منوعات
الساخرون على مائدة رمضان
الثلاثاء 05 مايو 2020
5
السياسة
يرى أن مهمته إمتاع القارئ وليس صناعة التغييرحسن بن إبراهيم السبع... صانع البهجةإعداد – ريندا حامد: "مكشر لم يبتسم مرة قد بز بالتكشير أركانه، له فم لكنه موصد، لا تنسف النكتة أركانه، يحاذر الضحك وأسبابه، خشية أن يفقد أسنانه".هذه إحدى الركلات من كتاب "ركلات ترجيح"للشاعر والكاتب الصحافي السعودي الساخر حسن بن إبراهيم السبع، الذي عرّف الأدب الساخر بقوله: "هذا الأدب يمزج المرارة بالدعابة لتخفيف عبء التوترات وتلطيف حمى الانفعـــــالات النفسية المرهقة، وأنه جد يرتدي حلة الضحك، كما أنه الهــــــزل المقوِّم لما اعـــــــوج من طباع، وشذَّ من عادات، وانحرفَ من ممارسات".ولد الساخر حسن السبع عام 1948، في سيهات بالمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، وهو الذي يقول: "ولدتُ في عام النكبة، وتزوجتُ في عام النكسة"، ورحل عن عالمنا في يوليو2017، عن عمر ناهز الـ70 عامًا، وله مسيرة حافلة مع الكلمة، التي لا تزال تزخر بها مؤلفاته الشعرية والأخرى السردية، إلى جانب مقالاته الصحافية التي نشرها عبر الصحافة المحلية والعربية، وأصدر ثلاث مجموعات شعرية: "زيتها وسهر القناديل" و"حديقة الزمن الآتي"، و"ركلات ترجيح"، وأخيراً اهتدى إلى غواية الرواية، حيث أصدر روايته "ليالي عنان: حكاية صبية بغدادية"، وهي نوع من الفنتازيا تمزج بين التاريخ والراهن، وبين الحلم والواقـــع، والماضي بالحاضر، ومن كلماته في "حديقـــــة الزمن الآتي": "كيــــــف تبدأ هذا الصباح... إذا طفلة نكثتْ غزْلهَا... ثم ألقتْ ضفائرها للرياحْ... وارتَدَتْ حلة من حرير الأقاحْ... وأفاضتْ إلى بائع الياسمين... منحته التحية: عِمْتَ صباحًا ومرَّتْ على القلبِ هذا الرصيف المباحْ".يعتبر حسن السبع من الشعراء المجددين في المملكة العربية السعودية الذين أحدثوا تطورًا في القصيدة السعودية فيما يتعلق بالرؤى والبناء اللغوي، مما جعل القصيدة وثيقة الصلة بحياة الإنسان ومشكلاتها وأزماتها، كما جعلها أكثر احتفاءً بالأسئلة المصيرية الكبرى وأكثر انفتاحًا على العصر.وصفـــــــه الشاعر فريد النمر بأنه"ذلـــك الكائن الذي ينمو في مفاصل الكون على شجرة الحياة المثمرة، ولأنه كل الثقافة في المجتمع الحرّ فقد أصبح محور الفنون التي تطوف حوله".وعند رحيله، قال عنه الكاتـــب فؤاد نصر الله: "رحل شاعر الابتسامة والصور الشعرية الكاريكاتورية المتهكمة، الشاعر الرقيق الذي رسم من صور الحياة مشاهد خالدة ما زالت ضربات ترجيحها تصدح في ردهات الثقافة وقاعات الشعر". تميز أدب حسن السبع، بتوظيف الدعابة وأسلوبه الساخر، ما جعل الكتابة الساخرة مظلة إبداعية لأعماله، إذ آمن "السبع" بأن الكتابة الساخرة أبرز ما يمكن أن يتميز به المبدع، وأعلى قدرة يمكن أن يحترفها الأديب فيما يكتبه كان ذلك شعرًا أم نثرًا.يعتقد حسن السبع أن مهمة الكاتب والشاعر أن يمتع القارئ وليس صناعة التغيير، حيث قال مدافعاً عن الشعر الفكاهي: "اعترض أحد القراء على كتاباتي الهازلة بأن "البالَ مشغولٌ". ويبدو لي أن بال القارئ مشغول لأن سفينة الحياة في العالم العربي على وشك الغرق، وأنه لا قدرة له على الضحك، وكأن التجهم هو الذي سينقذ السفينة من الغرق".يضيف: "أوشك بعضهم أن ينظر إلى هذا اللون الأدبي وكأنه "مؤامرة" من تدبير الأعداء، قلت للقارئ صاحب "البال المشغول" الذي يستكثر علينا الابتسامة في هذا العصر الضاج بالبكاء: لن يتوقف النشيد ولو نقصت الجوقة عازفا واحدا، لن يضارَّ الفضاء الفسيح لو نأى طائر واحد عن السرب، ولن يتوقف سيل الدموع لو غاب عن المأتم بكَّاء واحد".