منوعات
"الدول والثورات"... الأزمات والأنظمة البيروقراطية وقود انتفاضات الشعوب
الخميس 14 يوليو 2022
5
السياسة
كتب ـ جمال بخيت:صدر عن سلسلة "ترجمان" في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في قطر كتاب الدول والثورات الاجتماعية: دراسة مقارنة بين فرنسا وروسيا والصين، الكتاب من ترجمة نبيل الخشن لكتاب ثيدا سكوكبول. يشرح الكتاب بنى الدولة والقوى الدولية والعلاقات الطبقية، مبينا كيف تجتمع هذه العوامل الثلاثة لشرح أصول التحولات الاجتماعية الثورية وإنجازاتها، ويقدم إطارًا مرجعيًا جديدًا لتحليل أسباب هذه الثورات والنزاعات الناجمة عنها ونتائجها.وتبلور المؤلفة تحليلًا تاريخيًا مقارنًا لحالات رئيسة ثلاث: الثورة الفرنسية من عام 1787 حتى أوائل القرن التاسع عشر، والثورة الروسية من عام 1917 حتى ثلاثينيات القرن العشرين، والثورة الصينية من عام 1911 حتى ستينيات القرن العشرين. وترى أن هذه الحالات، على الرغم من حدوثها على مدى قرن ونصف، متشابهة؛ لأنها كانت ثورات اجتماعية.يقع الكتاب في 555 صفحة من القطع المتوسط ويتكون من سبعة فصول، موزعة بين مقدمة وقسمين، الفصل الأول جاء بعنوان "تفسير الثورات الاجتماعية: بدائل من النظريات الموجودة". تقول سكوكبول إن فرنسا وروسيا والصين أظهرت أوجه تشابه في أنظمتها القديمة وسيروراتها ومآلاتها الثورية، وهي أوجه تشابه أكثر من كافية لتبرير معاملتها معًا كنمط واحد يستدعي تفسيرًا سببيًا متماسكًا، فقد حدثت الثورات الثلاث في دول زراعية غنية وطموحة سياسيًا، لم يخضع أي منها قط للاستعمار. تضيف كانت هذه الأنظمة القديمة أنظمة بيروقراطية، ابتدائية قائمة على حكم الفرد، تعيّن عليها فجأة مجابهة منافسين عسكريين أكثر تطورًا من الناحية الاقتصادية، وفي هذه الثورات الثلاث، امتزجت أزمات بتوسط خارجي بأحوال بنيوية وتوجهات داخلية لإنتاج وضع قوامه "عجز آليات الدولة المركزية التابعة للأنظمة القديمة؛ وحالات تمرد واسعة الانتشار قامت بها الطبقات الدنيا، ومنها الفلاحون على النحو الأكثر حسمًا؛ ومحاولات من جانب قيادات سياسية قادرة على تعبئة الجماهير لترسيخ سلطة دولة ثورية".وتمثل المآل الثوري في كل حالة بنشوء دولة - أمة مركزية وبيروقراطية وقادرة على ضم الجماهير مع تعزيز قدرتها بصفتها قوة كبرى في الحلبة الدولية، وأزيلت "أو أزيحت إلى حد بعيد" العقبات بوجه التغيير الاجتماعي الوطني، والتي كانت ترتبط بطبقة المالكين العقاريين العليا قبل الثورة، ونشأت أيضًا إمكانات تطوير جديدة بفضل ما حققته الأنظمة الجديدة من مركزية أكبر للدولة، ومن إشراك سياسي للجماهير.يتألف القسم الأول، "أسباب الثورات الاجتماعية في فرنسا وروسيا والصين"، من فصلين. في الفصل الثاني، "تأزم أوضاع دول الأنظمة القديمة"، تقول سكوكبول إننا نحتاج إلى إدراك ماهية بنى الأنظمة القديمة والصعوبات التي كانت عرضة لها في الأوقات التي سبقت اندلاع الثورات.وتسوق المؤلفة في الفصل الثالث حججًا تقول إن نظم الدولة تكون عرضة للانهيار الإداري والعسكري حينما يجري إخضاعها لضغوط مكثفة من دول خارجية أكثر تطورًا، مبينة أن البنى الزراعية والاجتماعية والسياسية التي سهلت قيام ثورات واسعة النطاق ضد مالكي الأراضي، كانت، بأخذ الأمرين معًا، بـ "الأسباب المميزة الكافية للأوضاع الاجتماعية - الثورية التي بدأت في فرنسا في عام 1789، وروسيا في عام 1917، والصين في عام 1911".تضيف المؤلفة إن تحليلنا لا يمكنه الاكتفاء بالأسباب، بل يجب أن يمضي إلى إظهار ما الذي تغير في الثورات الفرنسية والروسية والصينية، ولماذا نشأت هذه التغييرات بشكل منطقي من أوضاع اجتماعية - ثورية سبق لنا تتبع أصلها".يتألف القسم الثاني، "مآلات الثورات الاجتماعية في فرنسا وروسيا والصين"، من أربعة فصول، في الفصل الرابع، "ما الذي تغيّر وكيف: التركيز على بناء الدولة"، تجد سكوكبول أن القيادات ذات التوجه الأيديولوجي في الأزمات الثورية كانت محدودة جدًّا بفعل الأوضاع البنيوية القائمة، "كما كانت عرضة لتأثيرات شديدة ناتجة من التيارات الثورية المتغيرة بسرعة. وهكذا انتهى بها الأمر عادة إلى إنجاز مهام شديدة الاختلاف وتعزيز توطيد أنواع من الأنظمة الجديدة مختلفة جدًا عن تلك التي كانت في الأصل"ربما على الدوام" تنوي أيديولوجيًا إقامتها.وتضيف ان هناك أسبابا عدة لكون الأمر على هذا النحو، فالأزمات الثورية لها، من ناحية أولى، أشكال محددة، وهي تخلق تسلسلات من الممكنات والمستحيلات، طبقًا لكيفية نشوء هذه الأزمات أصلًا في أنظمة قديمة معينة بموجب أوضاع معينة".في الفصل الخامس، "ميلاد، صرح دولة حديثة في فرنسا‘"، تتفحص سكوكبول مسار الثورة الفرنسية ومآلاتها من عام 1789 حتى توطيد النظام النابليوني، وتنتهي إلى أن فرنسا، بعد قرن من عام 1789، كانت ستصبح دولة صناعية رأسمالية، لكنها في التصنيع الرأسمالي، ظلت موسومة بخصوصيات اجتماعية ومؤسسية.في الفصل السادس، "نشوء دولة حزب دكتاتورية في روسيا"، تتعامل سكوكبول مع الأوضاع في روسيا من عام 1917 وصولًا إلى انتصار الستالينية في ثلاثينيات القرن العشرين. في الفصل السابع، "صعود دولة حزب قائمة على تعبئة الجماهير في الصين"، تحلل سكوكبول التطورات في الصين بعد عام 1911، مرورًا بعام 1949، وحتى ستينيات القرن العشرين. تقول: لئن كانت مآلات الثورة الصينية متميزة "خصوصًا مقارنة بالنظام الشيوعي الروسي"، فإنّ السؤال البدهي يكون: لماذا كان هذا صحيحًا؟ في رأيها، هناك ثلاث مجموعات من العوامل المهمة بشكل خاص: التركات الاقتصادية الموروثة عن النظام القديم، والحقائق الستراتيجية لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والقدرات السياسية المتميزة التي راكمها الحزب الشيوعي الصيني في أثناء صعوده إلى السلطة.