كتب - مفرح حجاب:منذ بداية صناعة السينما في الكويت خلال العام 1965، راهن الكثير من المهتمين بها على أنها ستكون مزدهرة كما هو حال المسرح والدراما التلفزيونية، لما تتمتع به الكويت من ريادة ثقافية وفنية في هذه المنطقة من العالم العربي، حيث تجلت الريادة الثقافية والفنية الكويتية في القرن الماضي وكان من بينها صناعة السينما، التي بدأت العام 1965، بفيلم "العاصفة"، وهو أول فيلم روائي كويتي من بطولة الفنانين عبدالحسين عبدالرضا، خالد النفيسي، جوهر سالم، من تأليف عبدالأمير التركي، إخراج محمد ناصر السنعوسي، وإنتاج تلفزيون الكويت، ثم فيلم "بس يا بحر" عن حياة صيادي اللؤلؤ في الكويت إبان مرحلة الاستقلال من إخراج خالد الصديق، تأليف وحوار الكاتب الإماراتي عبدالرحمن الصالح، وبطولة سعد الفرج، حياة الفهد، محمد المنصور، وانتاج شركة أفلام الصقر.حقق "بس يا بحر" نجاحا كبيرا فنيا وجماهيريا، وكان أول فيلم كويتي يرشح للمنافسة ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي في الدورة الخامسة والأربعين لجوائز "الأوسكار"، لكنه لم يصل إلى قائمة الأفلام الخمسة المتنافسة، وحصد خلال مسيرته عددا وافرا من جوائز المهرجانات العربية.أنتج بعد ذلك مجموعة من الأفلام مثل "أوراق الخريف، عرس الزين، الصمت، الفخ" وغيرها، وتوقف الإنتاج السينمائي إلى أن وصلنا مرحلة الأفلام الجماهيرية في العام 2004 من خلال أعمال "شباب كول" ثم "طرب فاشن، معتوق في بانكوك، تورا بورا، هاللو كايرو، كان رفيجي، إليسا خطفها جميل، حبيب الأرض، العتر، خميس وجمعة، سرب الحمام، ودي أتكلم، خلني ساكت، ومسج".خلال هذه السنوات منذ العام 1965 وحتى الآن كانت هناك بعض الأفلام، التي لها تأثير ليس بين السينمائيين فحسب وانما أيضا بين الجمهور، خصوصا الأفلام الأولى مثل "العاصفة، بس يا بحر، والفخ" ورغم براعة صناعة هذه الأفلام في ظل عدم وجود امكانيات الا انها كانت مؤثرة وتبشر بوجود صناعة سينمائية جماهيرية، لكن ما حدث بعدها اقتصر على مجرد تجارب فردية وأعمال قصيرة، ثم عاد الاهتمام بالسينما مجددا وقدم محمد دحام والمؤلف حمد بدر فيلم "شباب كول" ثم توقف الإنتاج مرة أخرى إلى أن دخل الفنان طارق العلي، على خط السينما الجماهيرية بفيلمي "معتوق في بانكوك وهاللو كايرو" لتحريك الصناعة.وفي الوقت الذي كان الجميع محبطا من صناعة السينما نتيجة عدم دعم المؤسسات الاقتصادية لها، كان هناك مجموعة من الشباب تفكر بشكل واقعي لوجود سينما كويتية منهم رمضان خسروه، الذي قدم مجموعة من التجارب الناجحة منها "سرب الحمام، حبيب الأرض والعتر" وكذلك المخرج المؤلف عمار الموسوي، الذي حاول أن يجتهد ويقدم مجموعة من التجارب ويطرحها في دور العرض وكان مغامرا في الكثير من الأحيان ومن أهم تجاربه "كويت مراكش كويت، جذبة بيضاء، خروف العيد، الجولة الأخيرة، وغيبوبة"، بينما كان المخرج صادق بهبهاني يعمل على وجود سينما جماهيرية وفق مفهوم وفلسفة واضحة واعتمد في تجاربه على وجود آلية تتيح تواجد الفيلم الكويتي ليس في دور السينما فحسب وانما في المهرجانات والمحافل الدولية ونجح بشكل كبير وجعل العديد من الرعاة في الكويت ينحازون إلى أفكاره بالإضافة إلى نيله جائزة الدولة التشجيعية من خلال فيلم "خلني ساكت"، الذي عرض في السينما والعديد من القنوات الفضائية.تتلخص أزمة الإنتاج السينمائي الكويتي في أمرين، أولهما عدم وجود إيمان من المؤسسات الاقتصادية والشركات بأهمية السينما ودورها الحضاري في المجتمع وكذلك في الترويج والتسويق لمنتجاتها نظرا لوجود فترات غياب بين كل فيلم كويتي يعرض، الأمر الآخر هو نوعية المنتجين الصغار الذين يعملون في الساحة، حيث يطمح بعضهم لان يكسب 4 آلاف دينار من صناعة الفيلم فقط بصرف النظر عن المحتوى، ووجود هؤلاء لن يفيد الفيلم الكويتي بشئ، كذلك ظهرت أزمة تكرار ممثل أو ممثلين فقط في كل الأفلام باعتبار انهما أكثر من يضحك الجمهور، وهذا التوجه من شأنه أن يعيدنا إلى المربع الأول في صناعة الفن السابع، فضلا عن استخدام أدوات فنية بعيدة تماما عن التقنيات الحديثة التي تستخدم في إنتاج السينما، لذا إذا كان هناك رغبة حقيقية للعودة إلى الإنتاج السينمائي الجماهيري يجب أن يكون هناك منتجين لديهم نفس طويل يعملون على طرق أبواب المؤسسات الاقتصادية وتنظيم ندوات ومحاضرات لأصحاب القرار يشارك فيها متخصصين في الصناعة، للحديث عن أهمية السينما بالمجتمع كوجه حضاري مشرق ينقل الثقافة المحلية إلى العالمية، بالإضافة إلى الجدوى الاقتصادية لهذه الصناعة، ويبقى الأهم وهو أن يتوقف المنتجون الذين يحاولون الحصول على مكاسب مادية ضئيلة من خلال أفلام ضعيفة من شأنها أن تعيق مستقبل السينما وتؤثر سلباً عليها.