المحلية
"الدستورية": الحصانة ليست لخرق القانون والإفلات من العقاب
الأربعاء 19 ديسمبر 2018
5
السياسة
المحكمة رفضت طلب الحربش والطبطبائي التدخل في الطعن كخصوم بوصفه غير جائزالمادة المطعون عليها تجعل الأحكام رهينة بمشيئةمجلس الأمة لائحة المجلس ليست لها قوة الدستور على غرار قانون توارث الإمارةلو أراد المشرع إسباغ "قوة الدستور" على قانون المجلس ما أعوزه النص على ذلك صراحةلا مجال للقول إن لائحة المجلس لها قوة الدستور أو إنها عصية على الخضوع لرقابة المحكمةللمحكمة كل الحق في بسط رقابتها على أي نص تشريعي دون أن يحجبها أي إجراءلا يجوز للسلطة التشريعية التدخل في أعمال أسندها الدستور إلى السلطة القضائية الحصانة مقررة للمصلحة العامة لا يجوز إضفاؤها على النائب لإخراجه من سلطة القانونالعضوية فُقدت مباشرة بصدور الحكم من دون الحاجةإلى اتخاذ أي إجراء آخر المادة 16 انطوت على تدخل سافر في أعمال السلطة القضائية والمساس باستقلالهاعضوية النائب الصادر ضده حكم بعقوبة جناية تمييز غير مقبول ومنهي عنهكتب ــ جابر الحمود: قضت المحكمة الدستورية، أمس، برئاسة المستشار يوسف المطاوعة بعدم دستورية المادة (16) من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة الصادرة بالقانون رقم (12) لسنة 1963 مع ما يترتب على ذلك من آثار، مطالبة مجلس الأمة بتطبيق المادة 84 من الدستور، ما يعني فقد النائبين جمعان الحربش ووليد الطبطبائي شروط العضوية واعتبارها باطلة، ومن ثم ضرورة اجراء انتخابات تكميلية في الدائرتين الثانية والثالثة. ووصفت المحكمة في حيثيات حكمها ماحدث من التصويت على ابقاء عضويتي الطبطبائي والحربش بـ"التدخل السافر" في أعمال سلطتها، مؤكدة أن المادة 16 تجعل الأحكام القضائية الباتة رهينة بمشيئة مجلس الأمة ما يعد تدخلاً من السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية واخلالاً بمبدأ الفصل بين السلطات. وإذ رفضت المحكمة طلب النائبين الحربش والطبطبائي التدخل في الطعن كخصوم منضمين الى مجلس الامة بوصفه غير جائز، أوضحت ان الخصومة في الطعن المرفوع هي خصومة عينية موجهة اصلا الى النص التشريعي المطعون فيه مناطها اختصام النص في ذاته استهدافا لمراقبته و التحقق من مدى موافقته للدستور والطعن بهذه المثابة وبحسب طبيعته الخاصة ليس طعنا بين خصوم لكنه طعن ضد النص التشريعي المطعون عليه ومن ثم فلا يتصور لا واقعا ولا قانونا جواز التدخل اختصاميا او انضماميا في ذلك الطعن او ان تستجيب المحكمة لطلب ادخال اي خصم فيه ليصدر الحكم في مواجهته باعتبار ان الاحكام الصادرة عن هذه المحكمة لها حجية مطلقة في مواجهة الكافة وملزمة لجميع سلطات الدولة. وأكدت ان رقابة الدستورية التي تباشرها المحكمة يقف مجالها عند حد التحقق من مدى موافقة التشريع المطعون عليه لاحكام الدستور وهي رقابة لها طبيعة قانونية لا جدال فيها وبالتالي لا يسوغ التحدي بأن التشريع الذي تراقب المحكمة دستوريته له قوة الدستور لا يجوز نقضه، فالحاصل ان الدستور لم يسبغ على اي قانون الصفة الدستورية سوى على القانون الخاص باحكام توارث الامارة حيث نص الدستور صراحة في المادة 4 على ان يكون له صفة دستورية لا يجوز تعديله الا بالطريقة المقررة لتعديل الدستور ولو اراد الدستور اسباغ تلك الصفة على اي قانون اخر ما اعوزه النص على ذلك صراحة، وبالتالي لا مجال للقول ان اللائحة الداخلية لمجلس الامة لها قوة الدستور او انها عصية على الخضوع لرقابة المحكمة، وجدير بالاشارة الى انه سبق للمحكمة النظر في طعن اقيم امامها حول مدى دستورية نص في تلك اللائحة بناء على طلب من مجلس الامة نفسه. ورأت أن ما يصدره مجلس الامة من قرارات وما يتخذه من اجراءات يعد من الاعمال البرلمانية التي لا تتسم بالصفة التشريعية وتنحسر عنها رقابة هذه المحكمة دون نزاع، كما انه مما لا نزاع فيه ايضا ان لهذه المحكمة كل الحق في بسط رقابتها الدستورية على أي نص تشريعي دون أن يحجبها عن ذلك أي اجراء أو عمل في ممارسة اختصاصها فمثل ذلك الاجراء أو العمل لا يأبه لآثاره ولا يحول بين المحكمة وممارسة دورها في صيانة احكام الدستور ونصوصه. وأكدت أن الطعن المقدم سديد في جملته فمن المستقر وحسبما جرى به قضاء المحكمة أنه لا يجوز للسلطة التشريعية التدخل في أعمال أسندها الدستور إلى السلطة القضائية التي يكفل استقلالها وجعل هذا الاستقلال عاصما من التدخل في أعمالها أو التأثير على مجرياتها أو المساس بالأحكام القضائية الصادرة عنها و تقويض اثارها أو اهدار حجيتها وإلا كان ذلك افتئاتا على حقوق السلطة القضائية واعتداء على ولاية واستقلال القضاء وتعطيلا لدوره واخلالا بمبدأ الفصل بين السلطات بالمخالفة للمادة 50 من الدستور. وأضافت: لا يجوز وفقا للمادة 29 من الدستور اضفاء حصانة على النائب تفضي إلى اخراجه من سلطة القانون، إذ إن الأصل في الحصانة البرلمانية أنها لا تعد امتيازا لعضو البرلمان وانما هي مقررة للمصلحة العامة وليست لمصلحة عضو المجلس الشخصية وأنه يتعين أن تبقى الحصانة في الحدود والقيود التي كفلها استقلال البرلمان وحرية اعضائه في القيام بواجباتهم داخل المجلس وهم في مأمن من كيد خصومهم السياسيين وأن تكون السلطة التشريعية بمنأى عن أي احتمال لاعتداء من جانب السلطة التنفيذية.وأضافت: ليست الحصانة مقررة لمواجهة أحكام القضاء، كما أنه لا ينبغي أن يذهب البرلمان في استقلاله إلى حد التغول على اختصاصات باقي السلطات أو تتحول الحصانة إلى وسيلة لعضو البرلمان لخرق القانون وهو في مأمن من المحاكمة أو الحساب أو الافلات من العقاب، إذ تقتصر على حماية العضو من اتخاذ اجراءات جنائية تعسفية أو كيدية في مواجهته فهي لا تعدو أن تكون مانعا اجرائيا مؤقتا وليس المقصود بالحصانة أن تكون امتيازا ممنوحا لعضو البرلمان هادما مبدأ المساواة أمام القانون. وشددت على أن المجلس ينعدم أصلا عليه أي تقدير في شأن مدى توافر شروط العضوية بعد أن أضحى العضو غير أهل للعضوية بقوة الدستور وصار مفتقدا لشرط من الشروط اللازم استمرارها طبقا لمادة 82 وأفضى ذلك إلى افتقاده للعضوية مباشرة من دون الحاجة إلى اتخاذ أي اجراء آخر وهو ما يصم المادة المطعون عليها ــ التي أعطت الحق للمجلس في تقدير أمر اسقاط العضوية من عدمه ــ بعيب عدم الدستورية لانطوائها على تدخل سافر من السلطة التشريعية في أعمال السلطة القضائية والمساس باستقلالها واهدار لحجية الأحكام القضائية والنيل من مكانتها والاحترام الواجب كفالته لها باعتبارها عنوانا للحقيقة وتعطيلا لآثارها ما يتنافى مع مبدأ فصل السلطات ويمثل خرقا احكام الدستور لمخالفته المادتين 50 و163 منه، فضلا عن أن استمرار عضوية النائب -وفقا للمادة المطعون بعدم دستوريتها على الرغم من صدور حكم بعقوبة جناية في حقه واستمرار تمتعه بحقوقه السياسية في حين أنه قد أضحى محروما قانونا منها بموجب الحكم- يعد في حد ذاته تمييزا غير مقبول ومنهيا عنه من الناحية الدستورية؛ إذ جعلت تلك المادة عضو المجلس بمنأى عن إعمال أثر الأحكام القضائية الباتة عليه وتميزه عن غيره من المواطنين بالمخالفة للمادة 29 كما أضفت حصانة في غير موضعها تعصمه من الخضوع للقانون. وخلصت المحكمة إلى أنه يتعين القضاء بعدم دستورية المادة 16 واعتبارها كأن لم تكن مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها انفاذ حكم المادة 84 من الدستور لزوما دون أي تراخ أو ابطاء أو ترخص أو تقدير نزولا على حكم الدستور.