الدولية
الحياة ما بعد"كورونا"...تغيير أنماط القيادة والعمل
الأحد 29 مارس 2020
5
السياسة
موسكو- سبوتنيك: يعيش نحو ثلث سكان العالم حاليا في عزل ذاتي وإجباري لمكافحة انتشار فيروس "كورونا" المستجد(كوفيد -19)، وبعيدا من التأثيرات الاقتصادية والإنسانية، لن تعود الحياة إلى سابق عهدها بعد انتهاء هذا الوباء، وستبدو هذه العودة مثل الضغط على زر لإعادة تشغيل العالم، اذ من المتوقع أن تترك فترة العزل هذه تأثيرات وتغيرات واضحة على كل جوانب الحياة، بداية من القيادة وطريقة الحكم، مرورا بالأنظمة الدفاعية، ووصولا إلى شكل حياتنا وعاداتنا اليومية.وأوضحت مجموعة من علماء المستقبليات في استطلاع رأي اجرته وكالة"سبوتنيك"، أبرز التغيرات المتوقع أن تطرأ على شكل الحياة، بعد انتهاء وباء"كورونا".القيادةمن أبرز ما سيتغير في العالم شكل القيادة وطريقة عمل القادة، إذ يقول مدير الابتكار والتحول والتبصر بالمدرسة العليا للتجارة في فرنسا ريني روهيرربيك:" نحن حاليا نحاط بالغموض، الطرق القديمة لاتخاذ القرارات تفشل بسبب نقص المعلومات، وفي مثل هذا الموقف، نحتاج إلى قادة يمكنهم العمل وسط هذا الغموض، بخطط سريعة وعن طريق التعلم من الأخطاء".اضاف:" في الأشهر المقبلة علينا التأكد من أن القادة يحصلون على التدريب المناسب، حيث يجدون فجأة أن عليهم العمل والقيادة في هذه البيئة الغامضة، وبعد مرور الوباء سنرى زيادة القادة الذين يتخذون قراراتهم بناء على قناعتهم وموهبتهم إلى جانب تطبيق التقنيات الصحيحة، والسيناريوهات السريعة القائمة على التعلم من الأخطاء".في السياق ذاته، قال عالم المستقبليات البارز، المدير التنفيذي لمؤسسة "دافنشي" توماس فريي:" نحن حاليا ضغطنا على زر ضخم لإعادة تشغيل الإنسانية كلها، لكن هذه الحالة مدفوعة بحالة من الخوف والذعر، ومن غير المعقول أن نعتقد أن القادة الحاليين لن يتم انتقادهم بشدة بعد هدوء الأوضاع، نحن انتقلنا من عصر"الجهل نعمة" إلى عصر نعرف فيه أننا نعاني من مشكلة لكن لا نعرف كيف نتصرف حيالها".وشدد على ان" تركيزنا حاليا يجب أن ينصب على المعلومات، والقرارات يجب اتخاذها عبر تحليل كميات هائلة من المعلومات".اضاف:" قادة المستقبل يجب أن يعتمدوا بشكل أكبر على المعلومات لتحديد الاتجاهات والأولويات، ففي النهاية الأزمات العظيمة تولد قادة عظماء".وعن أشكال السلطة المستقبلية عقب وباء" كورونا" يتوقع الباحث وعالم المستقبليات براين ألكسندر أن" تتمدد سلطات الدولة في المستقبل"، وقال:" قد نشهد تمددا في سلطات الدول، خصوصا في الأجزاء المتعلقة بمراقبة السكان والصحة العامة، والسياسات الصناعية والسياسة بعامة، والصين تقدما نموذجا لمثل هذا التمدد"، فيما لا يستبعد أن" يهدد هذا التمدد في سلطات الدول الحريات الشخصية والفردية".الأنظمة الدفاعيةفي ما يخص الأنظمة الدفاعية، يعتقد الباحثون" أن العالم بعد" كورونا" سيشهد تعزيز الاستعداد للمخاطر بما في ذلك المخاطر الآتية من تهديدات غير مرئية، وزيادة القدرات المواجهة الحروب البيولوجية".في هذا السياق، قال توماس فريي:" ان عصر الأسلحة والمعدات الثقيلة ينتهي، والحروب البيولوجية والالكترونية والعقلية تبدأ للتو، ولا شك معظم البلدان ستعدل من شبكاتها لتجعل من التهديدات غير المرئية مرئية، كل عبور للحدود سواء عبر المطارات أو الموانئ سيشهد زيادة في الرقابة ونظم كشف عبر الصوت والصورة، إضافة إلى زيادة استخدام الطائرات المسيرة لزيادة التغطية، وسيكون الهدف أن لا يعبر أي فيروس أو بكتيريا أو جرثومة أو فطر من دون كشفه".ويتوقع الباحث براين ألكسندر أن"تعمل الدول على زيادة قدراتها لمواجهة الحروب البيولوجية، وأن تغير من سياساتها، ومناهجها التعليمية واتفاقاتها التجارية وعلاقات العمل بها"،وقال:" أن الجيوش قد تبدأ في الاستماع أكثر إلى التوقعات القائمة على العلم".ثقافة العملغيّر الحجر الصحي المفروض في العديد من البلدان التي تواجه فيروس" كورونا" المستجد من شكل وطريقة العمل، فكثير من المؤسسات سمحت لموظفيها بالعمل عن بعد من المنزل، ما وضع تحديات عدة أمام كل من الموظفين والمديرين".في هذا السياق قال براين ألكسندر :"كلما زاد وقت العزل لمحاربة الوباء، كلما سنعتاد على العمل عن بعد، لكن تتبقى مخاوف بعض المديرين من تكاسل الموظفين خلال فترات العمل وحدهم".على الجانب الآخر، يلفت توماس فريي الى أن" العمل من المنزل يحتاج إلى مجموعة من الأدوات التي يجب أن تتوافر في المنزل مثل الانترنت، وأجهزة الكمبيوتر، وتطبيقات عقد الاجتماعات عن بعد".اضاف:" إلى جانب هذه الأدوات يجب أن يجد الناس طرقا لتحفيز ذاتهم على العمل، وإدارة جيدة للوقت، كما سيحتاج المديرون إلى الإدارة بشكل مختلف، كما يجب أن تتحول أجزاء من البيوت إلى أماكن مناسبة للعمل".يتفق ريني روهيرربيك مع فريي في رأيه في ضرورة توفير بيئة مناسبة للعمل من المنزل،وقال ان:"كثيرا من الناس الذي جربوا العمل من المنزل حاليا تفاجأوا بكم المزايا التي يوفرها لهم العمل عن بعد من المرونة، واحتمال الاهتمام بالأطفال لوقت أطول، والوقت الذي يوفره عدم التنقل من المنزل إلى العمل".نمط الحياةيعتقد الباحثون أن وباء "كوفيد- 19" أحدث تغيرات لا رجعة فيها في أنماط الحياة بعامة، إذ قال براين ألكسندر إن:" بعد انتهاء الوباء سيحدث اندفاع في زيارات الناس لعائلاتهم والمطاعم والذهاب إلى السينما، والسفر، سيلتئم شمل المحبين والأقرباء، لكن لن يعود مستوى التواصل بينهم إلى ما كان عليه في السابق، لأنهم تعلموا بشكل ما أن يعيشوا بعيدا عن بعضهم بعضا". كما المح روهيرربيك إلى ان" التباعد الاجتماعي بين الناس، قد يجعلهم أكثر قربا على المستوى النفسي حول العالم"، وقال:" أعتقد أن اتحاد الناس لمواجهة الأزمة الحالية سيقربهم من بعض بشكل أكبر، حتى كمجتمعات دولية، وسيعزز التعددية، كما سيعزز قدراتنا على إيجاد إجابات لتحديات أخرى تواجه الإنسانية".الجدير بالذكر أن وفقا لإحصاءات"بيزنيس انسايدر" يعيش نحو ثلث سكان العالم في حالة عزل بسبب فيروس"كورونا" المستجد.