كشف تقرير الشال الاقتصادي أن ما يقلق العالم والكويت هو ضبط التوازن بين صحة الناس الجسدية وصحتهم الاقتصادية، والقلق في كلتا الحالتين مشروع، وأكبر الضرر يحدث إذا اختل التوازن عند الانحياز لأي منهما بشكل يرفع من مستوى التكاليف على الآخر بشكل غير مبرر، والطريق لبلوغ أفضل توازن ممكن يحدث فقط عندما يصدر القرار من فريق حكومي مشترك، صحي واقتصادي، يحكم قراره المنطق في تقدير الضرر على المستويين الصحي والاقتصادي، والعكس صحيح إن انفرد طرف واحد بالقرار. المشكل في الكويت هو غياب الفريق المشترك، وبينما البيانات والأرقام الصحية حول الإصابات طازجة ودقيقة، وتفتقد الكويت قاعدة معلومات كافية لحساب الضرر الاقتصادي، لذلك تفقد قرارات الحكومة الحد الأدنى من التوازن المطلوب.والأسبوع الفائت، أصدرت الحكومة قرارات طالت بعض الأنشطة مثل الصالونات والمقاهي من دون دعم تلك القرارات بمبرراتها الصحية أو الاقتصادية، ففي الجانب الصحي، لم تذكر تفوق تلك الأنشطة في زيادة حالات الإصابة، ولا المنطق وراء الإغلاق الساعة الثامنة مساءً لبعضها ولا التسامح للانفلات في مناحي أخرى، وفي الجانب الاقتصادي، لم تدعم القرارات بوزن الضرر مقابل الإغلاق الجزئي وكلفة القرارات غير المبررة برقم وحجة، حتى لو كانت صحيحة، تفتح باباً للجدل يضعف من صدقيتها ويكثر من الاستثناءات، وربما العودة عنها بما ينعكس سلباً على صدقية الجهات التي أصدرتها وقد تنعكس القرارات غير المدروسة بشكل غير محتمل على الأنشطة المتضررة، ثم تنعكس سلباً في شكل تعويضــات تتحملهــا الماليــة العامـة المنهكـة، وتلـك تكاليف كان من الممكن اجتنابها ببعض الإعداد المسبق. والموجة الثالثة لـ "كوفيد - 19" وتطوراته تجتاح العالم، والكويت ليست استثناء، ولعل الحاجة باتت ملحة لإسناد أي قرار لمواجهتها بمنطق متوازن ما بين صحة الناس وحياتهم المعيشية. ومع تأخر استلام جرعات اللقاح وفقاً لآخر تصريحات وزير الصحة، يبدو أن الجائحة سوف تستمر معنا أطول مما كنا نتوقع، لذلك من المحتمل أن تستمر الحاجة لمواجهتها، ولكن هذه المرة بقرارات أكثر نضجاً وبأقل قدر ممكن من التكلفة وذلك لن يتحقق ما لم تتبن الحكومة قراراتها استناداً إلى دراسة مسبقة لفريق مشترك، صحي واقتصادي، يوفر للحكومة إسناد بالرقم والمنطق لقراراتها، ويوفر جدلا وكلفة غير مستحقة على البلد.