السبت 28 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الرقم20... ارتبط بالصبر والثبات في الحروب

Time
الثلاثاء 19 أبريل 2022
View
5
السياسة
(وكل شيء عنده بمقدار)، (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِيْن)، (لقد أحصاهم وعدهم عدا)، (ولتعلموا عدد السنين والحساب)... إشارات مُبينة في الذكر الحكيم إلى أهمية الأعداد والحساب، تدفع باتجاه تدبُّر مواضع ذكرها، وبيان حكمتها وأسرارها، إذ اشتملت آيات القرآن الكريم على عدد كبير من الأعداد المعروفة بدءاً من العدد "1"، حتى "مئة ألف" ليكون الكتابَ السماويَّ الوحيدَ الذي أفرد جانباً كبيراً من نصوصه للأعداد.

كتب - أحمد شحاتة القعب:

ورد العدد (20) في الاية 65 من سورة الفرقان في معرض الصبر والثبات عند ملاقاة الاعداء وذلك في قوله تعالى (يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ).
فقد امر الله عز وجل نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يحث المؤمنين على قتال أهل الشرك والضلال الذين خرجوا على حدود الله وضلوا الطريق إليه ورفضوا اتباع الحق، إلا ان حسابات القوة والضعف التي تقاس بحجم القوات والعتاد في ذلك الزمان لم تكن في صالح المسلمين انذاك، وكانت المقارنة الكمية بينهم وبين المشركين تميل دائما لصالح الطرف الاخر.
وفي المقابل، فإن اسلوب المواجهة بالسيوف كان من شأنه ان يفسح المجال لعنصر التعبئة المعنوية ويؤكد دوره المهم في حسم نتائج الحروب، ومن هنا جاء الوعد الالهي الذي يربط النصر بالصبر والثبات ودرجة اليقين فيقول تعالى: (إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِئَتَيْنِ) فقد جعل الله عز وجل من المؤمنين قوة وزاد من عزمهم وقدراتهم لأنهم أهل حق فيمكن لـ20 مؤمنًا موحدًا أن يتغلبوا على 200 من أهل الشرك، وذلك لأن أهل الشرك يقاتلون من دون عزيمة ومن دون هدف ودون أن يرجو ثوابًا على عكس أهل الحق من المؤمنين.
فالمجاهدون يقاتلون من اجل النصر والتغلب على المشركين ويرجون الثواب الكبير والأجر العظيم والشهادة في سبيل الله سواء بسواء، فيكون اقبالهم على الموت وثباتهم خلال المعركة أشد من الكفار اللذين يخافون أن يُقتلوا وتذهب حياتهم سدى، فكانت الأوامر للمصطفى صلى الله عليه وسلم أن يؤكد للمسلمين ذلك ويخطب فيهم ليمدهم بالإصرار والعزيمة وويحضهم على القتال سعيا وراء الثواب العظيم، فهم أمة صابرة يعلمون ما عند الله وما للمجاهدين من أجر كبير، بينما الكفار قوم لا يفقهون، لأنهم يقاتلون من أجل العلو في الدنيا والظفر بالغنائم دون هدف اخروي.
ولنا في يوم بدر مثال على ذلك، إذ قاتل المسلمون وعددهم من 200 لـ 300 مجاهد اكثرهم من الراجلين في مقابل المشركين وعددهم يزيد على 1000 محارب من بينهم أكثر من 200 من الفرسان، ومع ذلك التفوق العددي الضخم، استطاع جيش المسلمين أن يحقق نصرًا مبينًا كان فارقا في مستقبل الدين الجديد وفي رسوخ اليقين بأنهم على الحق، وان يد الله تؤازرهم، هذا بالإضافة الى ما حققه النصر من غنائم كانوا في امس الاحتياج اليها بعدما سُلبت اموالهم ومتاعهم في مكة، وبلغوا المدينة وكثير منهم لا يملكون شيئا ورضوا بذلك ايمانا واحتسابا لقناعتهم بالدين الجديد وثقتهم في وعد الله لهم بالنصر. وقد توقف المفسرون طويلا عند الرقم "20" في هذه الاية الكريمة، فهل كان على سبيل المثال ام القصد والتحديد؟ من احد الوجوه تقرر الاية الكريمة ان بمقدور كل مسلم ان يقاتل عشرة رجال بمفرده ويحيط بهم، وهو وجه يصعب تخيله في ضوء اسلوب القتال القديم، لأن المقاتل يبارز العدو وجها لوجه، فإذا احاط به اثنان او اكثر تكاد فرصته تنعدم في النجاة، ويزداد الامر صعوبة في حالة التفوق الكيفي اي في العتاد، فالمشركون يمتلكون عددا من الفرسان يكاد يتساوى مع اجمالي عدد المسلمين وأكثرهم مشاة، ما يعني ان كل مسلم يحارب مشركا يمتطي جوادا بينما هو على الارض تنهال عليه السهام، و تطاله سيوف الفرسان من دون ان يستطيع ردها، غير ان حسابات الدنيا تلك سرعان ما تنهار ازاء قوة غير منظورة لا يمكن قياسها ماديا وهي قوة العقيدة ودوافع المقاومة والنصر، فقد ثبت عبر التاريخ ان الظفر في المعارك عادة ما يكون حليفا للأكثر اصرارا والأعلى ايمانا وليس الاقوى عتادا، ولنا في مواجهات امم ضعيفة غلبت جيوش دول عظمى قديما وحديثا عظة وعبرة.
آخر الأخبار