الاقتصادية
"الشال": القطاع النفطي بحاجة إلى 900 مليار دولار خلال عقدين
السبت 29 ديسمبر 2018
5
السياسة
تطرق تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي لمحاور عدة اهمها: أسعار الفائدة وإدارة قطاع النفط ونتائج بنك وربة – 30 سبتمبر 2018، ثم الأداء المجمع لقطاع البنوك – 30 سبتمبر 2018. وحول إدارة قطاع النفط قال التقرير انالنفط، مصدر كل التمويل للمالية العامة، ففي سنوات الرواج، ورغم الانفلات المؤذي حينها للسياسة المالية، يوفر النفط ما يكفي لبناء طبقة شحم أو احتياطيات مالية، وزمن رواجه مرة أخرى لن يتحقق في المستقبل المنظور، وفي زمن ركود سوق النفط، يظل يمول 90% من نفقات الموازنة العامة بشكل مباشر، أو إضافة إلى السحب من مدخراته أو الاقتراض بضمانها. وفشل السياسة الاقتصادية على مدى أكثر من نصف قرن في تحقيق هدف تنويع مصادر الدخل من أجل خفض الاعتماد الكلي على النفط، يبقيه للأسف شريان الحياة لحاضر ومستقبل الدولة. ومنذ تحرير الكويت قبل نحو 27 سنة، تعاقب على حقيبة وزارة النفط 20 وزير، أغلبيتهم الساحقة من غير ذوي الاختصاص بتقنياته أو باقتصاداته أو حتى سياسته، والأهم، أن أياً منهم لم يمض ما يكفي من وقت لتبني وتحقيق أي هدف ستراتيجي، فمعدل دوران الوزير هو سنة وثلث السنة. وقطاع النفط مصاب بأمراض ثلاثة، فساد له تاريخ منذ ثمانينات القرن الفائت، وحقيبة وزارته ويتبعها بعض قيادييه تمنح لشراء ولاء هذا الفصيل السياسي أو الاجتماعي أو ذاك ثم بعدها يبدأ الفصيل الجديد بتصفية نفوذ من سبقه لتنشغل قياداته في صراعاتها، وتعرض لتفريغ من معظم قياداته الوسطى المحترفة بقانون سياسي جائر للتقاعد المبكر في عام 2009 ما أدى إلى انحدار كبير في مستواه المهني. وفي بداية حقبة رواج سوق النفط الأخيرة (2010-2014)، تم تمييزه بكادر بالغ التكلفة والإنحراف بعد إدعاء وزيره في ذلك الوقت بأن ذلك لن يكلف الخزينة العامة فلساً واحداً، وبات حالياً محرقة لأي وزير، لأن كل نافذ أو فاسد، بات يريد حصة في وظائفه، فالكفاءة ليست بالضرورة هي المعيار. ولدى قطاع النفط إستراتيجية معلنة تهدف إلى البلوغ بإنتاج الكويت إلى 4.75 مليون برميل يومياً بحلول عام 2040، قدرت تكاليف تنفيذها بنحو 450 مليار دولار. ولدى الكويت ستراتيجية "كويت جديدة" هدفها الأساس هو تنويع مصادر الدخل بعيداً عن النفط بحلول عام 2035، وبتكلفة بحدود 450 مليار دولار. وبينما يمثل الإعتماد على النفط واقع معاش، تمثل وعود "كويت جديدة" هدف محتمل نتمنى له النجاح، ولكن، استقراء تجارب الماضي فيه الكثير من الإحباط. ومن المفترض أن تكون حقيبة النفط أهم الحقائب الوزارية، فإلى جانب أهميتها الجيوسياسية في العلاقة مع دول الجوار، والعلاقة السياسية مع المنتجين والمستهلكين الآخرين، دورها أساس في تعظيم الإفادة من الحاضر، ودورها أساس في التوفيق ما بين ستراتيجيتها طويلة المدى وستراتيجية الدولة طويلة المدى. ولو أخذنا متطلبات التمويل فقط للستراتيجيتين "نحو 900 مليار دولار" سوف يتعذر السير بكلاهما معا، وذلك غير التناقض في أهدافهما. ومع كل الاحترام للجميع، لا يبدو من التغيير الوزاري الأخير -وهو ليس تغيير في الواقع- أن ذلك الهاجس خطر على بال من قام به، ولا يبدو أن مبدأ استقرار الحقيبة وتخصصها قد طرح في الأصل.