بقلم: أولي هانسن شكلت المخاوف المحدقة بالنمو العالمي ووفرة إمدادات السلع الأساسية المسبّبات الرئيسية لحالة الضعف التي يشهدها القطاع حتى الآن خلال الربع الحالي. وبقيت المعادن الثمينة استثناءً، حيث استجابت أسعار الذهب بقوّة للتراجع المستمر في عائدات السندات العالمية.وما تزال الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأميركية والصين من أبرز بواعث القلق المتعلقة بالنمو العالمي، ما سيؤثر بدوره على آفاق الطلب على السلع المستندة إلى النمو، والتي تشمل النفط الخام والمعادن الصناعية وصولاً إلى بعض المنتجات الزراعية. ونتيجة لذلك، شهدت السوق حالة ضخّ إلى حدّ الإغراق‘ على خلفية أخبار تقلّبت بين غرس الأمل وبث اليأس من واشنطن وبكين. وساهمت حالة انخفاض السيولة خلال فترة الذروة للعطلة الصيفية في نصف الكرة الشمالي في زيادة الوضع سوءاً.ونجح الذهب أخيراً في كسر حاجز المقاومة بعد تداوله في النطاق ذاته منذ عام 2013، وارتفعت أسعاره للمرة الأولى منذ أبريل 2013 مدفوعة بقوة طلب المستثمرين إلى حدود تجاوزت 1500 دولار للأونصة. وجاء الزخم القويّ مدفوعاً بالتراجع العالمي في العائدات، وانتقال الأسواق المركزية نحو وضع التسهيلات النقدية. وبالرغم من الضعف العام للبورصة، عزز ارتفاع أسعار الذهب تحقيق مكاسب قوية بين أسهم تعدين الذهب. وارتفع مؤشر ’فان إيك فيكتورز جولد ماينرز إي إف تي(GDX ETF)، والذي يتتبّع شركات تعدين الذهب الرئيسية، بنسبة 37% حتى تاريخه و13.5% في هذا الربع وحده.كما أدى انخفاض عائدات السندات العالمية إلى وجود أسهم عالمية تتخطى قيمتها 16 تريليون دولار ، ولاسيّما من أوروبا واليابان، تقل عائداتها عن الصفر حالياً. وساهمت المخاوف بشأن المصاعب التي قد تواجهها الأسهم العالمية ووسط تباطؤ النمو العالمي، والتطورات المذكورة آنفاً في خفض تكاليف فرصة امتلاك الذهب، وخلق بيئة استثمارية مواتية للمعدن الأصفر.وعلى مدار هذا الأسبوع، تحوّل فرق أسعار العائدات بين سندات الخزينة الأمريكية المستحقة خلال عامين وعشرة أعوام نحو الجانب السلبي للمرة الأولى منذ 12 عاماً، ما تسبب بانعكاس منحن العائدات. وجرت العادة في الماضي على اعتبار مثل هذه التطورات نذيراً بحدوث ركود اقتصادي، ولكن السوق استجاب على هيئة ارتفاع كبير في أسعار الذهب والسندات، وتراجع في أسعار الأسهم والنفط الخام. ويتضح التوجّه نحو الذهب خلال عام 2019 في الطلب على الذهب ’الورقي‘ عبر العقود الآجلة والصناديق المتداولة في البورصة. وحققت صناديق التحوّط حجم انكشاف قياسي عبر مؤشر ’كومكس‘ الأمريكي للعقود الآجلة للذهب، بينما شهدت إجمالي الصناديق المتداولة في البورصة زيادة ثابتة لتصل إلى مستوياتها الحالية عند 77.5 مليون أونصة، وهو أعلى مستوى خلال ستة أعوام. وتمثّل هذه التطورات إحدى السحب القليلة في الأفق الراهن، لأنها تزيد مخاطر انعكاسات حادة كما هي الحال مع تدهور أسعار الذهب بقيمة 55 دولاار يوم الإثنين عندما استجابت السوق للأخبار حول انفراج محتمل في الحرب التجارية.
وبعد وصولها إلى القيمة المستهدفة في توقعاتنا للربع الثالث عند 1485 دولارا للأونصة، استأنفت أسعار الذهب ارتفاعها بحيث أصبح الهدف التالي من وجهة نظر فنية على المدى البعيد هو 1587 دولارا للأونصة، ما يمثل نسبة تصحيح 61.8% لعمليات البيع بين عامي 2011 و2015. ويحتاج السوق حالياً إلى التداول في نطاق أسعار ضيق، ما قد يعزز الرغبة بحصد بعض المكاسب من أي انعكاس لقوة الدولار/السندات. وكما هو الحال مع عتبة الدعم عند 1380 دولارا للأونصة بعد مرحلة الاختراق في يوليو، يبين الرسم البياني أدناه أن مستوى الدعم التالي الذي ينبغي التركيز عليه الآن هو 1485 دولارا للأونصة. ومن المرجّح أن يشير الانخفاض تحت ذلك المستوى إلى فترة تداول في نطاق أسعار ضيق تصبح معه القيمة 1450 دولار للأونصة بمثابة مستوىً رئيسي ينبغي ترقّبه مع التوجه الصاع على المدى الطويل.وواجه النفط الخام وقطاع الطاقة ظروفاً صعبة بشكل عام خلال الربع الجاري وسط التوقعات بضعف الطلب العالمي والارتفاع المعاكس للتوجهات الموسمية في المخزونات الأميركية من النفط الخام والجازولين. واتجهت الدول الأعضاء في أوبك منذ نوفمبر الماضي نحو تخفيض الإنتاج بواقع أكثر من ثلاثة ملايين برميل يومياً، ليصل إنتاجها حالياً إلى أدنى مستوياته منذ خمسة أعوام. وتمثل القسم الأكبر من هذه القيمة في التخفيضات الطوعية التي قادتها المملكة العربية السعودية، والتخفيضات القسرية من إيران وفنزويلا جراء العقوبات.وما زال سعر برميل خام برنت عند 60 دولارا، دون المستويات التي تحتاجها معظم الدول الأعضاء في أوبك لتغطية الإنفاق الحكومي. وقد أدى التركيز المرحلي للسوق على احتمالات انخفاض الطلب إلى تحقيق نجاح محدود في زيادة السعر، فيما تواصل الحرب التجارية تأثيراتها على توقعات الطلب من أكبر المستهلكين في العالم.وتنطوي الحرب التجارية طويلة الأمد على خطر تراجع سعر برميل خام برنت نحو 50 دولارا، بينما قد تؤدي التوجّهات نحو إنهائها إلى ارتفاع الأسعار بمعدل يتراوح بين 5-10 دولارات. ومن شأن هذه الاحتمالات المساعدة في توضيح الطبيعة تساعد هذه الاحتمالات في توضيح الطبيعة شديدة التقلب للسوق الحالية، بحيث ترتفع الأسعار وتنخفض بشكل كبير استجابة لأخبار الفرض المتبادل للرسوم الجمركية بين واشنطن وبكين.ويحتمل أن تضيف المخاطر الموسمية في أمريكا على العرض، مثل العواصف والأعاصير والفيضانات، طبقة دعم لأسعار النفط خلال الأسابيع القادمة. ويعزى ذلك جزئياً إلى وجود منشآت التكرير والبتروكيماويات ومعالجة الغاز الأكبر في العالم ضمن منطقة ساحل خليج الولايات المتحدة الأمريكية، مع استمرار ارتفاع نسبة كمية الصادرات اليومية من البترول والمنتجات إلى النفط الخام والغاز الطبيعي المسال.وبالرغم من ضعف المؤشرات الأساسية، تحسّنت التوقعات الفنية الخاصة بالنحاس عالي الجودة بعد أن حافظت أسعاره على مستوى الدعم الرئيسي خلال الأسابيع الماضية. وتأثرت التوقعات قصيرة المدى بمخاوف متعلقة بتأثير الحرب التجارية على تسريع وتيرة تباطؤ النمو العالمي، ما سيؤدي إلى تقليص تدريجي للطلب. ولمواجهة هذه المخاوف، بدأت بعض المؤشرات بالظهور حول تباطؤ مرتقب لنمو العرض في عام 2020. وتسهم مثل هذه التطورات إلى جانب تكثيف الحكومات من الإنفاق على البنية التحتية والمركز القياسي للبيع على المكشوف الذي يشغله المستثمرون المضاربون يجعلنا متفائلين بشأن الآفاق المتوسطة للأسعار. رئيس ستراتيجية السلع لدى ساكسو بنك