الخميس 03 أكتوبر 2024
30°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأولى   /   الافتتاحية

الشيخ أحمد النواف... تَمَعَّنْ في هذه القصص والمسارات

Time
الثلاثاء 25 أبريل 2023
View
5
السياسة
أحمد الجارالله

سمو رئيس مجلس الوزراء
قيل قديماً: "اجعل البساطة هي التي تحكم"، ولقد أكد المهاتما غاندي ذلك بقوله: "لقد اقتنعت أكثر من أي وقت مضى بحقيقة أنَّ السيف لم يكن هو من فاز بالمكانة للإسلام في تلك الأيام، بل كانت البساطة والاحترام الدقيق للعُهود".
مناسبة هذا القول حين يخفى على الحاكم ما يعيشه الناس، يتصوَّرُ أنه في الطريق الصحيح، لكنه يجد نفسه فجأة في الانهيار، لهذا كان الرئيس المصري حسني مبارك بين الحين والآخر يستغلُّ وجوده في مكان عام؛ كي يطلع بنفسه على أحوال المصريين، وحدث في الثمانينات أنه كان يزور منطقة في الصعيد من أجل افتتاح جسر، ورافقه إضافة إلى الحاشية وزير الزراعة يوسف والي.
قبل الوصول إلى مكان الاحتفال أراد الرجل أن يتمشى في إحدى القرى القريبة؛ كي يطلع على أحوال ناسها، فاصطحب يوسف والي، وحين اعترض الحرس الجمهوري على جولته بمفرده، قال: "هؤلاء ناس بسطاء، وهم أهلنا".
وصل الرئيس إلى أقرب بيت في القرية، وكان بسيطاً، فقرع الباب، وحين فتح رأى رجلاً مُسناً، فقال العجوز: "أهلاً يا ريس، كنت عارف إنك حتزورني"، تفاجأ مبارك من كلام الرجل، وقال: "كيف عرفت أنني سآتي إليك؟"، قال: "اللي أكبر مني ومنك خبرني!".
قال الرئيس: "من الذي أكبر مني ومنك؟"، فقال الرجل: "ربنا، أنا اتظلمت يا ريس، وحاولت الوصول إليك وكان حرس القصر يطردونني، كل مرة، وآخر مرة قالوا لي إذا ما مشيت من هنا حنوديك السجن".
أردف الفلاح البسيط: "يا سيادة الرئيس انتوا لما تحبوا تبنوا كوبري تاخذوا أرضي اللي حيلتي، وأنا ومراتي منين نعيش، وشويت الملاليم اللي طلعوا لي ما يعملوش حاجة".
عندها التفت مبارك إلى والي وقال: "حل مشكلة الرجل"، فقال الفلاح مقاطعاً: "أنا رحت لعنده في مكتبه وطردني، وقال لي ما اقدرش أعملك حاجة". حاول الوزير تبرير موقفه، لكن الرئيس عاجله قائلاً: "انت حتتكلم يا يوسف، ده تهريج، أنا مش طالع من هنا اللي ومشكلة الفلاح محلولة".
صحيح أن مشاغل الحكم كبيرة ومُتشعبة، لكن حين يكون الحكم منطلقاً من مبدأ الوفاء بالوعود، ويكون التعامل بسيطاً تحل غالبية المشكلات، وكم نرجو أن يكون لدينا قادة ميدانيون يسمعون من الناس مباشرة، وليس من المستشارين وأصحاب المصالح، وعناصر الدولة العميقة التي تبني ذاتها على أوجاع الناس والبسطاء.
لهذا مقولة غاندي لم تأتِ من فراغ، بل هي نتيجة اطلاع على ما كان في العهود الإسلامية المُشرقة التي صنع فيها العرب والمسلمون حضارة عظيمة، أنتجت الكثير من العلوم والابتكارات.

سمو الشيخ أحمد النواف
لا شكَّ أنَّ البلد محكومٌ من أصحاب المصالح والدولة العميقة، وكلما ارتفع صوتٌ يُنبه إلى ما يجري فيه انبرى أولئك يُسفهون ويُهاجمون مُطلقيه؛ لأنَّ الحقيقة تُزعجهم، حتى بدأ الكويتيون يشعرون بالمرارة من التخبُّط في الحلول، وعدم إيلاء مشكلاتهم الاهتمام الكافي.
لذا لا تكفي زيارة يتيمة لمؤسسة، أو وزارة، بل يتطلب الحكم العمل مع الناس مباشرة، زيارة مجالسهم ودواوينهم؛ كي لا تتحول الأبراج العاجية زنازين تحبس المسؤول عن شعبه، ولقد قال الله في محكم التنزيل: "يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا"، ولقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لأن يمشيَ أحدُكم في حاجة أخيه خيرٌ له من أن يعتكف في مسجدي هذا".

سمو الرئيس
في الكويت مشكلاتٌ عدة، لكن أهمها الإسكان الذي يضغط على الناس في حياتهم اليومية، وكلما تحدثنا عن هذه القضية، وحلولها التي اجترحتها الدول المُجاورة، هبَّ الذين يضعون العراقيل ليدخلوا شياطينهم في التفاصيل؛ لأنهم ببساطة يستحوذون على الأراضي، وليبنوا فيها عماراتهم، ويؤجروها، ويتاجروا فيها؛ ليراكموا الثروات.
فمن لا يشعر بالوجع يعتبر الجميع أصحاء، وهذا ينطبق على 120 ألف مواطن يعيشون ذلَّ الحاجة والمُلاحقة والسجون، فهؤلاء رمتهم الأقدار في طريق المُرابين وأصحاب السحت، الذين تعاونوا مع الدولة العميقة؛ كي يزيدوا من استعداء الشعب لبيت الحكم، لذا من أهم أولويات الحكم الإنصاف والعدل، ورفع الغبن عن المُقترضين الضحايا، الذين لم يعد لهم معينٌ إلا الحكومة.

سمو رئيس مجلس الوزراء
لن نُحدثكم عن الشوارع والبنية التحتية، فقد ضجرنا من التكرار، لكن لا أحد يسمع، وإن رأى أشاح بنظره عنها؛ لأنَّ المُقصر يُبرر فشله بشتى الطرق، أو أنَّ الفاشل من المُقرَّبين من المسؤول أو ابن عمه أو قريبه، كما لن نتحدث عن انهيار التعليم، ولا الصحة، ولا إغلاق البلاد، ولا حتى الوضع الاقتصادي؛ لأن البطانة الصالحة يجب ألا تخفي على الحكم هموم الناس ومشكلاتهم، أما المستشارون أصحاب المصالح والمزروعون من الدولة العميقة فلن يُنصفوا إلا أنفسهم.

سمو الشيخ أحمد النواف
انفضوا رداء النوم، واعملوا بقول صاحب السمو أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد، حفظه الله،: "أعاهدكم أن أبذل غاية جهدي وكل ما في وسعي حفاظاً على رفعة الكويت وعزتها"، وتذكروا مقولة: "اجعل البساطة هي التي تحكم"، فالقائد يكون صاحب قرار، وأول المنفذين، ويتصرف وفق الموقف، ويكون الأقرب إلى جنوده، مُطلعاً على أحوالهم، ولكم أن تتخيَّلوا إذا كان احترام العهود دَيْدَنَ الحكم، فكيف ستكون الكويت، ألن تكون دولة عدل وإنصاف؟
آخر الأخبار