الجمعة 20 يونيو 2025
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى

"الدستورية" الحصن الحصين

Time
الثلاثاء 27 سبتمبر 2022
View
5
السياسة
* رفض الطعن بـ"حرمان المسيء" وضع النقاط على الحروف وأنهى جدلاً استمرَّ 6 سنوات
* رفض الطلب المُستعجل بوقف الانتخابات فصلٌ جديدٌ في ملحمة قانونية وضعت حدّاً للمُغالطات
* دور المحكمة في مراقبة دستورية القوانين لا يقلُّ أهمية عنه في تفسير نصوص الدستور


كتب ـ سعود الفرحان:

في "دولة الدستور والقانون"، وعلى مدى أسبوع طويل وشاق وحافل بالطعون والدعاوى القضائية كانت المحكمة الدستورية برئاسة المستشار محمد بن ناجي، نجم المشهد بامتياز، لتُثبت، يوماً بعد آخر، أنها "الحارس الأمين" على نصوص الدستور، والحصن الحصين له، وخط الدفاع الأساسي عن أهدافه ومقاصده النبيلة. فعلى مدى أيام، عكفت المحكمة في دأب وإصرار على نظر الطعون التي تقدَّم بها المرشحون الذين قامت وزارة الداخلية بشطبهم من كشوف الترشح لانتخابات المجلس المُقرر إجراؤها غداً الخميس، على خلفية سابق إدانتهم بالمساس بمُسند الإمارة، ثم عادت ونظرت الطعن بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (2) من القانون رقم (35) لسنة 1962 المضافة بموجب القانون رقم (27) لسنة 2016 في شأن انتخاب أعضاء مجلس الأمة، المعروف باسم "حرمان المسيء"، الذي قررت -في حكم تاريخي سيكتب بحروف من ذهب- رفضه.
ويعتبر هذا الحكم حسماً لأي جدل يتعلق بمراسيم الضرورة، إذ أكد عدد من رجال القانون أن الحكم وضع النقاط على الحروف وأنهى جدلاً استمرَّ أكثر من ست سنوات بشأن "حرمان المسيء".
وكان آخر فصول الملحمة القانونية، الحكم الذي أصدرته غرفة المشورة في المحكمة أمس، بعدم قبول الطعن بمرسومي التصويت بالبطاقة المدنية وضم المناطق ورفض الطلب المُستعجل بوقف الانتخابات، الذي يأتي عشية الانتخابات، ليضع حداً لمُغالطات كثيرة راجت في الأسابيع والأيام القليلة الماضية.
وأجمع هؤلاء على أنه "في كل حكم من أحكام المحكمة الدستورية يثبت للمنصف أن القضاء الدستوري هو المرجع المعتمد في الحفاظ على الدستور، واحترام أحكامه، وأن الدور الذي تؤديه المحكمة الدستورية في مراقبة مدى دستورية القوانين واللوائح لا يقل أهمية عن دورها في تفسير نصوص الدستور، وإدراك هذه الأهمية، وتلك الخطورة يدعونا إلى ضرورة تعزيز القضاء الدستوري، وتوفير السبل الكفيلة بتطويره وتعزيز استقلاله، وتجرده".
ويجزم القانونيون أن الحكم بدستورية القانون (27) لسنة 2016 بأسبابه ومنطوقه نافذ بطبيعته وحجة على كل السلطات، وأن من صدر عليه حكم نهائي إعمالاً له لا يحق له معها ممارسة حق الترشيح والانتخاب؛ لأنه -كما ورد في أسباب الحكم- يكون غير أهل لتمثيل الأمة.
ويرى هؤلاء أن التداعي إلى إلغاء "قانون المسيء" امر يتسم بالاندفاع والتسرع غير محسوب العاقبة فبعد ما اكدته المحكمة الدستورية من دستورية القانون، وأن للمشرع ان ينظم الحقوق الدستورية ويضع من الشروط ما يكفل حسن ممارسة تلك الحقوق ارتأت أن الذات الالهية، والانبياء والرسل، والذات الأميرية، منزهة عن الطعن أو الإساءة، ولا يجوز الاقدام على هدر اي من المعتقدات والثوابت التي اوردها الدستور بالمواد الثانية و54 و91، والتجرؤ والدعوة الى التساهل بهذا الأمر له تبعات وخيمة على من يتبناه.
ويُنبه القانونيون إلى أن إلغاء القانون -إن تم- لا يغير في المركز القانوني لمن طبق عليه؛ لأن الأصل في القوانين أنها تصدر وتطبق بغير أثر رجعي، وأن من طبق عليهم القانون فقدوا الشروط المطلوبة في الناخب، وبالتالي فهم محرومون حرمة مؤبدة من الترشح أو الانتخاب، كما وان المحاكم على اختلاف درجاتها ملزمة بالحكم بما انتهت اليه المحكمة الدستورية في قضائها هذا بما ينحسم معه أي نزاع حول المركز القانوني للمدانين.
في السياق نفسه وملاحقة للحراك القانوني النشط وتعليقا على القرار الصادر بعدم قبول الطعن على المرسومين بقانون رقمي (5 و6) لسنة 2022 بشأن التصويت بالبطاقة المدنية وإعادة تحديد الدوائر الانتخابية أوضح القانونيون أن القرار جاء لانتفاء مصلحة الطاعن، لكنه لا يعد تحصيناً للمرسومين، وتالياً فإنَّ فرصة الطعن مستقبلاً عليهما لاتزال قائمة.
وعلى سبيل الايضاح، يشير القانونيون إلى أن المحكمة تنظر الطعن وفق الضوابط القانونية المقررة، التي تتمثل في تحقق المحكمة من صفة الطاعن، ومصلحته من الطعن، ومدى جديته، فإن رأت توافر الشروط تحدد جلسة لنظره، وان تبينت عدم توافر تلك الشروط، او بعضها، اصدرت قرارا بغرفة المشورة بعدم قبوله.
وأوضحوا ان نظر الطعن في غرفة المشورة وصدور قرار المحكمة بعدم قبوله لا يعني عدم امكانية عرض عناصر الطعن نفسها ووجوهه على المحكمة مرة اخرى عند نظر المحكمة للطعون الانتخابية، كمحكمة موضوع، والدفع أمامها بعدم الدستورية، او قد ترى المحكمة من تلقاء نفسها ان القانون غير دستوري، فالقرار الصادر بعدم القبول لا يحوز حجية بذاته بالنسبة للقانون المطعون فيه؛ لأن عدم القبول يتعلق بالشكل لا بالموضوع، ومن ثم يجوز للمحكمة أن تعيد بحث عدم الدستورية متى دفع أمامها بذلك.
وقال الخبراء: بالنظر إلى أن الطاعن طلب من المحكمة الحكم بعدم دستورية المرسومين لعدم توافر حالة الضرورة التي تستدعي إصدارهما، باعتبار أن جداول قيد الناخبين قد تحصنت قانوناً بفوات مواعيد الطعن عليها، ولأن السلطة التنفيذية أعادت تشكيل قاعدة الناخبين بإرادتها المنفردة، وهذه الأوجه كانت مطروحة على المحكمة، لكنها لم تبحثها لعدم توافر ثمة مصلحة للطاعن فيها، وهو أحد الشروط اللازمة لقبول الطعن.
تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الدستورية تمثل أعلى درجات التقاضي الدستوري، ويرأسها حالياً المستشار محمد بن ناجي.
آخر الأخبار