الحكومة وحبة الزيـتون

أحمد الدواس

بين حين وآخر تفكر الحكومة بفرض ضريبة على المواطن والمقيم، لتجني من ورائها المال، لكن هناك طريقة أخرى تكسب الحكومة منها مليارات الدنانير، بدلا من زيادة العبء المعيشي على الناس.
وفي هذا نضرب المثال الآتي: على تقدم احدى شركات الطيران الأجنبية المأكولات، ومن بينها بضع حبات من الزيتون، فعملت الادارة على تقليص عدد الحبات الى حبة واحدة فقط من طبق المسافر، ولأن في الطائرة نحو 200 مسافر، إذاً هناك 200 حبة زيتون وفرتها، وإذا قلنا ان للشركة ثلاث رحلات يومية، إذاً المجموع 600 حبة في اليوم، وفي الشهر 18 ألف حبة لها وزن بالكيلوغرام بالطبع، وبالكيلوغرام نستخرج ثمن ما كانت الشركة ستدفعه ثمناً للزيتون المقدم للمسافرين.
واتضح فيما بعد ان الشركة "حققت تخفيضاً في خسائرها" بمقدار 20 ألف دولار، عندما امتنعت عن تقديم حبة زيتونة واحدة لكل مسافر.
سبحان الله، شركة تحقق هذا التخفيض في العجز، وحكومتنا عاجزة عن خفض إنفاقها العام؟
والسؤال الآن: إذا كانت شركة الطيران حققت تخفيضاً في تكاليفها فما بالك لو خفضت الحكومة بعض المصروفات الهائلة لكان العائد من وراء ذلك مئات الملايين، وربما مليارات الدنانير، لا أن يتم ذلك عن طريق جيب المواطن والإضرار بمعيشته، من خلال فرض ضريبة ما.
من هذا المثال نسأل الحكومة: لماذا لا تدرس الدرس المبسط الاقتصادي الذي شرحناه لتخفيض العجز المالي في الميزانية بدلاً من فرض الضريبة؟
عيب حكومتنا أنها تنظر لمسألة كم فلسا ترفع سعر البنزين، مثلا، لتحقيق عائد مالي للبلاد، إنها لا تنظر الى أن أصحاب المهن والحرفيين سيرفعون السعر، وبالتالي سترتفع تكاليف المعيشة ونسبة التضخم.
هذه الأسعار إذا ارتفعت فلن تنخفض مستقبلاً، فلا يمكن ان نتصور أن يأتي يوم ويقول لك ميكانيكي سيارتك عند التصليح: "لقد عملت لك تخفيضاً في السعر أو تنزيلات"، ولا يمكن أن يأتي يوم ويقول لك صاحب مطعم: "مرحباً...هذا حسابك، لقد عملت لك تخفيضاً في فاتورة الحساب"؟
وهذا الأمر ينطبق على الحرفيين الآخرين، كالصباغ والنجار، وأصحاب المحال التجارية، وستزيد الأعباء المعيشية على المواطن.
فـيا حكومة متى تتعظي؟
أما القول ببيع مؤسسات الحكومة للتجار، أي التخصيص، لتخفيض التكاليف، فهذه مسألة أخرى نافعة وضارة، وفق التحليلات الاقتصادية، وقد نناقشها في وقت آخر.

[email protected]