كل الآراء
الشَّكُّ الصِحِّيّ والشَّكُّ المَرَضيّ
الثلاثاء 27 نوفمبر 2018
5
السياسة
د. خالد عايد الجنفاوي"تخلصت اليوم من القلق وتجاهلته لأنه كان في داخلي وفي تصوري الخاص وليس في الخارج" (ماركوس أوريليوس).يدعو بعض المتخصصين في حقل تنمية الذات إلى نأي الانسان عن الوقوع في أَشْرَاك السذاجة والطيبة، وربما الثقة الزائدة عن الحد، وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع الغرباء، أو أولئك الذين يتكرر لديهم أقوال وسلوكيات المخادعة والتلون والتلاعب. ولكن، أغلب ما يزيد عن حده في السلوكيات الانسانية الاعتيادية سيتحول إلى ضده، ويجدر بالمرء الالتزام بالشك الصحي عن طريق الحرص على موازنة حياته بين منح الثقة للآخرين بشكل منطقي وبين الشك في دوافعهم الحقيقية. وفي المقابل، ينغمس البعض في الشك المرضي وهو النقيض السلبي للشك الصحي وهو يتعارض مع منطقية التفكير الانساني الاعتيادي، ويُلاحظُ على من يعانون بإراداتهم من الشك المرضي في نوايا الآخرين، ترددهم وتقلب أمزجتهم بشكل مفاجئ، وانغماسهم المتواصل في الارتياب المبالغ، والنظر بعين الخوف المفرط تجاه الآخرين، ومحاولاتهم المتواصلة اختراع تفسيرات خزعبلاتية لأقوال ولكلام ولسلوكيات ولتصرفات من يتعاملون معهم في حياتهم الخاصة والعامة. وإذا كان الشك الصحي سمة أخلاقية وتفكيرية ايجابية وبناءة، فالشك المرضي يجلب الكآبة ويرسخ سوداوية التفكير والتشاؤم المتكلف في حياة من يعاني منه، والاسوـ حول الاصابة بداء الشك المرضي، والعياذ بالله، هو تحويله لحياة من يتعلق به ويمارسه بلا هوادة في حياته، إلى جحيم لا يُطاق، ويؤدي ذلك بشكل أو بآخر إلى ظهور أعراض مرضية مشابهة كالوَسْوسة، وتوقع حدوث الكوارث المفاجئة، والسودواية الفكرية والعاطفية، ما يؤدي حتماً إلى تأزيم علاقات هذا النوع من الشكاكين مع أهلهم وأقربائهم ومعارفهم وأصدقائهم (هذا بالطبع إذا كان لديهم فعلاً أصدقاء)، وبحسب التعريف المتداول للشك فهو يشير إلى تلك الحالة النفسية والتي يتردد معها الذهن بين الاثبات والنفي، ويتوقف فيها الانسان عن الحكم على الاشخاص والاشياء حتى تتوفر لديه معلومات كافية لإصدار حكمه الشخصي، ولهذا السبب ولأسباب أخرى، ما يُسبغ سمة الايجابية والصحية، ويُضفي صفة السلبية والمرضية على الشك، يتمثل في أسلوب وطريقة واختيار المرء عيش حياته.كاتب كويتي