"الشال": سياسات الحكومة الشعبوية تسرع دخول الاقتصاد في الانكماش

المسؤولون لم يصدر عنهم أي قلق يقود للبحث عن التعافي الاقتصادي

• الأزمة المالية العامة متزامنة مع خلل "صناديق التقاعد"
• "صندوق النقد" يخفض توقعات نمو دول الخليج إلى %1.5

استعرض تقرير الشال الاقتصادي الاسبوعي محاور هامة عن توقعات أداء اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي 2023 والأداء المحتمل للاقتصاد العالمي 2023 حسب تقريرصندوق النقد الدولي لشهر اكتوبر الجاري.
وقد صدر تقرير أكتوبر 2023 لصندوق النقد الدولي حول آفاق الاقتصاد العالمي، وهو ما تناولناه في فقرة أخرى في تقريرنا الأسبوعي الحالي، وضمنه سطر الصندوق توقعاته حول الأداء المحتمل لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي.
وجاءت توقعاته لدول التعاون مخيبة مقارنة بتوقعاته لها في تقرير له في أبريل الفائت، ففي حدود شهور ستة ما بين التقريرين، خفض الصندوق توقعاته لها إلى النصف تقريباً، أو من نمو بنحو 2.9% لها مجتمعة في تقرير أبريل، إلى نحو 1.5% في تقرير الشهر الجاري.
وتفاوت الأداء المحتمل لكل بلد ضمن منظومة مجلس التعاون الخليجي كثيراً بين التقريرين، فبينما ظل الأداء ثابتاً عند مستوى 2.4% لدولة قطر في التقريرين، طال التخفيض دول المجلس الخمس الأخرى .
وطال أعلى خفض مطلق السعودية التي فقدت توقعات نموها نحو -2.3%، فالتوقعات في تقرير شهر أبريل كانت بحدود 3.1%، وأصبحت في تقرير الشهر الجاري 0.8% فقط . وانحصرت الفروقات بالسالب للدول الثلاث الأخرى ما بين -0.5% أعلاها لعُمان، و-0.1% أدناها للإمارات وبينهما البحرين بهبوط بنحو -0.3%، وظل النمو موجباً للدول الخمس.
وحدها الكويت التي قدر لها نمواً بنحو 0.9% في تقرير أبريل وكان الأدنى بين دول مجلس التعاون الخليجي، وخفض الصندوق تقديراته لنموها بنحو -1.5% لتتحول إلى انكماش بنحو -0.6%. وفي أي مكان في العالم عندما تتحول توقعات النمو إلى السالب، تبدأ إدارته العامة في البحث في المسببات وسبل التعافي السريع.
وفي الكويت، تقود الحكومة المنافسة في تبني سياسات شعبوية تعمل تماماً على تسريع دخول الكويت في مرحلة انكماش أشد، متزامنة مع تعميق أزمة المالية العامة، ومع زيادة في إخلال توازن صناديق التقاعد، ومعامل الارتباط بين الاقتصاد والمالية العامة وصناديق التقاعد، هو الأعلى في العالم. الإدارات العامة في الدول الأخرى تقلق وربما تجزع عندما تصدر مؤشرات تجزم بأن أدائها الأسوأ ضمن إقليمها بكل ما يعنيه من مخاطر على المستقبل القريب، وتبدأ في صياغة سيناريوهات تحدد حجم التكلفة لو استمرت سياساتها كما هي عليه، ثم تبدأ برسم طريق الخروج منه، ماعدا الكويت، التي لم نسمع من مسؤوليها غيرة أو قلقاً عليها يقود إلى تحركاً أو حتى تصريحاً يوحي بسيرها في ذلك الاتجاه.

الحرب على غزة تزيد تداعيات المخاطر الجيوسياسية

قال تقرير الشال عن الأداء المحتمل للاقتصاد العالمي خلال 2023،خلافاً لتوقعات صندوق النقد الدولي حول أداء اقتصادات إقليم الخليج التي هبط بها في تقرير أكتوبر الجاري إلى نحو نصف مستوى توقعاته لها في تقرير أبريل الفائت، يرفع الصندوق توقعاته لأداء الاقتصاد العالمي من 2.8% في تقرير أبريل الفائت إلى 3% في تقريره الحالي. اقتصادان في العالم يزنان نحو 42.8% من حجم الاقتصاد العالمي لها معظم الأثر في تحديد مساره، الاقتصاد الأمريكي الذي يزن نحو 25.8% من حجم الاقتصاد العالمي وتشير التوقعات إلى تحسن أدائه من مستوى 1.6% في تقرير أبريل، إلى 2.1% في تقرير أكتوبر، وتلك زيادة عوضت وفاقت توقعات انخفاض نمو الاقتصاد الصيني قليلاً من 5.2% في تقرير أبريل إلى 5% في تقرير أكتوبر. ويضيف التقرير بأن الضغوط التضخمية باتت تحت السيطرة أكثر مما كانت في الماضي، ويبدو أنه يرجح بأن الاقتصاد العالمي بات أقرب إلى تحقيق الهبوط الآمن من أي وقت مضى.
ولازالت حالة عدم اليقين في أعلى مستوياتها، والحرب على غزة عامل جديد يزيد من تداعيات المخاطر الجيوسياسية إضافة إلى حرب أوكرانيا، يصاحبها تلك المخاطر الناتجة عن تشدد كل من السياسات النقدية والمالية واحتمال الخطأ في توقيت ارتخائهما. وربما ذلك ما دعا الصندوق إلى خفض طفيف لتوقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2024 من 3% في تقرير أبريل إلى 2.9% في تقرير أكتوبر.