الأربعاء 14 مايو 2025
38°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الحاسة السادسة ... مرآة الروح

Time
الثلاثاء 12 مارس 2019
View
70
السياسة
القاهرة - محمد فتحي:


كثيرا ما نسمع أن هناك من استطاع أن يتنبأ بشيء ما واتضح أنه صحيح، أو هناك من يدرك أشياء تحدث بعد ذلك ويكون مبررها أنها الحاسة السادسة، وهناك من ينفي وجود ذلك، لكن الدراسات الحديثة أثبتت حقيقة وجود الحاسة. وقد كشفت دراسة أميركية أن هذه الحاسة التي يمتلكها الإنسان والتي يعرفها العلم بالحس العميق قائمة بحد ذاتها ولها أسس جينية. وتعتبر شعورا فطريا مثل باقي الحواس. وهناك دراسات فسرت وجود هذه الحاسة.
" السياسة" تستعرض تلك الدراسات وتستطلع آراء نماذج ممن لديهم هذه الحاسة وآراء أطباء مخ وأعصاب.

كشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في المركز الطبي البديل أن الحاسة السادسة أو الإحساس العميق والتي تعرف باسم Proprioception تشير إلى مدى إدراك الدماغ لموضع الجسم أو أحد أجزائه في مكان معين، أو القدرة على الإدراك الخفي لعالم الغيب، وهي حاسة قائمة بحد ذاتها ولها أسس جينية، وذلك لارتباطها بجينPIEZO2، وقد يؤثر فقدان هذا الحس سلباً على تنسيق الإنسان لحركاته بمجرّد الخلل في جين PIEZO2.
وتوصل الباحثون إلى هذا الاكتشاف بعد اجرائهم تجربة على شابين بعمر التاسعة والتاسعة عشرة، وكانا يتشابهان من ناحية المرض الجيني النادر ومن ناحية انحراف العمود الفقري لديهما وشعورهما بصعوبة المشي، ومعاناتهما من النقص الجزئي في حاسة اللمس، ومن ضعف الإدراك اللاشعوري للحركة، وللتوجه في البيئة المحيطة، وعند تحفيزهما على المشي في مسعى للمس أنف كل واحد منهما، بحالة العيون المفتوحة، تمكّنا من النجاح في الاختبار بينما فشلا بالقيام بهذه المهمّة عند الطلب منهما بإغماض العينين.
وبينت النتائج أن احد الشابين شعر أثناء التجارب بأن تمشيط شعره بفرشاة كان لاذعاً ومزعجاً، بينما الآخر لم يمتعض من تمشيط راحة كفّ يده، إنما كلاهما لم يشعر إطلاقاً باهتزازات آلة الشوكة الرنّانة على جلده فيما هما لا يعانيان من أي خلل في الجهاز العصبي. وفسّر القائمون على هذه الدراسة هذه الاختلافات الحسّية بين الشابين في أن العمى الجلدي الجزئي حصل لديهما نتيجة العيوب في البروتين الخاص بجين PIEZO2.
توصل باحثون بجامعة واشنطن إلى أن الحاسة السادسة موجودة تحديداً في قشرة المخ، وهي مسؤولة عن إطلاق إنذار عند شعـور الإنسان بالخطر الذي يزيد في حالة المرأة أكثر من الرجل، وأوضح الباحثون أن تلك القشرة مرتبطة ببعض الاضطرابات العقلية، مثل الشيزوفرينيا والاضطراب العدواني القهري.

قرارات معينة
ترتبط بهذه الدراسة دراسة حديثة لمعهد الطب النفسي بجامعة لندن، حيث وجد الباحثون في المخ البشري قشرة داخلية طوقية، تطلق بالفعل مجالاً مغناطيسيا غير مرئي، يمكنه أن يحدث تيارات كهربائية في الدماغ تحاكي إشارة رسم المخ الكهربائي، وعند تلقي هذه الإشارات المختلفة يتم تحويلها إلى توجهات تساعدنا في اتخاذ قرارات معينة، وتلك القشرة الداخلية الطوقية مرتبطة بشدة مع المشكلات العقلية الخطيرة، التي قد تصيب البعض، والمسؤولة في نفس التوقيت عن ظواهر "الباراسيكولوجى" وهي التي تجعل بعض الأفراد يتمتعون بتلك القدرات، أو ما نطلق عليه نحن قدرة الإدراك الخفية، والحاسة السادسة أو "ESP"، وتعرف بأنها القدرة على إدراك عالم الغيب خارج الحواس، أو القدرة على رؤية الأشياء قبل حدوثها.

أعصاب مسؤولة عن الحاسة
أثبتت دراسة فرنسية أخرى أن الدماغ يتأثر بشكل مباشر ويكرس المزيد من الجهد للمؤشرات التي تدل على وجود تهديد، ويؤكد الباحثون القائمون على هذه الدراسة وجود الحاسة السادسة بالفعل من خلال توصلهم إلى مناطق معينة من الدماغ توجد بها أعصاب مسؤولة عمّا يسمى الحاسة السادسة تترقب وقوع مكروه وترصده قبل حدوثه بـ 200 جزء من الثانية.
وأوصى الباحثون بأهمية السيطرة على المشاعر التي قد يصاحبها التوتر والقلق من خلال اللجوء إلى الاسترخاء واستخدام أساليب متعددة للتخفيف من وطأة التوتر وتأثيره السلبي الذي قد يشكّل تهديدًا مؤرقًا في الحياة اليومية.

تجارب
يقول أحمد مختار: حلمت بأحد أصدقائي يقابل صديقا آخر ويتحدثان في موضوع معين، وعندما أخبرته بالحلم أكد لي أن هذا حدث بالفعل وليس مجرد حلم. كما أني أحيانا أشعر بأني أتوقع أشياء تحدث بالفعل، وعلمت بعد ذلك أنها الحاسة السادسة، وأني من الممكن أن أخمن حدوث بعض الأشياء، ولكن في الحقيقة أن الأمر يتوقف عند التوقّع من دون أن أغيّر في سير الأحداث.
مصطفى محمد: لا أشعر بأني لديّ حاسة سادسة ولكن لدى والدتي، فأجدها تتصل بي لتطمئن عليّ لأني مريض من دون أن أخبرها بذلك، رغم أنني في مكان بعيد، وذات مرة وجدتها تأتيني على عجل لأنها شعرت بأني مريض وكنت وقتها في المستشفى، ونعلم جيدا أنها لديها الحاسة السادسة التي تنبئها بأحوالنا أنا وأخوتي.
أما صفاء رمضان فتقول: أشعر دائما بأن هناك أشياء إذا فعلتها ستسبب لي خطرا أو شيئا ضارا، لدرجة أني كنت أشعر بأني لو ركبت إحدى السيارات سيحدث شيء خطر، وبالفعل علمت بعدها أن هذه السيارة تعرضت لحادث، وأشياء عدة من هذه الأشياء، وعندما بحثت وجدت أنها الحاسة السادسة التي يتحدثون عنها، وتعلمت من ذلك أني عندما أشعر بأن قلبي مقبوض من شيء ما لا أفعله أبدا.
إنذار د. إبراهيم مختار، أستاذ المخ والأعصاب بجامعة الأزهريفسر كيفية حدوث ذلك، ويقول: ما يحدث هو أن الدماغ يطلق إنذاار ناحية الأخطار، حيث يزيد نشاط الجزء المسؤول عن هذه الحاسة وقت وقوع الإنسان في خطر أو خطأ ما،أو لحظة اتخاذ قرارات مصيرية مهمة، ما يجعل هذا يدرك، من تلقاء نفسه، وقت حدوث الخطر ويبدأ بالشعور به، فيخزن الدماغ جميع المعلومات المرتبطة بأحداث مختلفة وتخزينها به، وحين تتكرر ملابسات تلك الأحداث السابقة، يقوم العقل باستنتاج منطقي لما يحدث من خلال ما لديه من معلومات مخزنة عن الأحداث السابقة، فهناك ما يسمى بالفص الصدغي بالدماغ، وهو المسؤول عن تخزين الذكريات والعواطف والأحاسيس، وحينما يحدث به سوء استقبال للمعلومات، يرى الفرد أن المواقف والأماكن التي هو موجود بها في تلك اللحظة، قد عايشها ورآها من قبل، وهو ما يفسر ما ذكرته الدراسة البريطانية من أن هناك قشرة داخلية بالدماغ تطلق مجالا مغناطيسيا غير مرئي أو إشارات يتم تحويلها إلى توجهات تساعدنا في اتخاذ قرارات معينة، وبجانب ذلك يستطيع الإنسان أن يرسل إشارات حسية إلى الغير، كما يمكنه أن يستقبل منه إشارات، مّا يتيح له أن يشعر بالأحداث أثناء أو قبل وقوعها، وهذه العملية تعتبر نوعا من أنواع التخاطب عن بعد، وتحدث بشكل لا إرادي ولا علاقة لها بصفة ما أو بسن ما أو شخص محدد. ويرى بعض العلماء أن أغلب الناس لديهم حاسة سادسة، حيث تنشط في الشخص ذاته أحياناً وتصاب بالخمول في أوقات أخرى، والأمر هنا يرتبط بالمحيط النفسي والاجتماعي الذي يعيش فيه الإنسان، فكلّما كان الفرد يعيش في حالة صفاء ذهني ومزاجي وكانت أعصابه هادئة من دون أية مشكلات، كانت حاسته السادسة قوية.

إحساس فطري
يقول د. يحيى الرخاوي، أستاذ الطب النفسي بطب القصر العيني والطبيب النفسي: الحاسة السادسة إحساس فطري بعيد عن المنطق، ويمكّن صاحبه من معرفة المجهول والتنبؤ بالمستقبل، وأغلب الناس يملكون هذه الحاسة وبدرجات متفاوتة، والمسؤول عنها عضو موجود خلف فتحتي الأنف في الدماغ، وهو عبارة عن ثقبين صغيرين يحتويان على أعصاب تلتقط الإشارات الكيميائية التي يفرزها الآخرون، ولم يحسم العلم حتى الآن ما إذا كان الجسم البشري يملك القدرة على إطلاق تلك الإشارات الكيميائية أم لا، ولكن المؤكد أن الموهبة نفسها موجودة، وهذه الحاسة موجودة عند الحيوانات بكثرة لأن الإشارات الكيميائية المنبعثة من أجسام الحيوانات تحرك في أقرانها أنماطا سلوكية غريزية مثل العدوانية أو التزاوج أو غيرها، وبالتالي يكون الحيوان لديه إحساس وشعور بالخطر قبل قدومه، أما أغلب الناس الذين لديهم موهبة الحاسة السادسة فتتحقق تخميناتهم أو استبصاراتهم بشكل أو بآخر خلال حياتهم اليومية، وليس من الضروري أن يتنبأ الشخص بحادث خطير أو أمر بالغ الأهمية حتى يقال إنه موهوب أو لديه الحاسة السادسة، بل يكفي أن يدق جرس الهاتف ويتوقع صاحبه من المتصل، فهذا مظهر يتبع الحاسة السادسة، وكلها جوانب من عملية تواصل حسي صافية وشفافة، مبعثها الحاسة السادسة، وهناك شفافية في بعض الناس يكتشفون من خلالها حقائق كلغة العيون، والشعور عن بعد بما يحدث لمن تحب ومبادلة من تحب المشاعر والأحاسيس.

القدرة على التنبؤ
يقول د. محمد يحيى، أستاذ علم النفس: الحاسة السادسة تعني القدرة على التنبؤ بشيء معين، أو الشعور بحدوث شيء ما قبل حدوثه، أو الشعور بعدم الارتياح ينتاب البعض بالتزامن مع وقوع بعض الحوادث أو الأحداث، وهناك دراسة لجامعة" مينيسوتا" الأميركية أكدت أن هناك ارتباطا بين الحاسة السادسة والشعور بالخطر، وهناك دراسة أخرى حددت جزءا بالدماغ يعمل بوضوح وكأنه نظام إنذار مبكر من العواقب المحتملة، وذلك لمساعدتنا في التعرف على المخاطر والمواقف الخطيرة وتجنبها، وعندما نتخذ قرارا صعبا بين مجموعة من الخيارات، بحيث يمكننا أن نكون أكثر حذرا وتجنّبا للوقوع في خطأ ما. وترتبط هذه الحاسة بالنساء بشكل أكبر من الرجال، خصوصا أن المرأة دائما تعاني من الشعور الدائم بالقلق والخوف من المستقبل، وتبحث عما سيحدث، وذلك لكونها لا تتحمل الصدمات، وهذا يجعلها يقظة ومتوقعة للحدث. وقد أجرى العلماء تجارب على الأرانب الأمهات، حيث أخذوا أرنبا في غواصة تحت البحر وركّبوا جهاز قياس ذبذبات المخ على مخها وأمسكوا بصغارها وذبحوهم، فوجدوا أن الأم تصاب
بذبذبة بالمخ في كل مرة يتم فيها ذبح أحد صغارها، فبشكل عام الحاسة السادسة إحساس فطري لا إرادي يجعل صاحبه يتنبأ بالمستقبل أو يعرف المجهول، وهذا لا يعني معرفته بالغيب، بل هي موهبة.

تنمية الحاسة السادسة
الحاسة السادسة يمكن تنميتها، هذا ما توصلت إليه مي جمال، محاضرة في علوم التغيير والعلاقات الإنسانية، تقول: الحاسة السادسة موهبة لدى كثير من الناس، كما أنها إحساس فطري لا إرادي بعيد عن المنطق، يمكن صاحبه من معرفة المجهول، وبما أن هناك شفافية في بعض الناس يكتشفون من خلالها حقائق كلغة العيون وعلم (التليباثي) وهو الشعور عن بعد بما يحدث لمن تحب ومبادلة من تحب نفس المشاعر والأحاسيس، ومن يملك هذه الحاسة لديه القدرة على التواصل مع الآخرين، والتخاطر ورؤية أحداث خارج المدى الحسي العادي، ومعرفة أمور تحدث في المستقبل. وأكدت الأبحاث أن الذين لا يستطيعون الوصول للحاسة السادسة لديهم نوع من عدم الصدق واللامبالاة تقاوم وتحجب الانطباعات الاستبصارية من ظهور الحاسة، والعكس فإن الذين لديهم صدق نوايا وعبادة سليمة وحسن تعامل مع الناس لديهم الحاسة السادسة قوية وممكن أن ينموها، ويمكن تطوير هذه الحاسة من خلال التأمل والتركيز والتخيل والاسترخاء.
آخر الأخبار