الاقتصادية
"الشال" عن استدامة المالية العامة مع استمرار النهج الحالي: مستحيلة
السبت 07 سبتمبر 2019
5
السياسة
جميع إدارات العالم الكبيرة والصغيرة قلقة حول المستقبل عدا الإدارة الكويتية التي تفكر وتقرر في اتجاه مختلفقال التقرير الاقتصادي الاسبوعي للشال إن السنة المالية 2019/2018، انتهت وبلغت المصروفات العامة الفعلية نحو 21.84 مليار دينار، أي أعلى بنحو 349 مليون دينار، قبل تعديل اعتمادات المصروفات، بالزيادة إلى نحو 22.77 مليار دينار. وهذا المستوى، أعلى بنحو 2.6 مليار دينار، أو بنحو 13.5% عن المصروفات الفعلية للسنة المالية السابقة لها 2018/2017، ومعها ولأول مرة اختفى الوفر الاعتيادي ما بين النفقات المقدرة والفعلية والبالغ معدله 7.6%.وأضاف التقرير ان المؤشرات المالية توحي بأن سياسات الإصلاح المالي ليست فقط حبراً على ورق، وإنما تؤكد أن السياسة المالية تسير باتجاه معاكس تماماً للإصلاح، لافتا الى أنه ومع قرب بدء دور الانعقاد الأخير لمجلس الأمة للفصل التشريعي الخامس عشر في أكتوبر المقبل، بدأت الحكومة تعلن عن استعدادها للتمادي في السير إلى مزيد من انفلات السياسة المالية لمجرد ضمان استمرارها أو استمرار وزراء ضمنها، أي المضي قُدُماً في طريق اللاعودة لإمكانات الإصلاح والتهيئة لارتفاع البطالة السافرة الحتمية لصغار المواطنين. وفي الوقت الذي، يسود كل العالم توقعات بسيناريوهات اقتصادية متشائمة، فالعالم في أحسن الأحوال مقبل على حقبــة مــن النمـو المتباطئ يقدره "صندوق النقد الدولي" - تقرير يوليو 2019 - لعامي 2019 و2020 بنحو 3.2% و3.5% على التوالي ويخفضه مع كل تقرير جديد. وقال التقرير إن الطرح السابق هو أفضل السيناريوهات المتوقعة، بينما هناك سيناريوهات تتزايد فرص تحققها تراوح بين ترجيح احتمالات ركود الاقتصاد العالمي، أي تعرضه لحقبة من النمو السالب المحدود رقماً وزمناً، ويذهب بعضها إلى ترجيح احتمال كساد طويل الأجل، وهو ما لا نرجحه، تلك الرسالة لم تصل بعد إلى الكويت. وتلك النظرة المتشائمة لمستقبل أداء الاقتصاد العالمي يدعمها اشتداد حدة الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم (الأميركي والصيني)، ويدعمهما فوضى الاتحاد الأوروبي مع احتمال الخروج البريطاني غير المنظم منه، ويدعمهما عودة الفيدرالي الأميركي إلى خفض أسعار الفائدة قلقاً من ضعف النمو الاقتصادي، ويدعمها استنفاذ أدوات السياسة النقدية في علاجات أزمة عام 2008، كما يدعمها بلوغ الديون السيادية والخاصة في العالم لمستوى قياسي يعادل نحو 4 أضعاف حجم الاقتصاد العالمي في عام 2018، أو نحو 330 تريليون دولار، كما في نهاية عام 2018 وبزيادة بحدود الثلث عن مستواه في عام 2008 طبقا لـ "UNCTAD". أما حال إقليمنا وضمنه الكويت أكثر سوءاً، فإضافة إلى التأثير السلبي غير المباشر لكل العوامل السابقة، تؤكد التوقعات أن مستقبل النمو الاقتصادي له سيكون الأضعف مقارنة بأقاليم العالم الأخرى، وأسعار النفط بنصف مستوى أسعار عام 2013، ولا يبدو مستقبلها واعد، والمنطقة بكاملها في فوضى صراعات وخلافات عالية الكلفة رغم شحة الموارد الحالية. ونكاد نجزم بأن بعضاً من الإدارة العامة للبلد يعرف تلك الحقائق وتداعياتها الضخمة، ويعرف أن استدامة المالية العامة مع استمرار نهجها الحالي، مستحيلة، وإن أكبر الضرر على البلد ناتج من السياسات المالية غير الحصيفة. ونعتقد أنها تعرف أن أفضل السياسات والقرارات هي الاستباقية لاجتناب المخاطر قبل حدوثها وليس تلك التي تتعامل لاحقاً مع تداعياتها، ورغم ذلك، لا ترتقي سياستها سوى إلى مستوى ردود الفعل، وفي الغالب الأعم، لا تنجح حتى تلك السياسات. كل إدارات العالم العامة قلقة حول المستقبل، لا استثناءات لاقتصاد كبير أو صغير فيها، ما عدا الإدارة العامة الكويتية، تفكر وتقرر في اتجاه مختلف .