الاقتصادية
"الشال": التناقضات الحكومية تعمِّق مخاطر ميزانية 2019 - 2020
السبت 26 يناير 2019
5
السياسة
الرواتب والدعوم تلتهم 71 % من الموازنة العامة مقابل 17 % فقط للمشروعات الإنشائية تناول تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي أربعة محاور رئيسية شملت مشروع ميزانية السنة المالية 2019-2020، والتصنيف الإئتماني للكويت – "ستنادرد أند بورز"، والأعداد والأجور وقطاع العمل في الربع الثاني 2018، والعمالة المنزلية أو القطاع العائلي بالربع الثاني 2018. في المحور الاول افاد "الشال" ان السنة المالية 2019-2020 هي خامس سنة مالية منذ الهبوط الحاد في أسعار النفط في خريف عام 2014، ومع صدور مشروعها في21 يناير 2019، بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي للأسابيع الثلاثة من العام الجديد نحو 57.4 دولار، هبوطاً من مستوى 68.7 دولار لمعدل سعر برميل النفط الكويتي للسنة الميلادية 2018، وتبذل محاولة حالياً لخفض الإنتاج من أجل دعم الأسعار. وقراءة أرقام مشروع الموازنة لا يعطي فقط دليلا قاطعا على فشل سياسات الإصلاح المالي ومعها الاقتصادي، وإنما يعطي دليلا قاطعا على نكوص عنها والسير في إتجاه معاكس لها. المشروع يبدأ بتقدير لجانب الإيرادات، عند 16.4 مليار دينار، ضمنه إيرادات نفطية بنحو 14.5 مليار دينار، عند مستوى تقديري لمعدل أسعار النفط بحدود 55 دولارا للبرميل، ومعدل إنتاج بحدود 2.8 مليون برميل يومياً أو 2.724 مليون برميل يومياً وفقاً لحصتها المخفضة في "أوبك". ذلك يعني أن واقع سوق النفط الضعيف مأخوذاً في الاعتبار عند وضع التقديرات، وأن سقف الإيرادات المقدر يفترض أن يكون الأساس في تبني أهداف السياسة المالية لو كان هناك أي نية للإصلاح، أو حتى نية أقل تواضع، وهي إبطاء وتيرة استنزاف المالية العامة، ومن الواضح أن أياً منهما لم يكن في الحسبان. ففي جانب النفقات، تم استنساخ كل خطايا الماضي، وكان سوق النفط لا يزال كما كان في عام 2013، فالنفقات العامة بالمطلق زادت بمليار دينار أو بنسبة 4.7%، والإنفاق الجاري وغير المستدام لا يزال يتزايد بالمطلق ويحتفظ بمساهمته النسبية المرتفعة جداً وغير المستدامة. ورغم أن سقف الإنفاق الأعلى وفقاً لقــرارات مجلــس الـوزراء لا يفتـرض أن يتجـاوز 20 مليار دينار، وقيل أن تجاوزه في السنة المالية 2018-2019 إلى حدود 21.5 مليار دينار كان لظرف استثنائي لمواجهة أزمة تضخم العُهد، إلا أنه بلغ في مشروع السنة المالية القادمة 22.5 مليار دينار. وفي التوزيع النوعي، يصرف نحو 71% في الموازنة العامة على الرواتب والدعوم، و17% للمشروعات الإنشائية وهي مصروفات لا علاقة لها بأهداف التنمية وأهمها خلق فرص عمل مواطنة مستدامة، و12% لكل ما تبقى. والحصيلة هبوط مستويات التعليم وتردي الخدمات الصحية، وفساد البنى التحتية، تكلفة ومستوى، واستشراء الفساد والهدر، أي ضخامة مصروفات غير مستدامة، وعجزها وربما معاكستها مع تحقيق أي أهداف تنموية. ذلك يحدث، رغم أن مشروع الموازنة يحدد سعر التعادل لها بنحو 75 دولارا من دون اقتطاع نسبة الـ 10% من الإيرادات لاحتياطي الأجيال القادمة، ترتفع إلى 80 دولارا إذا لم تقتطع تلك النسبة. بمعنى آخر، تقول الحكومة، إن وضع المالية العامة صعب وغير مستدام، وتلك خلاصة في غاية الخطورة ومسؤوليتها السياسية عظيمة، وتقدم نسخة لمشروع موازنة أسوأ من نسخة السنة المالية السابقة لها. وتقدم نفس الحكومة مشروعاً يزيد مخاطر المالية العامة إلى حدود غير محتملة، وذلك يطلب السماح لها برفع سقف الاقتراض إلى 25 مليار دينار، والسقف الزمني إلى 30 سنة، وهو مشروع كارثي إن استخدم في تمويل أنماط الإنفاق الحالية. والمشكلة، أن الوطن غارق في التناقضات، فلمجلس الوزراء سقف أعلى معلن للنفقات العامة، ولديه مشروع يتجاوزه، ولدى المجلس الأعلى للتخطيط والتنمية مشروع إصلاح يشارك فيه أهم الوزراء، ولمجلس الوزراء مشروع موازنة نقيض، وللقطاع النفطي مشروع لمزيد من الاعتماد على النفط، ولمجلس الوزراء مشروع للفكاك التدريجي من الاعتماد على النفط، ولا نعرف من نصدق.