الأحد 10 نوفمبر 2024
27°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
السعودية الخضراء في قلب الصحراء
play icon
كل الآراء

السعودية الخضراء في قلب الصحراء

Time
الخميس 12 أكتوبر 2023
View
182
سلمان بن محمد العُمري

من الأخطاء الشائعة قديماً في مخططاتنا العمرانية في المنازل أننا عززنا البيئة الصحراوية الجافة، ونقلناها إلى منازلنا، فليس للتشجير والخضرة الاهتمام البالغ، و»يطف» صاحب بوضع شجيرات داخل المنزل وخارجه، ثم ما يلبث أن يهملها أو يقطعها ويبليط المكان.
وكان مما يميز معظم شوارع المدن الرئيسة في بلادنا جزيرة خضراء تتزين عادة بالنخيل، ثم زحفت علينا شجرة البرسوبس، وشجرة الـ»واشنطونيا»، وهي ليست من بيئتنا، ولا تمثل هويتنا، فيما أن الأحياء الجديدة معدومة من التشجير والخضرة.
منذ مدة يسيرة بدأنا صفحة جديدة، فقد أعلنت المملكة العربية السعودية، خارطة طريق لزراعة 10 مليارات شجرة، وهي تندرج ضمن التزامات المملكة، الوطنية والدولية، بالتصدي للتحديات البيئية المتعلقة بالمناخ، وتحسين جودة حياة المواطنين عبر الفوائد الاقتصادية والاجتماعية، التي سيتم تحقيقها على المدى الطويل، من خلال جهود التشجير، وذلك في إطار مبادرة «السعودية الخضراء» التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس اللجنة العليا للسعودية الخضراء.
وتأتي هذه المبادرة بالتزامن مع فعاليات النسخة الثانية من أسبوع المناخ في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي تستضيفه المملكة للمرة الأولى بين 8 و12 أكتوبر الجاري في الرياض.
وتتضمن الخارطة خطة ستراتيجية مصممة لتنمية الغطاء النباتي في جميع مناطق الموائل الطبيعية، كما تشمل المدن، والطرق السريعة، والمساحات الخضراء لضمان مساهمة الأشجار الجديدة في تعزيز صحة، ورفاه سكان المملكة الذين تعيش النسبة الأكبر منهم في المناطق الحضرية.
من المتوقع أن تستفيد مراكز المدن من زيادة الكثافة الشجرية التي ستسهم بخفض درجات الحرارة بمقدار 2.2 درجة مئوية وتحسين جودة الهواء، وتُعَدُّ درجات الحرارة المرتفعة، وتلوث الهواء من المخاطر البيئية الأكثر شيوعاً في المناطق الحضرية حول العالم، التي ترتبط بانتشار مجموعة من الأمراض غير المعدية، كما تُسهم جهود تنمية الغطاء النباتي بالمدن في خفض نسبة ثاني أكسيد الكربون.
بالإضافة إلى ذلك سيسهم تنفيذ خارطة الطريق بتوفير العديد من فرص العمل، في مختلف أنحاء المملكة، من خلال زراعة الأشجار، وجمع البذور، وتجهيز وصيانة الأراضي الزراعية، وتطوير شبكات لإعادة استخدام المياه المعالجة، وإنشاء حدائق ومتنزهات ومحميات جديدة، لتعزيز الاستدامة.
وتعدّ مبادرة «السعودية الخضراء»واحدة من أكبر مبادرات إعادة التشجير في العالم؛ وتترجم التزام المملكة بالتصدي للتحديات البيئية المختلفة، بما في ذلك انخفاض معدلات هطول الأمطار ومساحة الأراضي الصالحة للزراعة ومناطق الغابات إلى ما دون المعدلات العالمية.
وكان الهدف الأولي الذي اعلن لزراعة 10 مليارات شجرة يعادل استصلاح 40 مليون هكتار من الأراضي في المملكة، ومن خلال تنفيذ الدراسة، تم رفع هذا الهدف ليعادل حاليا استصلاح 74.8 مليون هكتار من الأراضي، ويشكّل هدف زراعة 10 مليارات شجرة نسبة 1% من هدف التشجير العالمي، و20% من هدف زراعة 50 مليار شجرة الذي حددته مبادرة «الشرق الأوسط الأخضر».
خارطة الطريق لا تمثّل بداية جهود التشجير في المملكة، إذ شهدت الفترة بين عامي 2017 و2023 زراعة 41 مليون شجرة في مختلف أنحاء المملكة، كما أن خارطة الطريق استندت إلى دراسة جدوى علمية ستراتيجية استمرت عامين، جرى تنفيذها بالتعاون بين وزارة البيئة والمياه والزراعة والمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحّر، بمشاركة نخبة من أمهر الخبراء، محليّاً ودوليّاً، كما توسّعت الدراسة إلى جانب التركيز على تمكين المملكة من تحقيق هدف زراعة 10 مليارات شجرة، لتشمل أساليب الري المستدامة، وضمان توافق أنواع الأشجار المختارة مع الغطاء النباتي، وقدرتها على التكيف مع مناخ المملكة، وشملت الدراسة أكثر من 1,150 مسحاً ميدانيّاً في مختلف مناطق المملكة لتحديد المواقع الجغرافية الأنسب لزراعة الأشجار، استناداً إلى الظروف البيئية المختلفة، بما في ذلك التربة، والمياه، ودرجات الحرارة، والرياح، والارتفاع عن مستوى سطح البحر، كما تضمنت الدراسة تقييماً شاملاً للقطاعات ذات الصلة، بالاستفادة من التوصيات العلمية والتقنيات المتقدمة.
ومن المقرر تنفيذ خارطة الطريق المعتمدة على مرحلتين؛ تمتدّ المرحلة الأولى من عام 2024 حتى عام 2030،وتَتَّبِع نهجاً قائماً على الطبيعة؛ لإعادة التأهيل البيئي، بينما ستبدأ المرحلة الثانية في عام 2030، وسيتم خلالها العمل على استحداث نهج شامل يعتمد على الجهود البشرية في إعادة التأهيل البيئي.
وفي السعودية أكثر من 2,000 نوع نباتي، التي تزدهر عبر مجموعة متنوعة من الموائل الطبيعية، بما في ذلك غابات المانغروف، والمستنقعات، والغابات الجبلية، والمراعي والمتنزهات الوطنية والوديان، ومن المتوقع زراعة أكثر من 600 مليون شجرة بحلول عام 2030،أي ما يعادل استصلاح 3.8 مليون هكتار من الأراضي، وتعدّ استعادة وحماية التنوع الأحيائي أحد أهم الجوانب التي يركز عليها هدف زراعة 10 مليارات شجرة.
ورأينا جهوداً لبعض الشباب يقاومون التصحر بنشر بذور في الصحاري، ويوالونها حتى تنبت وتترعرع، كما شاهدنا بعض رجال الأعمال يحيون مزارع قديمة، واستثمارها، وتحويلها منتزهات ومنتجعات، وأصبحت هذه الأماكن جميلة وجذابة للغاية.
فقد تم الحفاظ على البيئة الطبيعية وعدم القضاء على المسطحات الخضراء واستبدالها بالمباني الاسمنتية، وهي فكرة جميلة ورائعة، وقد زرتها في القصيم، وفي بعض ضواحي الرياض.
كاتب سعودي

سلمان بن محمد العُمري

[email protected]

آخر الأخبار