضاعفات، ويمكن أيضا أن يسبب لها انسدادا بمجرى الهواء العلوي أثناء النوم كليا أو جزئيا ويحدث انقطاعا للتنفس، فى هذه الحالة تحتاج لعلاج طبي لأنها تشكل خطرا على حياتها، خاصة إذا تعرضت له أكثر من مرة.ويضيف: هذه الحالة تصنف نوعا من أنواع الهلوسة، اذ يعتقد الشخص أنه كان ضحية تعنيف من طرف آخر أو شخص موجود معه في الغرفة مما يزيد شعوره بالقلق خوفا من البقاء مشلولا طيلة حياته، كما أن دماغ الشخص فى هذه الحالة يكون مستيقظا، لكن الجسم يكون في حالة النوم، فهو لم يصل إلى مرحلة النوم الدائمة التى تكون بها العضلات في حالة استرخاء تام.وتابع يحدث غالبا قبيل الاستيقاظ من النوم مباشرة،ونادرا ما يحدث بعد الخلود للنوم، كما تتعامل معه بعض الدراسات على أنه حالة من الانفصال بين الدماغ والجسم، مع الأخذ في الحسبان أن شلل النوم يمكن أن يتحول إلى حالة من اليقظة فيصبح مثل الكابوس ينبض بالحياة، وهذا لا يعد بالحالة النادرة لأن ما بين 20 و30 في المئة من البشر عامة يتعرضون له مرة واحدة على الأقل في حياتهم، اذ يشعر الشخص بضغط في الصدر،الاختناق،التشنجات في الذراعين والساقين.ويؤكد أن الإجهاد أو أي شيء من شأنه أن يعطل دورة النوم يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة به، كما أن الشخص الذي يصاب به يكون لديه خوف وهاجس من الدخول في النوم، فيجبر نفسه على الاستيقاظ، كلما كان النوم أقل ازدادت الضغوط وهو ما يؤدي لزيادة احتمال حدوث الشلل. ولفت إلى أن تأكيد الباحثين بأن أغلب الأشخاص الذين يمرون بالجاثوم يتعرضون لنفس الأحاسيس المرعبة والعوارض الجسدية التي لا يمكن نسيانها على الإطلاق، لذا اطلقوا نظرية علمية تفسر سبب حدوثه، فهو عبارة عن خلل يحدث خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة، حيث يقوم الدماغ بشل جميع عضلات الجسد حتى لا يقوم النائم بالتفاعل جسديا مع أحلامه، لكن في حالة حدوث الخلل واستفاق النائم خلال مرحلة الشلل فإنه لن يستطيع الكلام أو الحركة بسبب استمرار الدماغ في شل جسده.ويوضح أن الباحثين أثبتوا أنه مهما كان التشابه بين شهادات الاشخاص الذين يتعرضون لشلل النوم إلا أن وجود تجربتين متطابقتين أمر مستحيل تماما مثل الأحلام، فشلل النوم وما يتم التعرض له خلال هذه التجربة ما هو إلا انعكاس لأفكار وأحاسيس الشخص النائم، إنه بجميع الأحوال تختلف من شخص لآخر حسب الأفكار التي تدور في دماغ كل شخص،حجم الضغوط،المشاكل التي يمر بها باختلاف أنواعها.عادات النوموتقول الخبيرة النفسية والاجتماعية د. هبة سامى: يمكن أن يحدث شلل النوم في أي وقت خلال الليل أو النهار، يتعرض له جميع الأشخاص باختلاف أعمارهم، لا يوجد علاقة بين شلل النوم والنظام الغذائي أو المزاج العام، من الممكن أن يصاب به طفل في التاسعة من عمره، ثم تتكرر هذه الحادثة وهو في سن الشيخوخة على سبيل المثال، يمكن أن تتكرر الحالة أياما متتالية ثم تتوقف فجأة،دون تفسير أو مقدمات، لا يوجد أي تفسير علمي لذلك. وتضيف أن "المتفق عليه أن هذه التجربة مخيفة جدا، لأن الدماغ يكون في كامل وعيه، أما الجسد فغير متصل بالدماغ ولا يخضع لإرادته، رغم ذلك يوجد أشخاص استطاعوا تحرير أنفسهم من هذا الشلل المرعب من خلال تحريك أصابع أيديهم وأرجلهم أو حتى محاولة الجلوس في السرير". وأشارت إلى أن بعض الأبحاث التي أجريت في هذا الصدد تؤكد على ضرورة قيام الأشخاص الذين يتعرضون لـ "الجاثوم" بتحسين عادات النوم،وأن لا يقل نومهم عن 8 ساعات يوميا،التخلص من جميع الأفكار المرهقة للذهن والمشاكل التي تشغل تفكيرهم، استخدام الأدوية المضادة للاكتئاب اذا تكررت الحالة أكثر من مرة، علاج أية مشاكل صحية عقلية، علاج اضطرابات النوم الأخرى مثل تشنجات الساق.تتابع: إذا وجد الشخص نفسه غير قادر على الحركة أو التحدث لبضع ثوان أثناء النوم أو عند الاستيقاظ، فمن المحتمل أن يعاني من شلل النوم المتكرر ويفضل الذهاب إلى الطبيب للتحدث حول هذه الأعراض ومعرفة طرق العلاج، لافتة إلى تأكيد الباحثين بأنه قد يحدث بسبب انقطاع التنفس النومي،ووضعية الوجه لأعلى أثناء النوم،انحراف الحاجز الأنفي،وعدم انتظام مواعيد النوم ونقص الأكسجين عن المخ،والضغوطات المتزايدة،وتغييرات فجائية في البيئة المحيطة،وإدخال تغييرات في أسلوب الحياة،العقاقير المنومة،أو استخدام عقاقير هلوسة. وذكر الباحثون أيضا أن هذا الشلل قد يحدث للشخص وعيناه مفتوحتان أو مغمضتان وإن كان يعد مخيفا جدا عندما تكون العينان مغمضتين، لكنه لا يقارن بنفس التجربة والعينان مفتوحتان، ورغم إجماع العلماء على أن سببه حدوث خلل في مرحلة نوم حركة العين السريعة، إلا أنه لا يوجد تفسير علمي للكم الكبير من الشهادات حول الشعور بقوى غير طبيعية في نفس غرفة النوم أثناء التعرض له، يمكن أن نعتبر هذه الشهادات نوعا من أنواع الهلوسة لكن المؤكد أن معظم هؤلاء شعروا بوجود نوع من الأرواح الشريرة حولهم أثناء تعرضهم للشلل.