منوعات
"السيكوباتي"مجرمٌ مخادعٌ في ثياب الشهامة والجاذبية
الأحد 05 أبريل 2020
450
السياسة
يقول رسول الله ( صلى الله عليه وسلم): "آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر"، والمنافق هنا، علميًا وطبيًا، هو "الشخص السيكوباتي" الذي يتلذذ بالكلام المعسول، والمظهر المسالم، والعيون الصادقة ظاهريًا، الماكرة باطنيًا.حول الشخصية السيكوباتية، سماتها، أنواعها، ألاعيبها، خطورتها، طرق التعرف عليها، كيفية الوقاية من شرورها، فرص علاجها، أكدت أستاذ ورئيس قسم الصحة النفسية،كلية الطب جامعة المنصورة د.وفاء البهائي في لقاء مع "السياسة" أن "الرجل السيكوباتي مريض عقليا ونفسيا ويضمر عدوانية كبيرة، ويعشق الإجرام رغم ما يبديه من عذوبة ومعسول الكلام والشهامة الظاهرية، ويستمتع بمشاهد العنف والدم والتعذيب"، لافتة إلى أنه مرض وراثي ولا يوجد له علاج دوائي بل جلسات بالكلمة الحسنة والتعامل، وفيما يلي التفاصيل:* يحتاج لعلاج طويل وخطره كبير لأنه لا يتورع عن قتل الآخرين* ظاهرياً مسالم وودود ورائع وجذاب لكنه داخلياً دموي ماكرماذا تعني السيكوباتية ؟السيكوباتية مرض عقلي يجعل الشخص أكثر عدوانية نحو الآخرين والمجتمع، يسمى عمليًا بـ"الاعتلال النفسي" الذي يدفع المصاب به لأن يكون أكثر صعوبة وتعقيدًا وعدوانية اذ تكون العدوانية بطارية تشبع لذّاته،يكون في تلك الحالة أكثر نشوة فيؤثر على الآخرين بعدة طرق،يتلاعب بهم، بمشاعرهم،وبأفكارهم عبر عذوبة كلامه دون وفاء بأية كلمة مما يقول، إنه غالبا يكون شخصا محبوبا بسبب عذب كلامه الذى يظهر في شخصيته الخلابة، الطيبة، والخلوقة ظاهريًا، ويكون أكثر اجتماعية، ويتميزً بحضور قوي بين الجميع وفي كل المناسبات دون قدرة من أحد على كشف حقيقته وعدوانيته الداخلية.ما سمات الشخص السيكوباتي؟مصدر لكثير من الشرور، المشاكل، ومفتعل للأزمات، من سماته "المكر، الخداع، عذوبة الكلام دون فعل، التلذذ بضرر الآخرين، سطحي التفكير، لطيف في أول ووسط وآخر الكلام، لا يتأثر بالمشاعر، عديم الحرج والكسوف، يمتاز بالشهامة الظاهرية والخدع الباطنية، والمرونة في التعامل والتأثير على الآخرين، الاحتيال،و إيذاء الكل حتى الحيوانات، منعدم الإحساس بآلام من حوله، يعشق الإجرام، لا يمتثل لعادات، تقاليد، قوانين، وأعراف المجتمع، يفتقر للشعور بالندم، دائم الوسوسة، كثير الإدمان للكحوليات، المخدرات، لعب القمار، وحب الشهوات واللذة للمحرمات، يتصرف بطيش، يمثل الشيء ونقيضه.ما الأسباب والدوافع التي تؤدي إلى تلك الشخصية؟قد يكون وراثيا نتيجة صفات اكتسبها الابن أو البنت من الوالد أو الوالدة، اذ تنتقل تلك الصفات الوراثية إلى الأبناء، نتيجة مرض أو مشاكل عضوية بالعقل، وخلل هرموني داخلي كيميائي، والمرور بأزمات اقتصادية أو اجتماعية، وفقدان أحد الأقارب، والانفصال، وضغوط تؤثر على عقله ونفسه، فتصيبه بتدهور عقلي ونفسي، واضطراب عصبي،وفقدان القدرة على التخطيط للحياة والمستقبل.متى يصاب الشخص بالسيكوباتية؟يصاب، حسب المحيط الذي يعيش فيه وتأثره به وكم الضغوط خلال مسيرة حياته، يمكن أن تلاحق الطفل في صغره وتظهر في شكل عدوانية تجاه الآخرين، عائلته، أصدقائه، ألعابه، الحيوانات، وكل ما يتعرض إليه، فيميل للعدوانية، العنف، والشجار، ويلجأ للكذب والاحتيال،تتعاظم تلك الصفات حتى تصل لمرحلة الاحتراف في مراحل متقدمة من العمر.ما أنواعها؟يوجد سيكوباتي عارض، أى الذي يصاب بسيكوباتية عارضة خلال فترة معينة لأسباب تدفعه للكذب لفترة قد تصل لأشهر أو سنوات، لكنها حتمًا ستنتهي مع العلاج، وهناك سيكوباتي معتدل، يكون مصابا دائما بالسيكوباتية لكنه غير نشط وغير فعال بشكل دائم، بل تظهر أعراضها لفترة وتخمد مرة أخرى، وهكذا يكون عدوانيا لكن ليس بالدرجة الكبرى.هل توجد أنواع اخرى؟نعم، من ذلك السيكوباتي الدائم المتقلب، انه الأخطر والأشرس، فهو يكون دائم العداء والانفعال والنشاط، ويحاول تحقيق أهدافه بشتى الطرق، يضحي بكل شيء في سبيل تحقيقها، حتى أفراد أسرته ووالديه.هل تختلف السيكوباتية في الرجال عن النساء؟لا تختلف كثيرًا، بل يمكن أن تكون أكثر دهاءً في النساء عن الرجال،تظهر بدرجة أكثر خطورة في الرجال لكن في نهاية المطاف، كلاهما يمثلان خطرا على الفرد والمجتمع ويجب الحذر منهما.اعتلال نفسيهل يعتبر مريضا ؟السيكوباتية اعتلال نفسي، أى يعد مرضًا عقليًا ونفسيًا، فالمريض به يعانى من تدهور عقلي، خلل هرموني،مشاكل عصبية دماغية، مشاكل نفسية، تناوله لعقاقير من المهدئات ومضادات الاكتئاب تقلل حدة المرض لكنها لا تعالج المرض نفسه اذ تكون مسكنات أو تكون "مجمد مؤقت" للانفعال ورد الفعل المضطرب من قبل المريض.هل الشخصية السيكوباتية نرجسية؟لا، إنها تختلف عن الشخصية النرجسية، لأن النرجسي يحب ذاته ويقدرها، ويظهرها بشكل استثنائي، لديه إعجاب بالنفس وبخاصة المظهر والشكل،العضلات،الملامح، يفرط في إظهار نفسه بين الآخرين، لدرجة التضخيم، تظهر هنا العظمة في النفس والعجرفة، لكنه غير عدواني مثل السيكوباتي.كيف يختار السيكوباتي ضحيته؟يدرس الأشخاص من حوله،يحاول العثور على الضحية الساذجة، التى تتمتع بالغنى المادي أو التميز العلمي، التى تشعر بعدم الأمان، الوحدة،و عدم الاستقرار، أن تكون ذات نية سليمة، ليس لديها القوة لصده، أن تكون منعزلة قدر الإمكان، مستقلة عن باقي العائلة، مما يسهل عليه الإيقاع بها.مخادع ممتازهل يكون أكثر خداعًا من الأشخاص العاديين؟نعم، إنه مخادع ممتاز، محاور مهاري، مقنع جدًا، لا تظهر عليه علامات الكذب والاحتيال، يحقق أهدافه بكل الطرق.ما أبرز طريقة لكشف خداعه وتجنب شروره؟الطرق تختلف باختلاف الشخصية ومدى القرب منها، والقدرة على محاورتها كما يمكن كشفه عبر عيونه، وحركاته، وأنفاسه، فيما وضع عالم النفس الدكتور كلسكي 16 قاعدة للكشف ومعرفة الشخصية السيكوباتية، منها جاذبيته الظاهرية ومستواه الجيد من الذكاء، وتمتعه بغياب الأوهام والعلامات الأخرى الدالة على التفكير اللاعقلاني، لا يشعر بـ"التوتر" أو أي من مظاهر العصاب، يتمتع بعدم الموثوقية، وانعدام الصدق والإخلاص، وانعدام الندم والخجل، له سلوك مضاد للمجتمع، قدرته على الحكم ضعيفة، انعدام القدرة على التعلم من التجارب، يتعظم لديه الشعور بالذات، يعجز عن الشعور بالحب، تنخفض لديه الاستجابات الوجدانية الرئيسية، لديه فقر الاستبصار، تنخفض لديه الاستجابة لعلاقات الشخصية العامة، لديه سلوكيات غريبة غير قابلة للتعليل، يشرب الكحول والمهدئات، لا تتفق مع شخصيته فكرة الانتحار أبدًا، لا يهتم بالحياة الجنسية فهي ليست ذات أهمية كبيرة من وجهة نظره، ويعجز عن إتباع خطة حياتية محددة.إلى أي مدى تكون مضاعفات الإصابة وتطورها؟قد يؤدي الإصابة بالسيكوباتية الى القتل، إدمان المخدرات والكحوليات، الطلاق، ترك المنزل، العزلة، التوحد، الاغتصاب، السرقة، الضرر بالأشخاص، الإضرار بالممتلكات الخاصة بالأفراد والممتلكات العامة، محاولات الحاق ضرر بالمجتمع تهديد السلم، تهديد الكبار وحتى الأطفال".كيف نتعامل معه؟بالحذر الكافي، تحاش أي تعامل يهدد فيه النفس، المصلحة الاجتماعية، والمنفعة الاقتصادية، يفضل أن يكون لدور الأسرة النشاط الأكبر في التعامل معه وعلاجه وإصلاحه، لأنها الأكثر تأثيرا والطريق الأقرب لعلاجه.كيف يتم ذلك؟رغم أن السيكوباتية مرض ومرض عدواني إلا أن المصاب إنسان يتأثر ويؤثر، رغم قلة تأثره إلا أن تلك الـ"قلة في التأثر"، يمكن لأفراد أسرته "الزوج، الأخ، الابن، الوالدين أو درجة قرابة أو قرب منه"، يمكنه تقديم حلول إيجابية لمشكلته، تبدأ بالنصح والإرشاد وإظهار له مساوئ تصرفه، فالقريب من المصاب له تأثيره الخاص لأنه ينشط لدى المريض فرص تأنيب الضمير الميت والتأثير بنصحه لينخرط في أنشطة تشجيعية مغايرة عن التي يعيشها، وإظهار مزايا الصدق،الأمانة،وعدم الغدر،والخيانة،والبطش بالآخرين،،وإظهار مخاطر الكذب وخطورته على الأهل، الأقارب وأخوة الدم، لأنهم لا يقلون أهمية، قيمة،ووجودا عن الآخرين من أبناء المجتمع.هل يجب عزله بسبب خطره؟حسب الحالة، إذا كانت خطورتها تصل للإضرار العمدي والمتواصل يجب عزله، فالأمر قد يرتبط بمرض نفسي وعضوي، وخلل هرموني وعصبي، واضطرابات لا حدود لها، أما خلاف ذلك فيجب التواصل مع إصلاحيين ومراكز تنمية بشرية وذاتية لتأهيله نفسيا.هل العلاج الدوائي غير مجد فى تلك الحالات؟بشكل كبير لا تقدم العلاجات بالعقاقير النفع بالقدر الكافي،مع ذلك فدورها موجود لكنه محدود، كما أن المصحات العلاجية لن تقدم العلاج الذي يأمله المريض بشكل كامل مثل أي مرض عضوي، فالعمل على إصلاحهم يتطلب معاملتهم بطرق مختلفة عن العلاجات التقليدية " جلسات و أدوية علاجية"، كما أن العلاج يحتاج لوقت طويل قد يصل لأشهر بل لسنوات بما لا يتوافق مع إيداع المريض في مستشفى، فلن تجدي "إبرة" أو عقار إنما الكلمة والفعل الحسن من شخص يثق به.وأشارت إلى أن هناك سمات عدة تميز السيكوباتيين من بينها: •يتمتعون بعفوية شديدة تترك انطباعًا كبيرًا لدى الأشخاص من حولهم.•يشعرون بتعظيم النفس ويقومون بتفخيمها دائما كما يشعرون بالملل سريعًا، ولا يمكنهم الخروج من هذه الحالة إلا بمغامرات مرعبة، أو علاقات غير شرعية.•يكذبون لمجرد الإثارة فقط وإحداث تشويق على الحدث مهما كان.•يستمتعون بالتلاعب بمشاعر الآخرين.•لا يشعرون بالندم أو الذنب أبدا وتعجبهم كل تصرفاتهم مهما كانت سيئة.•لا يُبدون أي رحمة أو تعاطف مع مشاكل الآخرين الإنسانية.•لا يستطيعون التحكم في ردود أفعالهم، قد يقومون بأفعال بشكل مندفع.•لديهم مشكلات سلوكية في صغرهم، كالعنف أو إيذاء الأصدقاء أو الكراهية عموما.•يملكون الكثير من العلاقات العاطفية قصيرة المدى.•يرفضون دائمًا تحمل نتائج أخطائهم.•في الغالب لديهم جنح أو تعرضوا للتوقيف في صغرهم.•يستمتعون بمشاهد العنف والدم والتعذيب ويميلون لمشاهدة القصص والأفلام التي تحتوي على هذه المشاهد.