رصد تقرير الشال الاسبوعي التجربة الاقتصادية الصينية الناجحة منذ أن كانت الصين تمتلئ بالجياع والمرضى في ستينات وسبعينات القرن الفائت، ومرورا بثورتها الاقتصادية الناجعة، حتى تخطى الاقتصاد الصيني في العام 2010 جميع الاقتصادات الكبرى وحل ثانيا بعد نظيره الاميركي، ومتوقع له أن يبلغ نحو 13.2 تريليون دولار في عام 2020 أو عشر أضعاف ما كان عليه في عام 1978، و72 % حجم الاقتصاد الأميركي، ثم يرتفع إلى نحو 18.5 تريليون دولار في عام 2025 وفقاً لتقديرات "صندوق النقد الدولي" أو نحو 89.8% حجم الاقتصاد الأميركي لنفس العام. وإن استمرت معدلات النمو الحالية لكل من الاقتصاد الأميركي الأكبر في العالم والاقتصاد الصيني عند نفس المستوى، قد يفوق حجمه حجم الاقتصاد الأميركي في عام 2030، ليصبح أكبر اقتصادات العالم. "وبالحزام والطريق"، سوف تتفوق الصين بنفوذها على العالم على كل ما عداها بقوتها الاقتصادية الناعمة، فالصين استثمرت كل مواردها في البناء، ولم تخض حرب واحدة منذ نهوضها قبل 42 عاماً. ومع إختلاف عوامل الحاضر ومآل الأوضاع في المستقبل عن دول الكتلة الشرقية، تمر معظم الدول النفطية بمنعطف تاريخي مصيري، صحيح أن السنوات القليلة القادمة سوف تحقق مستوى إيرادات نفطية أعلى، ولكن منتهى الطموح هو أن تستقر أسعار النفط عند 60 دولارا للبرميل، وسوف تشتد الضغوط بعدها لتهبط بالأسعار إلى ما دون هذا المعدل. وسوف تشتد التداعيات أيضاً بشكل متواز متناسبة طردياً مع ارتفاع اعتماد كل دولة نفطية على النفط. لذلك، أصبحت سرعة قرار فك الارتباط بالنفط هي ما يفصل بين الدول النفطية الناجية، وتلك الغارقة. وضمن جيران الكويت، ومن دون الخوض في عملية تقييم تجربة كلاً منهم، هناك دول بدأت مشروع الفكاك عن النفط، فالإمارات الأقل إعتماد على النفط في تكوين اقتصادها وتمويل ماليتها العامة، تملك أكبر إماراتها، أو أبوظبي، صندوق سيادي قريب من حجم الصندوق النرويجي. وبالأمس أعلنت السعودية، توقعات هيكل إيراداتها العامة لتبلغ مساهمة الإيرادات غير النفطية نحو 46.5% من جملة إيرادات الموازنة العامة لعام 2020، بينما قطر الصغيرة، يفوق حجم اقتصادها بنحو 30% حجم الاقتصاد الكويتي، ولديها تعليم وخدمات صحية وبنى تحتية متفوقة. والكويت الجميلة، هي أكثر دول الجوار إدماناً على النفط، لا زالت تتبنى إدارتها العامة ستراتيجيتين متناقضتين، واحدة للفكاك التدريجي عن الاعتماد على النفط، والأخرى إلى مزيد من الاعتماد عليه. وإدارتها العامة عاجزة عن إطفاء حريق المالية العامة، فلا هي قادرة على خفض النفقات العامة، ولا هي قادرة على زيادة إيراداتها غير النفطية، ولا هي قادرة على الاقتراض لمواجهة عجزها المالي، لأن القناعة العامة، هي أن حكوماتها ليست أهل للحصول على أموال الاقتراض. رحم الله "ناصر صباح الأحمد"، كان محقاً في اختيار الصين شريكاً في مشروع التنمية، فنهوضها السلمي وتحولها إلى قوة عظمى، سابقة غير مكررة في التاريخ المقروء، وكان محقاً في مشروع تنموي تنص مقدمته على ضرورة الفكاك التدريجي من التبعية للنفط، وكان محقاً عندما قدم بلاغاً حول فساد على أعلى المستويات وفقد منصبه، وكان محقاً في كسر قدسية إدارة الجينات والمحاصصة بالدعوة إلى إدارة محترفة لمشروع الشمال، وهو ما يفترض أن يعمم على كل إدارة البلد. ونقيضاً لكل القواعد أو المرتكزات الصحيحة المذكورة، لم تقرأ الكويت أو لم تفهم خطورة المنعطف التاريخي الذي تمر به، ومع بداية عهد جديد، أكدت الكويت استمرار التفوق في عدد الفرص الضائعة، وأعادت تأكيد قدسية حكومات الجينات والمحاصصة، وحكومة عاجزة عن إطفاء حريق، من البديهي أن تكون عاجزة عن المضي في مشروع استدارة وبناء.