الأحد 22 سبتمبر 2024
37°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الحرص واجب
play icon
كل الآراء   /   الأخيرة

الحرص واجب

Time
الخميس 28 سبتمبر 2023
View
139
خلف أحمد الحبتور

من يتابع نشرات الأنباء في الآونة الأخيرة يخيل إليه أنه يتابع أفلام الحركة الـ"أكشن" الخيالية، حيث تتوالى الكارثة تلو الأخرى. فبالعودة الى السنوات القريبة، نرى أن هناك حالات من الجنون أصابت عددا كبيرا من دول العالم ذات أوجه مختلفة، تتمثل بالفوضى والحروب والصراعات الداخلية والخارجية، ولا يمكن تصنيفها في خانة الصدف، نجدها تتمدد وتستعرّ وتكبر دون رادع.
فالصراعات والقلاقل تنتشر في كل بقاع الأرض، وتمدد إلى كل القارات؛ نجدها في قلب أوروبا من خلال الحرب الروسية - الأوكرانية، والتظاهرات في الشوارع الفرنسية.
ونجدها في آسيا في مجموعة من البلدان كحروب داخلية، وحالة عدم استقرار كما في سورية، ولبنان، والعراق وإيران وفلسطين وإسرائيل، وكصراعات في طريقها إلى أن تصبح حروبا، كما يحدث بين أرمينيا وأذربيجان، والكوريتين، الشمالية والجنوبية، والصين وتايوان.
عدا الحروب الأهلية في السودان، وعدد من الدول الإفريقية الأخرى، حتى وصلت حالة عدم الاستقرار الأمني إلى عقر دار واحدة من أقوى دول العالم، الولايات المتحدة الأميركية.
تشكل هذه الدول ذروة الصراع العالمي الذي لن يتوقف عندها، بل هناك خطر من امتداده خارج حدودها الى دول ومناطق أخرى ضمن خارطة التنافس على السيطرة والنفوذ الدولي.
فالحرب بين روسيا وأوكرانيا هي حرب شبيهة بحرب عالمية بالوكالة بين معسكرين، استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة ما عدا الأسلحة البيولوجية والنووية حتى اليوم.
في مقاربة سريعة مع الأسباب التي أدت الى نشوب الحربين العالميتين، الأولى والثانية، والوضع الدولي الحالي، نرى أنه في المرحلة السابقة تمت إدارة الصراع بين معسكرات مختلفة حيث خرجت منها قوى مؤثرة، وخلقت معها واقعاً جديداً اعتمد على إلغاء الآخر، والسيطرة على الدول الضعيفة، والتحكم بها في الأمور والمقاييس كافة.
وها نحن اليوم نشهد مرحلة جديدة من الصراع الدولي تكاد تشبه في حيثياتها الأجواء التي رافقت الحرب العالميتين، الأولى والثانية، لكن بأساليب مختلفة مع تقارب الأهداف منها.
ما يميز هذه الصراعات عن سابقاتها هي الأساليب المبتكرة المتبعة التي تنجح في حجب حقيقة أهدافها، إذ تعتمد على التضليل والخداع.
وذلك عبر استخدام أسلحة ليست عسكرية فقط، بل أسلحة أخرى كخلق صراعات ونزاعات، وبؤر توتر أثنية، أو طائفية، أو قبلية، أو إيديولوجية أو أهلية.
كما تستخدم السلاح الاقتصادي، من إفقار وتجويع لبعض الشعوب، ما يدفعها الى الهجرة المبرمجة، وبالتالي تنفيذ أجندات تتسبب بها فوضى الهجرة الخلاقة.
وإذا نظرنا بكل تجرد الى تداعيات تلك الحروب لرأينا تأثيرها السلبي على العالم بأسره، خصوصاً على الدول الأوروبية حيث تستنزف مقوماتها اللوجستية، العسكرية والاقتصادية، بشكل كبير مما يضعفها، ويشكل خطرا مباشرا على كيانها وحياة المواطنين فيها.
كما رأينا أيضا تداعيات تلك الحرب على الاقتصاد العالمي أجمع، وأزمة الغذاء والحبوب التي طالت الجميع دون استثناء.
وإذا ربطنا ما يحصل بين روسيا وأوكرانيا بالصراع الحاصل في أفريقيا، نجد أن هناك تناغماً في حروب السيطرة الدولية بين القوى الكبرى التي تتنقل بصراعاتها من قارة الى أخرى، وتنقل السيطرة من دولة لحساب أخرى، وتتبدل الأدوار فيها لتسقط رايات وترتفع أخرى، وليزداد معها هاجس الخوف لدى شعوب تلك الدول الأفريقية التي يتم دفعها عمدا الى الهجرة بكثافة وبكل أشكالها وأنواعها، الشرعية منها وغير الشرعية، الى دول محددة خصوصاً الأوروبية.
أجد أن الزحف الحاصل من مئات آلاف اللاجئين الهاربين من الحروب يشكل خطراً وشيكاً. فالهجرة الممنهجة إلى أوروبا، مثلاً، من دول عدم الاستقرار، جعلت القارة العجوز موبوءة بنازحين عاثوا فيها خراباً، ولا تستطيع أي من الدول إخراجهم من أراضيها خوفاً من ارتدادات مؤسسات حقوق الإنسان والمؤسسات العالمية الأخرى.
الفوضى… الفوضى ثم الفوضى لمآرب كثيرة حيث تعم مثل هذه الحالة في ليبيا لتلحق بها في عدم الاستقرار، دول أخرى كسورية، والعراق، واليمن، وإسرائيل، وإيران.
وإذا انتقلنا الى لبنان، فرغم أزماته الكبيرة ووضعه غير المستقر، أمنياً واقتصادياً، فإن مسألة النزوح السوري الكثيف إليه خرجت عن السيطرة ليشكل هذا الأمر خطراً وجودياً عليه، لم تشهده الساحة اللبنانية من قبل. والدول الكبرى ليست بعيدة عن عمليات الفوضى وعدم الاستقرار، فشوارع فرنسا خير شاهد على ذلك.
أمام هذه الصورة المختصرة عن الفوضى التي تعم معظم دول العالم، والصراعات القديمة والمستحدثة، أردت أن أطلق صرخة كمواطن من دول "مجلس التعاون" الخليجي يخاف من انتقال عدوى الفوضى والصراعات الى ساحتنا.
فماذا نحن فاعلون؟ هل سنكون في موقع المتفرج دون اتخاذ أي إجراءات وقائية أو دفاعية؟
الوضع لا يحتمل التراخي، مطلوب أن نكون حذرين وعلى أهبة الاستعداد لحماية أرضنا ووجودنا، فبلحظة ما قد تتوسع رقعة الحروب نتيجة الصراع على النفوذ العالمي بين الدول، لندخل في آتون حرب عالمية جديدة.
بين ليلة وضحاها، على خلفية كل هذه الصراعات الواقعة من حولنا، قد تجد دول "مجلس التعاون" الخليجي نفسها في مواجهة تحدِّ أمني، وعسكري، وإنساني، حتى اقتصادي، فهل نحن جاهزون لمواجهة تلك المخاطر إن حدثت، مَعاذ الله؟
الوقاية هي أفضل سبل العلاج. وأنا لا أدعو للخوف، إنما أحض على الاستعداد، لنخرج بأقل الأضرار من أي كارثة قد تصيب العالم، وعلينا في ذلك الاتكال على أنفسنا لمواجهة أي تحد كان ومن أي جهة أتى، دون انتظار النجدة من الشرق أو الغرب. فلا يحك جلدك مثل ظفرك. عدا عن أن هذه الدول في حالة هشّة، لن تهتم إلا لنجدة أنفسها.
أردت من هذه المقالة تسليط الضوء على ارتيابي مما يحاك ضد منطقتنا من أهوال ومخاطر بدأت تظهر ملامحها في الآفاق البعيدة وتقترب رويدا رويدا منا، وقد تجرفنا بعواصفها وأعاصيرها مع مخططات صراع ممنهجة بدأت تتوسع من قارة الى قارة ومن دولة الى أخرى في إطار عناوين تحمل في طياتها مرحلة جديدة من الصراعات وتقسيم النفوذ.
لذا، أدعو دول "مجلس التعاون" الخليجي لإنشاء خلية أزمة موحدة، تتابع هذه الأوضاع بشكل يومي وتعنى بتجهيز خطط الدفاع عن وجودنا وأمننا واستقرارنا.
فخشيتي من نقل الصراع والفوضى إلى خليجنا العربي، ومواجهة أكبر مخاطره، ألا وهو النزوح العشوائي، والهجرة غير الشرعية من أفارقة وآسيويين وغيرهم، بشكل مبرمج وممنهج، قد تشكل دولنا محطتهم المقبلة.
خلال سنوات عدة حذرت في مقالاتي التي نشرتها في كتابي "هل من يصغي"؟ من أمور حدثت بالفعل، واليوم أستقرئ المرحلة بكل واقعية وشفافية، فلنستعد لحماية أنفسنا ومجتمعنا بتأمين وسائل الدفاع والوقاية اللازمة لها، تحسباً لأي طارىء وحذراً من أي طرف يملك أجندات قد تؤذينا في محيطنا العربي، فأرضنا هي عرضنا ولن نستهين بها.

رجل أعمال إماراتي

خلف بن أحمد الحبتور

آخر الأخبار