المحلية
الصمود والنضال بالكلمة والمقاومة في مواجهة "الخميس الأسود"
الاثنين 01 أغسطس 2022
5
السياسة
كتب - فالح العنزي:يسترجع الكثير من الفنانين الكويتيين ذكرى الغزو العراقي لدولتنا الحبيبة في الثاني من أغسطس 1990، قبل 32 عاما كاد الجيش الصدامي يمحو جغرافية دولة الكويت من خارطة العالم، لولا أن أجمع العالم بأسره على صد الغزاة في حرب "عاصفة الصحراء"، وعلى مدار سبعة أشهر هي عمر الاحتلال الصدامي لدولة الكويت، كان للفنان الكويتي دور فاعل في مواجهة المحتل سواء في الداخل من خلال من صمد مع الصامدين أو من خلال التظاهرات والندوات والفعاليات التي قادها الفنانون خارج الكويت، وأوقد عشرات الفنانين، في مختلف العواصم العربية كل في مجاله، مشاعل النور والأمل بالتحرير.وبعد مرور 32 عاما لا تزال حاضرة في الأذهان "الليلة المحمدية"، الأوبريت المصري السنوي، الذي تغيرت كلماته حينها لمناصرة الكويت حكومة وشعباً وإيصال الصوت عالياً إلى العالم، وشارك فيه إلى جانب فناني مصر، الفنانان عبدالله الرويشد وسعاد عبدالله، ولا تزال جملة "اللهم لا اعتراض" التي سطرها الشاعر الراحل شاعر البساطة المبدع عبدالرحمن الأبنودي راسخة في الأذهان لتكون بمثابة جرعة ألم كل أهل الكويت وكذلك بصيص أمل كل عربي غيور، كما حرص عدد آخر من الفنانين على مساندة الكويت عن طريق أعمالهم، حتى أصبح هذا الفن تراثاً يوثق الحدث."اللهم لا اعتراض"في 1990 اجتهد الجميع في المبادرة وتقديم أعمال فنية وأغنيات كانت ترددها الأفواه حتى اكتمل تحرير الكويت، وشارك الفنان عبدالله الرويشد مع الشاعر المصري الراحل عبدالرحمن الأبنودي وعدد آخر من الفنانين والممثلين في أوبريت "الليلة المحمدية" السادسة، في القاهرة، بإشراف الإذاعي الكبير وجدي الحكيم، وفيه سرد الأبنودي كلمات قصيدته "الاستعمار العربي"، التي أثرت في الشعب الكويتي والعربي، وهزت كلماتها مشاعر العالم العربي في ذلك الوقت متحدثة عن لسان أهل الكويت جميعاً، يقول الأبنودي رحمه الله، في "الليلة المحمدية":"اللهم لا اعتراض يا الله.. أشكو إليك.. أشكو إليك يا واهب النعم.. بلدي انظلم واللي ظلمني ولاد عمومة ودين ودم.. كانوا مع الشيطان يا ربي على ميعاد واللهم لا اعتراض.. ومدام يا ربي خلقتلي دمعي من حقي أبكي.. انشالله أبكي دم ومدام يا ربي خلقتلي صوتي.. هاصرخ لو العالم حجر أصم.. يا أمة الإسلام خلص مني الكلام لا عين شايفه حق.. ولا شايفة ملام.. بيتي وبيقول بيته اللي جه يعتدي ومسجد لله بنيته.. بيقول ده مسجدي.. سامحني يا الله هاتشق قلبي الآه.. الباطل الواضح في مسلمين تابعاه.. على دمي ماشية وراه.. أنا في واد يا ربي وبلادي في واد.. أنا في واد يا ربي وولادي في واد.. أنا في واد يا ربي وفؤادي في واد.. واللهم لا اعتراض".أيها الشعب العراقي هو زايل وأنت باقي.. قدر إزاي يقنعك… تشرب دمائي قدر إزاي يقنعك… تكشف ردائي.. شفت وجهك في صبيحة الاجتياح.. ماكنش وجهك.. ولا ده وجهك.. وأنا ما أعرفش وجهك من غبائي".يقول الفنان جاسم النبهان: "كان للفنان الكويتي دور فاعل مثل العسكري والطبيب والمهندس والمقاومة، الكل يقاتل بسلاحه، ونحن سلاحنا كانت الكلمة ومنا من حمل السلاح ودفع حياته ثمنا لحرية الوطن، فنانون ومثقفون وشعراء تم القبض عليهم وجرى تعذيبهم وقضوا نحبهم، أتذكر جيدا في أول أيام الغزو كان اسمي على رأس قائمة المطلوبين حيا أو ميتا، وكان العراقيون يلاحقون كل فنان مشهور تحت تهديد السلاح، ليكون إلى صفهم، الحمد لله تمكنت من التنصل والاختفاء حتى تحرير الكويت".إسقاط طائرةكان رئيس نقابة الفنانين والإعلاميين الكويتيين د.نبيل الفيلكاوي، أحد أبطال المقاومة وله صولات وجولات موثقة بالصوت والصورة، يقول: "منذ اليوم الأول التحقت بمجموعة المقاومة وتعاهدنا على الموت فداء للكويت، وعلى مدار سبعة أشهر كانت جيوش الغزاة تلاحقنا من منطقة إلى أخرى ومن منزل إلى آخر، لقد كبدناهم عشرات القتلى إلى درجة كانوا يقتحمون المنازل لمجرد أن وصلتهم معلومة عن وجود مقاومة، ومن الأعمال التي نفخر بها وكانت من أخطر وأهم عمليات المقاومة إسقاط طائرة عراقية تحمل على متنها عشرات القادة والضباط العراقيين، والعملية تم توثيقها بالصوت والصورة، كذلك تمكن بعض أفراد المقاومة من تصنيع أجهزة التحكم عن بعد".وأشاد الفنان محمد المنصور، بكل التجارب التي حاول أصحابها التعريف عن الدور الذي لعبه الشعب الكويتي ممثلا بفئاته من الصامدين والمقاومة لكن استطرد بقوله: "أكثر من 30 عاما قدمت فيه عشرات الأعمال لكنها لم تفي المقاومة حقها وأيضا لم ننصف الممثلين الذين جاهدوا في الغزو، فبعد مرور 32 عاماً على ذكرى الغزو من المفترض ان تكون هناك أعمال أكثر عمقاً في الطرح عن تلك التي شاهدناها من حيث ضرورة تناول قصص شخصيات حقيقية وقصص مهمة تم تناولها من خلل أعمال وثائقية من الممكن تحويلها إلى أعمال درامية تلفزيونية.وأضاف: سبق أن ذكرت أنني أحتفظ بقصص واقعية تمتد إلى 45 ساعة كانت موجودة لدى أخي المرحوم عبدالعزيز المنصور فيها الكثير مما قد يوثق للحدث الأهم في تاريخ الكويت، وما أن يطلب مني تقديمها فلن أتأخر عن ذلك.الإذاعة السريةكان الاعلامي المخضرم علي حسن، من أوائل المذيعين الذين ظهر صوته عبر أثير الإذاعة السرية، يقول "بو شملان": تلقيت اتصالا من الفنان الراحل منصور المنصور يطلب مني التوجه لمنزله فورا، وصلت هناك ووجدت مجموعة من العاملين في وزارة الإعلام خصوصا الإذاعة، وعرفت أن المهندس حميد خاجة أخذ جهاز البث قبل أن يستولي عليه العراقيون وتم تشكيل خلية الإذاعة السرية، حيث كنا نجتمع يوميا ونقوم بالبث عبر الأثير، بعد فترة قصيرة عرف العراقيون أمر الإذاعة وقاموا بملاحقتنا من منزل الى آخر، حتى أجبرنا على التخلص من جهاز البث للحفاظ على حياتنا.بينما عادت الفنانة زهرة الخرجي، بشريط ذكرياتها إلى بداية أيام الغزو العراقي وقالت: قبيل "الخميس الأسود" كنت مشغولة بالتحضير لأغنية تدور فكرتها حول الأطفال الذين يعيشون مأساة الحروب، لكن صدمنا بأن يعيش أطفال الكويت هذه المأساة، فقمنا على الفور بإخفاء بعض الأزياء العسكرية التي كنا سنستخدمها في الفيديو كليب، وفوجئت أنا وشقيقي بوجود مجموعة من الجنود العراقيين يلاحقون الفنانين، وكدت أدفع حياتي ثمنا لمبادرة مجموعة من الأهالي بالذهاب لاطعام الحيوانات في حديقة العمرية، حيث تعرف علي أحد الجنود لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وقال انت ممثلة على الرغم من أنني كنت أضع العباءة والشيلة.وأكد عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية الأسبق د.بندر عبيد، أنه والكثير من الفنانين الذين شاءت الظروف بأن يتواجدوا خارج الكويت في بداية الغزو، حيث كان حينها متواجدا في القاهرة وحالت الظروف دون عودته وقال: "حاولت الوصول إلى أسرتي والاطمئنان عليها، لكن لم تكن هناك هواتف أرضية متاحة، كان القلق شديدا على بلدي المغتصبة وعلى عائلتي في الكويت، بعد فترة ليست قصيرة الحمد لله تمكن أفراد عائلتي من مغادرة الكويت، في حين تفرغت ومجموعة من الفنانين لتنظيم الفعاليات والندوات والتجمعات التي تدين الغزو وكنا نقوم بجمع التوقيعات من أجل التنديد بالعدوان العراقي، أحيانا يكون القتال كلمة والصمود كلمة والمواجهة أيضا كلمة".