الأحد 27 أبريل 2025
25°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الرقم50... الاعداد في القران الكريم

Time
الاثنين 25 أبريل 2022
View
60
السياسة
(وكل شيء عنده بمقدار)، (وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِيْن)، (لقد أحصاهم وعدهم عدا)، (ولتعلموا عدد السنين والحساب)... إشارات مُبينة في الذكر الحكيم إلى أهمية الأعداد والحساب، تدفع باتجاه تدبُّر مواضع ذكرها، وبيان حكمتها وأسرارها، إذ اشتملت آيات القرآن الكريم على عدد كبير من الأعداد المعروفة بدءاً من العدد "1"، حتى "مئة ألف" ليكون الكتابَ السماويَّ الوحيدَ الذي أفرد جانباً كبيراً من نصوصه للأعداد.

كتب - أحمد شحاتة القعب:


ورد العدد (50) في سورة العنكبوت في قوله تعالى «وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ" وهنا تتحدث الآية الكريمة عن إحدى الحقائق التي لا تزال تحير العقول عندما تشير الى ان " نوحا " أقام في قومه الف سنة إلا خمسين عاما، اذ تعددت افهام الباحثين بشأنها قديما وحديثا، وقدم الكثيرون افتراضاتهم بشأنها بناء على تأملاتهم الذاتية، وهي جميعا تحتمل الصواب كما تحتمل الخطأ، لأنه لم يؤثر عن احد الصحابة انه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عمر "نوح" عليه السلام.
وبسبب خلو الذكر الحكيم و المأثور النبوي من أية او حديث صحيح يجلي الامر، فقد بحث المفسرون عن المعنى في احبار اليهود التي تناولت قصة الطوفان البابلي جنبا الى جنب مع الاثار القديمة ايضا لأن حدوث الطوفان ثابت تاريخيا ودينيا سواء بسواء.
من الباحثين من قام بعملية حسابية بسيطة بطرح مدة الخمسين عاما من الالف ليخرج بنتيجة ان دعوة " نوح " استغرقت 950 سنة مفترضا ان السنة والعام مترادفان ولا فرق بينهما، ورأي في ذلك دليلا على الدقة في تحديد مدة دعوته، وهو نوع من الفذلكة لا تليق ببلاغة القرآن الكريم، ولا ترتفع لعمق وحكمة الذكر الحكيم.
ومنهم من فرّق بين السنة والعام ورأى في اختلاف المعدود دليلا على اختلاف المفهوم، ولكنهم عجزوا عن تقديم تفسير معقول لهذا الاختلاف، واكتفوا بالقول ان السنة تأتي في موضع الشقاء والتعب اما العام فيأتي مرتبطا بالخصب والرخاء، واستدلوا على ذلك بقَوْله تعالى في سورة يُوسف (ثُمَّ يَأتي مِن بَعدِ ذلِكَ عامٌ فيهِ يُغاثُ النّاسُ وَفيهِ يَعصِرونَ )، اذ جاء لفظ العام فيهما في سياق الخير والقبول.
ومنهم من اوغل في الجمع والطرح والقسمة وعاد الى اثار سومر القديمة وتراثها الذي يعتمد على النظام الخماسي ليخرج بنتائج عجيبة اقرب الى الهذيان تربط بين ما ورد في الآية وما ورد في التوراة اليهودية من ان نوحا عاش 500 سنة قبل الطوفان و350 سنة بعده وفق هذا الحساب لينتهي الي ان فترة مكوث النبي "نوح" بين قومه لم تزد على 120 عاما بحسابنا المعروف.
ويروي البعض اقوالا مرسلة بعضها منسوب لشخصيات تاريخية تذهب الى ان المدة التي تحدثت عنها الآية لا تمثل كل عمر" نوح "بل تقتصر على فترة مكوثه في الدعوة، وتزعم ان اجمالي عمره يبلغ 2300 سنة منها 850 سنة قبل البعثة و950 سنة اثناء البعثة و 500 سنة بعد نزوله من السفينة.
ونقل ابن كثير عن قتادة قوله " يقال إن عمره كله كان ألف سنة إلا خمسين عاما، لبث فيهم قبل أن يدعوهم ثلثمائة سنة، ودعاهم ثلثمائة، ولبث بعد الطوفان ثلثمائة وخمسين سنة "، وأفتى ابن عباس ان نوحا بُعث وهو ابن أربعين سنة، ولبث ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله، وعاش بعد الطوفان ستين سنة فيكون اجمالي عمره 1050 سنة، ويخالفه كعب الاحبار ويرى ان اجمالي عمره كان 1020 سنة فقط منها 70 سنة بعد الطوفان، اما عكرمة فذهب الى ان عمر النبي نوح بلغ 1700 سنة، منها 750 سنة بعد الطوفان.
وهي روايات لا دليل عليها من المنقول ولا من المعقول، و المعتمد لدى العلماء المحدثين فهو التوقف عند ما ورد في الآية من ان نوحا لبث في قومه الف سنة إلا خمسين عام دون زيادة او نقصان الى ان يشاء الله بجلاء المقصود.
اما سبب نزول الآية التي تتحدث عن تلك المدة الطويلة التي مكثها " نوح " فهو التخفيف عن النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيته في الدعوة، فكأن الله سبحانه يقول له: "يا محمد لقد لبث نبي قبلك تلك المدة الطويلة بين قومه و لم يؤمن معه إلا قليل وعليك أن تقتدي به في صبره على قومه ".
آخر الأخبار