الثلاثاء 06 مايو 2025
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

السيدة نفيسة... حفيدة الرسول

Time
السبت 16 مايو 2020
View
20
السياسة
إعداد - نورة حافظ:

في المنطقة التي تحمل اسمها بحي مصر القديمة بمصر المحروسة والتي كانت قديمًا هي "درب السباع" يقع مقامها ومسجدها الذي يقبل على زيارته الكثيرون، فهي بالنسبة لهم الحب الملهم ونفيسة العلم...إنها السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيد الأبلج بن الحسن سبط رسول -الله صلى الله عليه وسلم - بن علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين وابن عم النبي محمد (ص)، ووالدتها زينب بنت الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، نسل مبارك ونطف تحمل جينات التدين والفقه.

ولدت نفيسة في مكة المكرمة في 11 ربيع الأول عام 145هجرىة وقت الخلافة الأموية ومكثت بها حتى سن خمس سنوات ثم رحلت مع أسرتها إلى المدينة المنورة وهناك تلقت علم الحديث والفقه على يد علماء ومشايخ المسجد النبوي فظهرت فطنتها وتمكنها مبكرًا، وعرفت بزهدها وعبادتها وتهجدها حتى نسب العلم إلى اسمها ولقبت بـ"نفيسة العلم" .

زواجها
بلغت "نفيسة العلم" سن الزواج فتهافت عليها الشباب، حتى تقدم إليها إسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق بن الحسين بن علي ابن أبي طالب، فوافق أبوها على زواجهما عام 161هـ، واجتمع النوران، نور الحسن والحسين، فأصبحت كريمة الدارين وأنجبت له "أم كلثوم"، و"القاسم"،كما حافظت "نفيسة" على سنة جدها محمد (ص)، فكانت زاهدة عابدة، تقوم الليل وتكثر من الصيام دون انقطاع عن الحياة، وما كانت تهجر سوى ما يعوقها عن العبادة، حتى لقد سألتها يومًا السيدة زينب ابنة شقيقها أن تترفق بنفسها وقالت عنها: "خدمت عمتي أربعين عامًا ما رأيتها نامت بليل ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق".

قدومها مصر
حضرت مصر مع زوجها في 26 رمضان عام 193 هجرية وقضت بها خمسة عشرة عامًا، كان قدومها ظرفًا استثنائيًا عند المصريين فقد خرجوا لاستقبالها في مدينة العريش وأحاطوا بها واستبشروا خيرًا بوجودها وحضروا مجالسها في العلم وأقبلوا عليها حتى قالت: "كنت قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى"، فزع الناس وحزنوا ورفضوا رحيلها حتى تدخل والي مصر السري بن الحكم وقال لها: "يا ابنة رسول الله، إني كفيل بإزالة ما تشكين منه" فوهبها دارا واسعة وحدد يومين أسبوعًيا يزورها الناس ينهلون من علمها وطيب مجلسها.
وبعد أن حضر الإمام الشافعي إلى مصر عام 198هـ أصبح مداومًا على مجلسها والتعلم منها وكان يؤمها في صلاة التراويح، ولقد وقفت إلى جواره في محنته وخلافه مع بعض العلماء في مصر حتى وافته المنية وقد أوصى قبلها أن تصلي عليه وتدعو له فمعلوم عنها استجابة الدعاء.

دعوات مستجابة
عندما دب الفقر في البلاد وصمت الآذان عن شكوى المظلومين والفقراء،اشتكى الناس إليها من ظلم الحاكم ابن طولون، فما كان منها إلا إعداد خطاب اعترضت به موكب الحاكم بكل أدب وثبات وقدمته إليه تقول فيه: "ملكتم فأسرتم وقدرتم فقهرتم وخولتم ففسقتم ورد إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نفاذة غير مخطئة؛ لاسيما من قلوب أجهدتموها وأكباد جوعتموها وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنا إلى الله متظلمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون".
أسقط في يد ابن طولون لعلمه بأنها مستجابة الدعوة فعدل من فوره، كما اشتكى لها المصريون انخفاض منسوب النيل وما يترتب عليه من جفاف وشح الأرزاق، فخلعت نقابها وقالت ألقوه في النيل ففاض النهر؛ استجابة لدعائها وبركة وجودها، كما أنها عندما رأت ابنة جارها اليهودي في مرض، دعت لها فاستجاب الله وشفاها، وهناك كثير من الروايات عن كراماتها وأنها كانت مستجابة الدعاء.

فراق وحزن
حفرت السيدة نفيسة قبرها بيدها شأنها شأن الواثقين الزاهدين، واشتد عليها المرض وهي صائمة، فنصحوها أن تفطر فأبت أن تقابل الله إلا صائمة وقرأت سورة الأنعام حتى قوله: "لهم دار السلام عند ربهم" عندها أسلمت الشريفة روحها، في عام 208هجرية، وأراد زوجها نقل جثمانها إلى المدينة المنورة وسط توسلات، ودموع المصريين أن يترك لهم نفيستهم ولم يحسم الأمر سوى رؤية رآها جعلته يعدل عن رأيه ويدفنها في مصر لتشرف ترابها وتظل "نفيسة العلم" و"كريمة الدارين" وحفيدة رسول الله (ص) تمنح أرضها البركة والسيرة العطرة والعظة المتصلة.
آخر الأخبار