بيروت ـ "السياسة": بعثت "بروفة" التوترات الأمنية التي حصلت في بيروت، وعاصمة الشمال طرابلس، عقب تقديم الرئيس سعد الحريري اعتذاره عن تشكيل الحكومة، برسائل مقلقة للغاية من خطورة ما ينتظر لبنان الغارق في الأزمات والفوضى حتى الثمالة، تزامناً مع تحذيرات على قدر كبير من الأهمية صدرت عن قائد الجيش العماد جوزف عون، معطوفة على قلق أميركي واضح على الأوضاع الأمنية في لبنان، إثر إخفاق الطبقة السياسية في تأليف حكومة. وفي السياق، قال قائد الجيش جوزاف عون، إن الوضع "يزداد سوءا"، وأن "الأمور آيلة إلى التصعيد"، مشددا على أن "الأمن خط أحمر"وأضاف أن مسؤولية المؤسسة العسكرية "كبيرة في هذه المرحلة، ومطلوب منا المحافظة على أمن الوطن واستقراره ومنع حصول الفوضى".واضاف أن معاناة الشعب اللبناني "تزداد على مختلف الصعد، في ظل تردي الوضع الاقتصادي".وخاطب عدد من أفراد الجيش، قائلا: إن ثمة "تحديات كثيرة" تنتظرهم، وإن قيادة الجيش تتابع أوضاعهم "عن قرب، ونسعى بكل جهودنا عبر التواصل مع الدول الصديقة والشقيقة، إلى طلب المساعدات وتوفيرها لكم". ووصف عون ما تمر به البلاد بأنه "أزمة مرحلية وستمر"، مشددا على أن "الجيش هو الرادع للفوضى".من جانبه، حذّر "الاتحاد العمالي العام" في بيان، من أن "الفقير والعامل يقترب من الموت المحتم والوطن يقترب من الانفجار الكبير". وقال: "ندق ناقوس الخطر، فبعد المحروقات يأتي الدواء، وغدا من جديد السلع الأساسية والرغيف ومؤسسات تتداعى والغياب كلي والجميع بإجازة"، مضيفاً، "مرّة جديدة نرى المواطن اللبناني عالقا في كماشة الموت".وحذرت في الوقت نفسه نائبة مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، دانا ستراول، من "أن تؤدي الأوضاع الاقتصادية في لبنان إلى تدهور أمني"، مؤكدة، من ناحية أخرى، أن "حزب الله نجح في إبقاء لبنان ضعيفا".
وأعربت المسؤولة الأميركية، عن قلقها من مواجهة الجيش اللبناني للمتظاهرين في الشارع، مؤكدة أن "المؤسسة العسكرية لا تزال تحظى بدعم غالبية اللبنانيين".وشددت ستراول على أن "الولايات المتحدة تركز على دعم الجيش اللبناني الذي يقوم بمهمة بالغة الأهمية، بسبب إخفاقات الحكومة اللبنانية في تقديم المساعدات الإنسانية لاسيما بعد انفجار المرفأ". وأكدت أن "البنتاغون يراقب الوضع عن كثب ويشجع قادة لبنان على اتخاذ خطوات الآن لمنع اندلاع هذا النوع من العنف". وأعلنت سفارة واشنطن في لبنان، ببيان، "التزام الادارة بتلبية الاحتياجات الإنسانية الملحة في لبنان قائلة: "نبذل قصارى جهدنا لدعم اللبنانيين وعائلاتهم ونقدر شراكة المؤسسات ذات الثقة كبرنامج الاغذية العالمي".ووسط هذه الأجواء القاتمة، أشارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، إلى أن 77% من الأسر اللبنانية لا تجد ما يكفي من المال لشراء الطعام خلال الشهر الحالي. وجاء ذلك في سياق تقرير نشرته صحيفة "التايمز" البريطانية تناول الأوضاع المعيشية المتردية في لبنان، تحت عنوان "المواد الغذائية والأدوية تنفد في لبنان وسط انهيار الاقتصاد".وفي الإطار عينه، أكد المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي ممثل المجموعة العربية في مجلس إدارة الصندوق محمود محيي الدين أن "وجود حكومة لبنانية كاملة الصلاحيات الدستورية شرط ضروري وأساسي لبداية أي تفاوض مع صندوق النقد الدولي بخصوص برنامج للتعاون، في ظل الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة التي يشهدها لبنان".وبانتظار أن تحدد رئاسة الجمهورية موعداً للاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون، لتسمية رئيس مكلف جديد، لا يبدو أن هناك من الاسماء السنية التقليدية من هو مستعد لتولي هذه المهمة، وعلم أن نائبي بيروت وطرابلس فؤاد مخزومي، وفيصل كرامي، لا يمانعان تولي المسؤولية، وإنما بشروط. وشنت عضو كتلة المستقبل النائب رولا الطبش، هجوماً قوياً على الرئيس عون، وكتبت عبر "تويتر": "يستحق رئيس الجمهورية صفة مخرّب لبنان". وأضافت: "يبدو أن عون سيدخل مجدداً لعبة التأليف قبل التكليف بحثاً عن "باش كاتب".ميدانياً، عاد الهدوء، أمس، إلى منطقة جبل محسن، في طرابلس، وسط انتشار كثيف لوحدات الجيش في مختلف شوارع المدينة، بعد احتجاجات عنيفة بين على تردي الأوضاع المعيشية وفقدان البنزين والمازوت.