* التصنيف عرضة لخفض أكبر مع ضعف الإصلاحات وتسديد الالتزامات* حكومات العالم تتبنى سياسات شاملة ثمارها تغطي كل الآجال بينما عمل حكومتنا توفير الرواتب والأجور فقط* صفقة الحكومة لزيادة رأسمال بنك الائتمان سابقة خطيرة تفتح الباب لرهن المالية العامة لأهداف التسويات السياسية البائسةرصد تقرير الشال الاسبوعي ما ورد في تقرير وكالة "فيتش" يوم 27 يناير الفائت، قائلا لقد صدر تقرير التصنيف السيادي للكويت لوكالة فيتش، لا جديد ولا مفاجأة في مضمونه، خفضت التصنيف السيادي إلى "AA-"، ومع ارتفاع مستوى المخاطر عند هذا المستوى من التصنيف إذا ما أخذت في الحسبان، تبقى الكويت قادرة على سداد التزاماتها متوسطة الأجل، لذلك أبقت النظرة المستقبلية، مستقرة.
وكانت نفس الوكالة قد رفعت تصنيف الكويت السيادي من "-AA" إلى "AA" في 8 سبتمبر 2008، ولم تخفضه بعد أزمة العالم المالية، ولا بعد الهبوط الحاد بأسعار النفط في خريف عام 2014، ولا في زمن أزمة كورونا 2020، وخفضته الآن رغم تحسن الوضع المالي، ربما لأنها يأست فيما يبدو من احتمال الإصلاح الإداري في البلد. المبررات في التقرير، هي تكرار لمبررات وكالات التصنيف الأخرى، وفرة في الأصول المالية الخارجية، يدعمها على المدى القصير ارتفاع في أسعار وإنتاج النفط ما أدى إلى خفض في أرقام العجز المالي، يقابلها عجز سياسي إداري لم يتمكن على مدى زمن طويل من أخذ زمام المبادرة في عملية إصلاح مالي واقتصادي جوهري. وذلك يعني وبشكل مباشر، أن الدعم للتصنيف عند مستوياته الحالية متغير تابع لعوامل خارجية، إن أحدهما أو كلاهما سادا في اتجاه سلبي، والمقصود هنا حالة سوق النفط وحالة أسواق المال، ومع عجز الإدارة عن مواجهة متطلبات الإصلاح، فالتصنيف عرضة لخفض أكبر.المحزن في تقرير وكالة فيتش، حكمه على تدني مستوى الحوكمة في البلد، فالاستقرار السياسي وحكم القانون ضعيفان، والعمل المؤسسي من زاوية كفاءة الأداء ومواجهة الفساد، أيضاً ضعيف. لذلك، تعتقد الوكالة بأن آفاق الإصلاح، أي مستقبله، لا زالت ضعيفة، ووفاء البلد بالتزاماتها لا زال يتحقق بإجراءات غير مستدامة، مثل بيع أصول غير سائلة من الاحتياطي العام إلى احتياطي الأجيال، وكانت الحكومة قد استعادت ما حولته لاحتياطي الأجيال القدمة لسنتين سابقتين، كما أوقفت تحويل الـ 10% من الإيرادات العامة إلى احتياطي الأجيال القادمة لأول مرة منذ عام 1976، وكلها عمليات مخالفة. عمل الحكومات الكفؤة، هو تبني سياسات شاملة ثمارها تغطي كل الآجال، بينما عمل الحكومة الكويتية، هو فقط مواجهة المآزق اليومية، مثل توفير ما يكفي لسداد الرواتب والأجور، ومواجهة التزامات المصروفات الضرورية الأخرى، مثل التزام سداد ديونها الأجنبية في مارس القادم، أما المستقبل، فهو متروك للمجهول.ويحسب للحكومة الحالية أنها قدمت مشروع موازنة كان لها فيه دور في خفض العجز، فمن أصل عجز مالي بلغ 12.1 مليار دينار للسنة المالية الحالية، قدر عجز السنة المالية القادمة بنحو 3.1 مليار دينار. وانخفض العجز الافتراضي بنحو 9 مليارات دينار، جاء في جزء منه نتيجة لخفض تقديرات النفقات العامة بنحو 1.1 مليار دينار، إضافة إلى زيادة تقديرات الإيرادات غير النفطية بنحو 276 مليون دينار، ودورهما في خفض العجز بإجمالي نحو 1.4 مليار دينار. ذلك يعني أن 15.6% من مبلغ انخفاض العجز جاء بقرار حكومي، بينما 84.4% ظلت لعوامل خارجة عن الإرادة، وهي ارتفاع لأسعار وإنتاج النفط، وتظل رغم ذلك بداية مشجعة سوف تحسب خطوة في طريق الإصلاح في تقارير التصنيف الائتماني اللاحقة. ولكن، حتى هذا الإجراء الصحيح لم يكتمل، ففي نفس أسبوع إعلان أرقام مشروع الموازنة القادمة، عقدت الحكومة صفقة لزيادة رأسمال بنك الائتمان مقابل ضمان حصول وزير الدفاع على ثقة مجلس الأمة. ولسنا بصدد الحكم على استحقاق الاستجواب، ولا على تقييم السياسة الاسكانية واستدامتها، ولكن، ارست تلك الصفقة سابقة في غاية الخطورة، وقد تتكرر المساومات المماثلة في أي استجواب قادم، والمؤكد أنها سوف تأخذ من بعدها السالب في تقارير التصنيف القادمة، أي سوف يزداد رهن المالية العامة لأهداف التسويات السياسية البائسة.