منوعات
الصدمات العاطفية بوابة الأزمات القلبية والانتحار
الأحد 07 فبراير 2021
5
السياسة
القاهرة - شروق مدحت:تعد الصدمات العاطفية من أقسى أنواع الألم الذي تتعرض له النساء والرجال، الا أن دراسات علمية حديثة كشفت أن الرجل يصاب بها بشكل أصعب لعدم قدرته على تفريغ الشحنات والطاقة السلبية، مثل، الصراخ والبكاء كما تفعل المرأة.في المقابل، تعد المرأة الأكثر شعوراً بها لأنها عاطفية بالفطرة، ما يجعلها تتأثر بشكل أعمق من الرجل.في هذا السياق، أكدت دراسة أجرتها جامعة «زيوريخ» السويسرية، ارتفاع معدل الوفيات الناتج عن الإصابة بمتلازمة القلب المنكسر، التي تعد الأكثر انتشاراً بين النساء حتى أصبحت تهدد حياتهن وتصيبهن بالنوبات القلبية، مضيفة أن التصوير بالرنين المغناطيسي كشف حدوث الكثير من التغيرات في الدماغ ناتجة عن الحزن الذي تخلفة تلك الصدمات، ما يؤدي إلى حدوث خلل في وظائف المخ.حول مضاعفات وأسباب متلازمة الصدمات العاطفية، أكد عدد من الأطباء والمتخصصين في لقاءات مع «السياسة» أنها تتسبب بارتفاع أو انخفاض ضغط الدم والسكري وتعد بوابة للإصابة بالاكتئاب وصولاً لمرحلة الانتحار.الشعور بالخذلان، وفيما يلي التفاصيل:بداية، اعتبرت اختصاصيىة التأهيل النفسي نهى رأفت، أن الحزن من أكثر الأمراض الفتاكة التي تدمر صحة الإنسان خاصة السيدات، لأنهن الفئة الأكثر تأثراً بالصدمات العاطفية، إذ تتسبب لهن في الكثير من المضاعفات النفسية والصحية، منها ارتفاع أو انخفاض ضغط الدم والإصابة بمرض السكري، كما تعصف بحياتهن موجات الغضب والتوتر وتقضي على أحلامهن وطموحاتهن. ولفتت إلى أن أعراض الصدمة العاطفية تتمثل في الرغبة بالتحدث مع الحبيب السابق، وتذكر شريط الذكريات بشكل مستمر طوال الوقت، ما يجعلها تميل للعزلة، كما تصاب بالصداع المستمر الناتج عن كثرة التفكير. وأشارت إلى أن دراسات أكدت أن الألم النفسي يعد من أكثر الأمراض خطورة على الصحة العامة إذ توجد علاقة وثيقة بينه وبين ما يسمى»أمراض النفس الجسمية»، التي تحدث نتيجة مرور الشخص بحالة نفسية سيئة.وأضافت: إن الصدمة النفسية جرح أو خلل مزمن داخل الشخص، تمتد لاشهر عدة بعد تعرضه لحادث مؤلم، ينتج عنها الكثير من الاضطرابات، منها اضطراب القلق نتيجة تغيرات كيماوية في الدماغ، تستغرق نحو 6 أشهر في الظهور بعد الصدمة، كما يتسبب في الشعور بالقلق، وفقدان الأمان، والإحساس بالخطر الدائم، والشعور بالأرق، وفقدان القدرة على الاسترخاء، والتعرض للكوابيس الليلية يوميا، والرغبة في الابتعاد عن جميع الأماكن والأشخاص الذين لديهم علاقة بالصدمة. وأشارت إلى أن العلاج يبدأ بالابتعاد عن مسببات الصدمة لأن مضاعفاتها لا تقتصر على الأسباب النفسية فقط، بل تلحق الضرر بأعضاء الجسم، لا سيما القلب، كما تصيب بفقدان الشهية الذي يؤدى لفقدان الوزن بشكل سريع وملحوظ، وفقدان الثقة الذي يعد بوابة الإصابة بالاكتئاب وصولاً لمرحلة الانتحار.من جهته، أكد الدكتور علاء رجب، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية أن التعرض للصدمة العاطفية يشعر المرأة بالخذلان وتصاحبه حالة من القشعريرة والضعف مع آلم شديد في الصدر.ولفت إلى أن الجسم يتعامل مع هذه الصدمات بإفراز كمية كبيرة من هورمون الادرينالين الذي يؤدي إلى زيادة نبضات القلب وانقباض الأوعية الدموية والشرايين التاجية، ما ينعكس على سلوك الفرد، فيفقد القدرة على التركيز، وتزيد انفعالاته التي قد تصل إلى العصبية المفرطة والتشنج العضلي. ويمكن التغلب على شعور الخذلان بالتعامل بموضوعية مع الأمر الواقع، والاستفادة من الأمور الايجابية والسلبية التي حدثت خلال تلك العلاقة، وعدم تعميم التجربة الفاشلة على جميع الأشخاص، فالحياة لا تتوقف على أحد، كما ينبغي التفرقة بين العلاقة الجيدة والسيئة.وتابع، يتطلب الأمر الخضوع للعلاج الدوائي مع العلاج النفسي بعد تحديد طبيعة الحالة المرضية وشدتها، ومدى استجابة المريض للعلاج، إذ تحتاج مرحلة العلاج التغلب على المواقف والذكريات المؤلمة التي تتطلب وجود عزيمة وإرادة من المريض ليستعيد حياته الطبيعية.وأوضح أن الطبيب النفسي يعتمد في علاج الحالة على إعطاء المريض مضادات القلق والاكتئاب للسيطرة على الأفكار المخيفة التي تراوده، ثم يأتي بعد العلاج الدوائي، العلاج المعرفي السلوكي الذي يتم بواسطة متخصص نفسي يساعد المريض على التحدث عن الحادث المزعج من دون الشعور بألم نفسي حتى يستطيع تدريجياً تجاوز الصدمة كلما تحدث عنها دون أن يصاحبها أحاسيس مؤلمة.بدوره، ذكر الدكتور حسام الدين أمين، استشاري الصحة النفسية وتعديل السلوك، إلى أن التخلص من متلازمة الصدمات العاطفية يبدأ بتفهم طبيعة المرض وطريقة التعامل معه بشكل صحيح، بالتغلب على الأفكار المزعجة والمؤذية فورا، الابتعاد عن العزلة ومحاولة مشاركة الأفكار والمشاعر مع الدائرة المحيطة بالشخص بالتحدث في جميع أمور الحياة ما يساعد على نسيان الصدمات العاطفية بشكل تدريجي. وأوصى بالتقرب من بعض الأفراد الذين خاضوا تجربة مشابهة للمريض مما يساعد على دعم الشخص وزيادة قدرته على تخطى الأزمة النفسية بشكل سريع، وتجديد روتين الحياة اليوم بنظام صحي مختلف، الحرص على تناول الغذاء المتوازن، الحصول على القسط الكافي من النوم، الابتعاد عن عناصر القلق والتوتر.وأكد أن ممارسة بعض الهوايات والأنشطة المختلفة تعمل على كسر الروتين المعتاد والعودة للحياة الطبيعية بشكل سريع، كما تعد التمرينات الرياضية، «اليوغا، المشي، والتأمل»، من أبرز الطرق التي تساعد على تحسين الحالة النفسية والمزاجية وتدعم الصحة الجسمانية، وتكافح الإرهاق والإجهاد النفسي،وتساعد الشخص على الاسترخاء واستعادة توازن الجسم.من جانبه، قال استشاري الباطنة والقلب والأوعية الدموية الدكتور أحمد صلاح، أن متلازمة الصدمات العاطفية لا تقتصر تداعياتها على الأعراض النفسية فقط، بل تشمل الكثير من الأعراض الجسدية،منها، عدم انتظام ضربات القلب، الصداع المزمن، اضطرابات الجهاز الهضمي «الإسهال»، ألم العضلات، الإصابة بأمراض القلب والجلطات القلبية أو ما يسمى بـ «متلازمة القلب المنكسر». وتابع، عادة ما تحدث تلك الحالة نتيجة التعرض للخيانة، أو الانفصال عن شريك الحياة، والوفاة بشكل مفاجئ لشخص عزيز، ما يؤدي إلى الشعور بحالة من الغضب والحزن الذي يظهر على هيئة نغزات وضغط على القلب، يصاحبها ضيق وسرعة بالتنفس، مما يترتب عليه حدوث أزمات قلبية في الكثير من الأحيان. وأوضح أن الأبحاث التي أجريت في هذا الشأن أوصت بضرورة عدم الاستسلام للحزن والإجهاد العاطفي، لتجنب مخاطر ارتفاع ضغط الدم، بعد أن وجد أن هرمونات التوتر تصيب بقصور في القلب، وبخاصة لدى المرأة، مما يؤدى إلى توقف عضلة القلب، بل وجد أنه في حالة عدم تدفق الدم والتشنجات فإن احتمالات الوفاة تزيد. وبين أنه تم تشخيص إصابة السيدات بمتلازمة الصدمات العاطفية فى البداية على كونها جلطة في الشريان التاجي، لكن بعد إجراء الكثير من الفحوصات الطبية ثبت وجود انكسار في البطين الأيمن الناتج عن المرور بحالة شديدة من الحزن والضغط النفسي. ودعا إلى الحفاظ على استقرار الحالة النفسية لحماية جهاز المناعة ليتسنى له القيام بدوره الطبيعي في مكافحة الأمراض، مبينا أن متلازمة القلب المكسور لا تصيب الشرايين التاجية بسوء، عكس النوبة القلبية التي تسبب ضيقا واختناقا. وأكد أن علاج المتلازمة يحتاج إلى يومين مع الطبيب المختص للتأكد من عمل القلب بشكل سليم، وبعد مرور 60 يوما ينبغي على المريض الذهاب مرة أخرى للطبيب للتأكد من عدم وجود مضاعفات. مراحل الصدمةإلى ذلك، أشارت اختصاصية العلاج النفسي والعلاقات الأسرية، الدكتورة أسماء عبدالعظيم، إلى أن أي شيء يبدأ صغيرًا ويكبر إلا الحزن فإنه يبدأ كبيرًا ثم يصغر، لذا تحتاج الصدمات العاطفية المزيد من الوقت حتى تختفي من حياة الإنسان ويعود لحياته الطبيعية بشكل تدريجي، مبينة أن هناك صدمات مميتة، مثل «الخيانة، الطلاق، انفصال الشريكين، وفاة شخص عزيز»، تكاد تعصف بصحة القلب.أما المرحلة الثانية فتتمثل في عدم قبول الأمر الواقع، فلا تستطيع الفتاة تصديق أن ما حدث لها صار ذكرى جميلة فقط. أما المرحلة الثالثة فتقوم على أساس الغضب الشامل والمدمر الذي يجعل النفس تراودها أفكار جنونية، إذ تبدأ في إدراك الواقع والشعور بالرغبة في الانتقام، في حين تبدأ المرحلة الرابعة بفقدان الثقة بالنفس، وبخاصة في العلاقات العاطفية، إذ تلجأ المرأة إلى لوم نفسها، وأنها السبب في فشل علاقتها بشريك حياتها، لذا يطلق على تلك المرحلة مرحلة جلد الذات، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة تقبل الأمر الواقع فتبدأ النظر في الأمور بواقعية مع إدراك ضرورة التخلص من الحزن، والألم النفسي، والبدء من جديد.وتابعت: تشعر المرأة فى الكثير من الأحيان، بعد التعافي من الصدمات العاطفية، بالتعاطف مع الطرف الآخر بعد مرور فترة طويلة من الوقت، نتيجة لتأنيب الضمير والشعور بالذنب طوال الوقت. لذلك ينبغي وضع هدف جديد والعمل على تحقيقه وتجربة السفر لتجديد النشاط والحيوية وتحسين الحالة المزاجية، مع عدم الدخول في علاقة عاطفية أثناء المرور بفترة الصدمة النفسية، لأن تلك العلاقة محكوم عليها بالفشل لكونها مجرد وسيلة للهرب من المشكلة بمشكلة جديدة.