الثلاثاء 16 ديسمبر 2025
13°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

"الطابور السادس"... الإنسان بطبيعته دمية!

Time
السبت 04 ديسمبر 2021
السياسة
كتب - فالح العنزي:

تفوق فريق المخرج علي البلوشي، وأثبت بأنه يستحق وقوف جمهور مهرجان الكويت المسرحي الحادي والعشرين احتراما له، وكانت دقائق التصفيق الطويلة في محلها بعدما قدم الفريق عرضا مسرحيا مبهرا نال عليه الدرجة الكاملة من الحضور ويبقى الفصل عند لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للمهرجان.
"الطابور السادس"، الذي ولد قبل عشرة أعوام وظل حبيسا في الأدراج كل عام تأخذ مؤلفته الكاتبة فاطمة العامر مشرطها وتقوم بجراحات طفيفة حتى بلغ ذروة عافيته نصا متكاملا جميلا تلقفه المخرج علي البلوشي وشارك فيه كوكبة من الممثلين الرائعين.
لماذا "الطابور السادس"، سؤال كان يتردد على لسان المتلقي فنحن اعتدنا وجود "الطابور الخامس"، طابور الفساد والسرقات والتآمر، سرقة الشعب والدين وكل شيء، في "طابور" فاطمة العامر عرفنا نحن كبشر بأننا مزيج من البشر والدمى، فمنا من هو خائن الشعب ومن هو خائن الدين وبيننا خائن الصديق وخائن الألم، شخوص المخرج علي البلوشي كانت دمى بوجوه كريهة مقيتة تعكس سواد ما في قلوبهم من ماض سحيق منفر خلقا وأخلاقا، في لحظة الاعتراف كشف كل من "إدوارد وصوفي وجون وباولو" عن حقيقة كل نفس منهم فهم خلاصة القبح والخيانة وهم رموز الكراهية والحقد والتزوير شهد الكلب "بامسي" على كافة تصرفاتهم ولو كان لسانه ينطق لشهد بهول ما فعلوه فهم لم يكونوا سوى بشر في هيئة دمى ودمى تخفي بشر.
في "الطابور السادس" كنا أمام نص سلس صاغه قلم ناضج ومدرك لأبعاد ما تخفيه النفس البشرية من سوداوية وحقد وأيضا كنا برفقة مخرج فاهم واع لكل جملة وسطر وحوار، ثنائي جميل تحمل مسؤولية اختيار عناصر متناسقة متناغمة وفاهمة ومستوعبة لكل التفاصيل فظهر أمامنا عملا متكاملا جميلا من دون تصنع، مسرح حقيقي اعتمد في المقام الأول على الامكانيات الجبارة التي يمتلكها عناصر التمثيل الذي قادهم باحترافية مطلقة قناص جوائز المهرجانات يوسف البغلي، الذي يثبت في كل مرة بأنه ممثل من خارج الصندوق، ممثل بقدرات هائلة حقيقية وجوده يمنح كل مخرج فرصة فعل ما يريد، يوسف البغلي أو "إدوارد" في "الطابور السادس" شكل بأدائه صلابة جبال الهملايا وقمة ايفرست الأعلى في العالم، أداء البغلي منح زملائه فرصا مواتية لملاعبته فوق خشبة المسرح فكان طبيعيا أن يحتدم صراع المنافسة تمثيلا فأخرج كل من سالي فراج "صوفي"، عبدالله الحمود "باولو"، محمد الشطي "جون" وماجد البلوشي "الكلب"، ما في جعبتهم وأدوا المهام الملقاة على عواتقهم بشكل جيد وسليم ومحترف، فكانوا أهلا لكل جملة وشعور واحساس انتابهم في ذروة الأداء وكنا نتساءل لمن ستكون الغلبة بينهم.
السينوغرافيا، التي وقف وراءها د.منى التميمي تصميما، وأسماء العيسى تتفيذا، كانت في محلها من ناحية تنفيذ الديكور بدرجة محترفة، خصوصا اختيار الاكسسوارات الذي لم يكن مقحما بل له دلالات واضحة وتم توظيفه بشكل جيد ومناسب.
بلا شك لم يخل "الطابور السادس" من وجود بعض الهنات وهي طبيعية قياسا مع نص بهذا المستوى، حيث لم يوفق الممثل عبدالله الحمود، الذي جسد شخصية "باولو" في اخفاء وجهه بشكل جيد خلف وجه الدمية وكان واضحا أمام الجمهور على عكس باقي الممثلين، خصوصا البغلي وسالي وبعدهما الشطي، كذلك نجح المخرج في اختيار موسيقات جيدة لكن طغى استخدامها في بعض التوقيتات على أصوات الممثلين فلم يسمع الحضور حوارهم، والاضاءة التي يقف ورائها المهندس فاضل النصار تم توظيفها بشكل سليم.


مشهد من مسرحية "الطابور السادس"

آخر الأخبار