منوعات
الخُنَّس... تنظف الكون من الغبار ودخان الانفجارات
الأربعاء 05 مايو 2021
10
السياسة
أشياء أقسم بها الله في القرآنكتب ـ محمود خليل:"نزل القرآن الكريم بلغة العرب ومن عاداتهم القسم إذا أرادوا تأكيد أمر، وقد جرى القران الكريم على هذا النحو، فاستخدم صيغا متعددة للقسم، منها ماهو ملموس وما هو معنوي، فما الأشياء التي استخدمها الله تعالى في القسم وما دلالاتها ؟"الخنسأقسم الله بـ"الخنس" في قوله تعالى: "فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ"، الآية 15 من سورة التكوير، وهي سورة مكية، آياتها 29، ترتيبها في المصحف 81، في الجزء الثلاثين، نزلت بعد سورة المسد، تُسمَى أيضًا سورة "كُوِّرَتْ"، أو "إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ"، لأنها بدأت بأسلوب شرط، في قوله تعالى،"إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ".يدور محور السورة حول يوم القيامة، وكيف أن الإيمان به وبالوحي والرسالة من متطلبات الإيمان، وقد روي عن النبيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: "من قرأ هذه السورة أعاذه اللّه من الفضيحة يوم القيامة حيث تنشر صحيفته، وينظر إلى النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وهو آمن، ومن قرأها على أرمد العين أو مطروفها أبرأها بإذن اللّه عزّ وجلّ".تسرد الآيات العلامات المنتظر حدوثها عند قيام الساعة حيث سيختفي ضوء الشمس، تتساقط النجوم ويختفي بريقها اللامع، تنطلق الأنعام التي تحتاج إلى راعي يراعها بغير راع، تتجمع وحوش الأرض مع بعضها، يتم سؤال البنات التي تم وأدها في الصغر عن الذنب التي اقترفته ليقوم أبوها بهذا الفعل الشنيع، تنشر الصحف التي تحتوي على كل صغيرة وكبيرة من أفعال المرء التي قام بها في حياته.في الجزء الثاني من السورة الكريمة يقسم المولى عز وجل، في قوله تعالى: "فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ"،ويقصد بالخُنّس الجوار الكُنّس، المكانس التي تكنس السماء وتنظفها. وقد فسر العلماء الخنس والكنس بأنها النجوم، تخنس بالنهار وتظهر بالليل، وخنس فى اللغة أي تأخر، وأخْنَسَهُ غيره، أي خلّفه ومضى عنه، والخَنّاسُ هو الشيطان، لأنه يخنس إذا ذُكر الله عز وجل، لقوله تعالى فى سورة الناس: "مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ"، والخُنَّسُ هي الكواكب كلها، لأنها تخنس في المغيب، أو لأنها تختفي نهارا.جاء قسم الله سبحانه وتعالي بهذه النجوم فى قوله تعالى، "فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس"، ووصفها وصفا دقيقا فهي لا ترى "خنس"، وتجري فهي "جوار"، وتشبه المكنسة، فهي "كنس"، هذه الجوار الكنس أكبر بعشرين مرة من الشمس، تستطيع بلع الأرض بما فيها لما لها من جاذبية كبرى تمكنها من جذب أي شيء يمر أمامها.في هذا الصدد، أيدت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا"، ما جاء في الآية الكريمة منذ قرن ونصف، إذ اكتشفت وجود من ينظف الكون من الغبار الكوني والدخان الناتج عن انفجارات النجوم، إنها مكانس تشفط هذا الدخان والغبار الكوني أطلقت عليها "الثقوب السوداء"، لأنها لا تُرى فهي ثقب يشفط أي غبار أو دخان في الكون، بينما هي نوع من أنواع النجوم تجري في السماء وتنظفها، ومن العجيب أنهم يسمون هذه النجوم بالثقوب السود، تنطبق انطباقًا دقيقًا على الوصف القرآني لها.لم يكن أحد على وجه الأرض منذ القرن السابع الميلادي، يتصور أن في السماء نجوماً تجري، تكنسُ، وتجذب إليها كل ما تصادفه في طريقها، لم يكن أحد يتوقع وجود هذه النجوم مع العلم أنها لا تُرى أبداً، لكن القرآن العظيم كتاب رب العالمين حدثنا عن هذه المخلوقات بدقة علمية مذهلة.هذا القسم الإلهي شأن عظيم، يتناسب مع عظمة القسم والمقسوم به، فالقرآن سبق العلماء بالحديث عن الحقائق الكونية، وأن هذه المخلوقات ما هي إلا آية تشهد على قدرة الخالق، مما يدل على أن القرآن كتاب الله تعالى، مصداقا لقوله تعالى في سورة النساء: "وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا"،وقوله تعالى:"سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق".