الثلاثاء 23 سبتمبر 2025
34°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
منوعات

الطفيليون... نوادر لا تنتهي

Time
الأحد 05 مايو 2019
السياسة
إعداد – إسلام مصطفى:


يحفل التاريخ العربي بالنوادر، التي قلما يوجد مثلها في أمم أخرى، نظرا لما يتمتع به العرب من خفة ظل، حتى أنهم سخروا الشعر في كثير من هذه المواقف فتحولت بها إلى نادرة، "السياسة" طافت
عبر تاريخ العرب قديمه وحديثه وقطفت بعض هذه النوادر لتقدمها للقارئ حتى ترسم على ملامحه البسمات.

اشتهر الطفيليون عند العرب، بأنهم يأتون إلى عزائم من دون أن تتم دعوتهم إليها، كما انتشر بينهم "الواغل" وهو الذي يدخل على قوم في طعامهم وشرابهم من دون أن يدعوه. حُكي عنهم الكثير من النوادر والطرائف، حتى أنها قسمت الطفيليين إلى أنواع، بعضهم طفيليو أعراس وبعضهم لا يظهر إلا في المآتم وهكذا. الغريب أنه كان للطفيليين نقش لا يفارق خواتمهم، فكانوا ينقشون "وما لكم لا تأكلون " وبعضهم نقش "أكلها دائم" فيما نقش آخرون "آتنا غداءنا" أو "لا تبقي ولا تذر".
من النوادر التي تحكي عن الطفيليين أن أحدهم رافق رجلًا في سفره، فلما جاعا طلب منه الرجل أن يشتري لهما لحمًا، قال الطفيلي: لا والله ما أقدر. فذهب الرجل واشترى هو، ولما عاد قال له: قم فاطبخ، فمكر الطفيلي وقال: لا أحسن الطبخ، فطبخ الرجل. ونادى على الطفيلي، وقال: عليك بفت الخبز في مرق اللحم، أجابه:أنا والله كسلان، ففعل الرجل، وقال له: قم فاغرف، فقال الطفيلي: أخشى أن ينقلب القدر على ثيابي، فسلم الرجل أمره لله وغرف الطعام. ونادى مرة أخرى على الطفيلي، وقال له: قم الآن فكل، فرك الطفيلي كفيه ببعضها، وقال: قد والله خجلت من كثرة رفضي لمطالبك، وغرس يديه بالطعام وأخذ يأكل بنهم.
ومن نوادرهم أيضا أنه ذات يوم دخل طفيلي على جماعة يأكلون، ونظر إلى المائدة، وقال لهم: ماذا تأكلون؟ فظهرت علامات الغضب على وجوههم، وقالوا: سُمًا، فدنا منهم، وجلس أمام المائدة ودب يده في الطعام، وقال: لا خير في العيش بعدكم.
ولابن دراج الطفيلي طرفة، وهو من أهل مدينة حران، فذات يوم سافر إلى بغداد، ومر بباب جماعة عندهم وليمة فدخل البيت، وكان صاحب الدار وضع سلمًا في مدخل البيت، كلما دخل شخص لا يعرفه قال له: اصعد يا أبي، فصعد الطفيلي ابن دراج وإذا به في غرفة مفروشة وبها ثلاثة عشر طفيليًا، فرفع صاحب الدار السلم، وأمر بوضع الموائد. خيمت الحيرة على نفوس الطفيليين ومعهم ابن دراج، وقالوا: لم نر مثل هذا من قبل، فقال لهم:ماذا تعملون؟ فأجابوا: نتطفل، وبمكر ودهاء قال لهم: أنا أحتال لكم حتى تنزلوا وتأكلوا، ما رأيكم؟، فرحبوا بفكرته. نادى ابن دراج على صاحب البيت والناس يأكلون، وقال له بصوت يملؤه الغضب: أيهما تحب، تصعد إلينا بإناء كبير عليه ما لذ وطاب مما تأكلون، نأكل وننزل، أو أن أرمي بنفسي على رأسي فيخرج من بيتك قتيل، ويتحول عرسك مأتمًا؟ وأخد ابن دراج يدلي سراويله وكأنه سيرمي بنفسه من أعلى، فلمحه صاحب البيت، ففزع من مكانه، وقال له: اصبر ويلك لا تفعل، وظل يتخبط وكأن شيطانا مسه، وأمر بإحضار الإناء ووضع عليه ما لذ وطاب وأصعدوه إلى الطفيليين فأكلوا ونزلوا.
ومن النوادر ما يروى عن شعيب الذي يعد أشهر الطفيليين لدى الأعراب، أنه في أحد الأيام، كذب على صبيان، وقال لهم: إن في بيت فلان وليمة فاذهبوا إليه، فلما ذهبوا، قال في نفسه: لعله يكون هناك وليمة، وذهب خلفهم.
وفي البصرة وقعت طرفة، مع أحد أشهر الطفيليين بالمدينة، وكان صاحب أدب، وذات يوم مر على قوم عندهم وليمة، فاقتحم عليهم وأخذ مكانه في الجلسة مع من دُعي، استنكر صاحب المجلس فعله، وقال له المدعوون: لو صبرت يا هذا حتى يؤذن لك، لكان أحسن لأدبك، وحفظًا لمروءتك، فقال لهم: إنما جُعلت البيوت ليدخل فيها، ووضعت الموائد ليؤكل عليها. واستكمل حديثه بعد أن مد يده مرة أخرى وأخذ قطعة لحم، وقال وهو ينظر إليها بشوق كبير: قديمًا قالوا: صِل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك.

بائع السجاد

آخر الأخبار