"السعودة" و"التكويت"؟

طلال السعيد

«السعودة» مسمى اطلق على سياسة الاحلال في المملكة العربية السعودية، بأن يحل المواطن محل الوافد في الوظائف بالقطاع الخاص، مثل التكويت عندنا.
الا ان «السعودة» هناك طبقت بشكلها الصحيح، ومعناها الكامل، ونجحت نجاحا منقطع النظير من دون مبالغة.
ففي السابق، او قل في اولى مراحل تطبيقها، كانت تبدو للمواطن السعودي، او الزائر، كذبة كبيرة مطلوب تصديقها، فقد كنا نرى السعودي جالسا في طرف المحل ينتظر نزول الراتب، ولا يحرك ساكنا، بينما الوافد يدير المحل، ويتعامل مع الزبائن.
وما هي الا سنوات قليلة حتى اصبح المواطن السعودي في كل مكان، يقود سيارة الاجرة، ويخدمك في المطعم ويبيع ويشتري، وحارس امن، سواء اكان العنصر من الرجال او النساء.
وبالتدريج اختفى الوافد ليحل محله المواطن السعودي، بل ويتفوق على الوافد بتعامله مع الناس، ثم اصبحت «السعودة» امرا واقعا بعد ان كان السعودي يأنف من بعض الاعمال، ويتعالى عليها، الا انه قبل الامر الواقع، وتكيف مع الاوضاع الجديدة، فواجه الحياة بتصميم وارادة قوية!
يستطيع كل زائر، او حاج، او معتمر ان يلاحظ ذلك التغيير الايجابي بشكل واضح.
هذا الكلام نقوله لمن يشكك في قدرة الانسان الكويتي، سواء اكان ذكرا ام انثى، في ان يحل محل الوافد في كل وظيفة يشغلها حاليا الوافد، فما الفرق بين المواطن الكويتي والسعودي، ولو فرض «التكويت» كامر واقع لرأيت الكويتي في كل مكان في الكويت، يعمل بجد واخلاص من اجل حياة افضل له، ومستقبل افضل لوطنه.
لكن مشكلتنا بضعف القرار الحكومي، مع الاسف، فقد اصبح «التكويت» شعارا غير قابل للتطبيق،اذ من دون مبالغة فالمستشارون الوافدون يمسكون بمفاصل الدولة، ويقفون بوجه تطبيق «التكويت» الصحيح حرصا على مصالحهم، ووجودهم، حتى يكاد يتوقف «التكويت».
واذا اغلق باب التوظيف دخلوا من باب التعاقد، او العقود الخاصة او المسميات الاخرى.
واذا نظرنا الى قطاع «التعاون» الذي يستطيع استيعاب آلاف الكويتيين، ويحل جزءا كبيرا من مشكلة التوظيف، وديوان الخدمة، نلاحظ ان الجمعيات التعاونية تتلكأ في عملية تكويت وظائفها، وها هم الاشقاء الوافدون يتمتعون بخيرات بلدنا، وعيالنا، خصوصا من
لايحملون شهادات عليا، لا يجدون وظيفة، وبعض الوافدين، الا من رحم ربي منهم، نسمع عنهم، بين حين واخر، تسرب اموال جمعية من قبل وافد يغادر الى بلاده ويتركنا نصفق كف بكف.
هذا خلاف فروع التموين، وما يجري فيها من سرقات في وضح النهار، فهل نتوقع قرارا حازما حاسما ملزما عاجلا بـ»تكويت» وظائف التعاونيات خلال ثلاثة اشهر، على سبيل المثال، ويكون هذا القرار الملزم بمثابة اختبار عملي لنجاح «التكويت»؟ مع العلم ان الكويتي سينجح في اي مكان يوضع فيه... زين.