الاثنين 05 مايو 2025
32°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الحلَّاج ... صاحب تطور الصوفية

Time
السبت 02 مايو 2020
View
5
السياسة
إعداد - نسرين قاسم:

على مدار الأزمنة تتناقل عباراته وحكمه بين الأجيال المختلفة، فهو فليسوف وحكيم ليس في الدين فقط؛ بل وفي جميع أمور الحياة.. إنه الشيخ الحلاج، أحد رموز الصوفية، وصاحب تطور مذهبها.



هو الحسين بن منصور الحلاج، ويكنى "أبا مغيث" وقيل: "أبا عبد الله"، يقول عنه أهل الصوفية: "كان الحلَّاج فوق رسالته الإصلاحية والربانية مربيًّا، وأستاذًا صوفيًّا، في القمة السامقة، سلوكًا ومعرفةً".
التف حول "الحلَّاج" وتحوطه في حياته أكبر مجموعة صوفية في تاريخ القرن الثالث الهجري، حتى يقول عنه العلامة ابن كثير: "كان يلازمه في سفره الشاق الطويل أكثر من أربعمائة من صفوة المريدين السالكين".
يقول عنه المستشرق ماسنيون في مقدمة كتاب "الطواسين": "وليس هناك من متصوفٍ في التاريخ أكثر "عِشرة مع الله" من الحلَّاج الذي يتصل في حديثه معه "أنا" و"أنت" و"نحن" وليس هناك من شعرٍ صوفيٍّ أشدَّ حرارةً وأكثر بعدًا عن المادة من شعر الحلَّاج".
يقول "الحلَّاج"، معبرًا عن نهجه السلوكي: "إنَّ الأسماء التسعة والتسعين تصير أوصافًا للعبد السالك، وهو بعدٌ في السلوك غير واصل"، ويقول: "من صدق مع الله في أحواله فهِم عنه كل شيءٍ، وفهم عن كل شيءٍ".
ويقول أيضا مصورًا للصوفي: "الصوفي يكون مع الله تعالى بحكم ما وجب، ولا يكون على سره أثرٌ من الأكوان، ويكون وجدانيَّ الذات، لم يُشهده الحق غيره، فهو أعمى عن الكون. ويكون له مع الحق نسبٌ يحمل به الواردات، ولا يذكر برؤية الكون غير الحق".

نشأته
نشأ بـ"واسط"، وقيل بـ"تستر"، وخالط جماعة من الصوفية منهم سهل التستري والجنيد وأبو الحسن النوري، ورحل إلى بلاد كثيرة، منها مكة وخراسان والهند، وتعلم السحر بها كما يقول منتقدوه، وأقام أخيرًا ببغداد وبها قتل.

الحلَّاج والتصوُّف
كانت حياة "الحلَّاج" وما خرج منها من معاني وصاحبها من مناهجَ في التفكير والتأمل والروحانيات، كانت كما يقول نيكلسون: "لحظة جوهرية في تاريخ التصوف الإسلامي"، لذلك كانت حياته، من نقاط التحول والتطور في الشأن الصوفي، ويرى البعض أن أغلب الأصول الكبرى لذلك التراث الإسلامي العالمي يعود الفضل له فيه لأنه شكل في محيط الفكر الصوفي أعظم القوى الروحانية الإيمانية التي عرفها تاريخ الإنسان.
والتصوف عند "الحلَّاج"، هو انتساب الإنسان إلى الله سبحانه، لا إلى هذا العالم المادي الحيواني، هو ارتفاع الإنسان إلى الله في سفرٍ طويلٍ هائلٍ لا تقدر عليه إلا عزامات الرجال الكبار المصطفين الأحرار.
"الحلَّاج" لم يستكمل تربيته الصوفية على أيدي المشايخ الكبار، فلقد انفصم ما بينه وبينهم مبكرًا، فحلَّق منفردًا في القمم العالية، واصطلى وحده التجربة الصوفية كاملةً، وألزم نفسه ألوانًا من المجاهدة والرياضة، تعمَّد فيها القسوة والصرامة.

تلامذته ومريدوه
في كل بقعةٍ بالشرق الإسلامي، من بغداد إلى أعالي الهند تكونت مجموعاتٌ حلَّاجيةٌ، ثم تحولت هذه المجموعات إلى جامعةٍ صوفيةٍ دانت لـ"الحلَّاج" بالزعامة والولاية، واتخذت منهجه معراجًا وصراطًا.
وهناك اختلاف كبير حوله عند السابقين والمحدثين فمن ذلك ما قاله منتقدوه أنه ادعى النبوة، ثم تَرَقَّى به الحال أن ادعى أنه هو الله، فكان يقول "أنا الله، وأمر زوجة ابنه بالسجود له. فقالت: أو يسجد لغير الله؟ فقال: إله في السماء وإله في الأرض".
كان محبوه يرون شطحاته من حرارة الإيمان ومن ذلك قولهم: "ومن هنا جاءت تلك البروق الشاطحة، وتلك الحرارة الدافقة، التي امتزجت بتعبيرات الحلَّاج، وطبعت مواجيده وألحانه؛ بل من هنا جاءت تلك الصلة الكبرى بين الحلَّاج وربه، تلك الصلة العالية الصوت في حياته.
آخر الأخبار