"العاصوف 3" يدق المسمار الأخير... ولا جزء رابعاً

كتب - فالح العنزي:


تراجعت نسبة مشاهدة الجزء الثالث من مسلسل "العاصوف"، الذي يعرض حاليا على شاشة "ام بي سي"، على عكس الجزأين الماضيين عندما كان يترأس قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة بشكل يومي، وعلى الرغم من اجتهاد بطل المسلسل الفنان ناصر القصبي في تناول قضايا اجتماعية جديدة إلا أن المسلسل وقع ضحية تكرار الأفكار وغياب التجديد والبقاء في ذات الدائرة، خصوصا في ما يتعلق منها بمحاولة إظهار التيار الاسلامي ممثلا ببعض من يختبئ خلف عباءة الدين وإبراز كثير من ممارسات هيئة الأمر بالمعروف التي سيطرت على الساحة السعودية سنوات.
افتقد "العاصوف" في نسخته الحالية إلى الأحداث المهمة اسوة بما حدث الجزأين الأول والثاني، باستثناء الاشارة إلى العام 1990، حيث الغزو العراقي للكويت، وهذا أيضا تسبب بردود فعل سلبية بعدما تم إظهار الأحداث على خلاف حقيقتها، بالادعاء بأن القوات العراقية لم تواجه مقاومة تذكر واجتاحت الكويت خلال ساعات معدودة، في حين أن الأحداث الموثقة أكدت أن سلاح الطيران الكويتي تمكن من اسقاط أكثر من ثلاثين طائرة حربية، كما كبدت المقاومة القوات الغازية خسائر كبيرة.
وتناول "العاصوف" للمؤلف عبدالرحمن الوابلي والمخرج المثنى صبح، في الحلقات الأولى من المسلسل كثير من القضايا التي عصفت بالمجتمع السعودي في حقبة الثمانينات خصوصا مع بدء مد التيار الديني والذي أطلق عليه "الصحوة"، من خلال استغلال الجماعات الاسلامية للمنابر والحث على الجهاد وجمع التبرعات المادية ودعم الجماعات الاسلامية التي سادت آنذاك، بالإضافة إلى الدعوة للجهاد في أفغانستان، في حين تناولت الحلقات الأخرى وصولا للحلقة الخامسة عشرة قضايا الفساد الاداري والصراع بين الفكر الليبرالي والحداثة والتيار الديني، ويشارك في بطولته مجموعة من الممثلين منهم عبدالاله السناني وريم عبدالله وحبيب الحبيب وعبدالعزيز السكرين وريماس منصور، وأمينة العلي وغيرهم. وبدا واضحا من سيناريو الأحداث والمواقف رغبة القائمين على العمل الاستمرارية بالتصدي للتيارات الدينية التي أخذت فترة من الوقت تعيش حربا ضروس مع المطالبين بالحداثة مثلما حدث بين أبناء العمومة، كذلك تدخل الإسلاميين واستغلالهم للمشكلة التي حصلت بقتل "حمود" حبيب الحبيب، لأحد أرباب السوابق واصرار ذوي القتيل التمسك بحقهم الشرعي في دية قدرت بثلاثة ملايين ريال مقابل عدم تنفيذ القصاص، وتكشف الأحداث أن الإسلاميين هم من يقف وراء تحريض ذوي القتيل للتمسك بالمبلغ الكبير ومن ثم حصولهم على نسبة منه، وهنا نعود إلى المربع الأول في التعاطي مع الإسلاميين واظهارهم بشكل مشوه، خصوصا الجيل اليافع بينما ظل الابن الأكبر لعائلة الطيان "عبدالرحمن السكرين" رجل دين ملتزم لكنه غير مؤثر.
وبالتوقف عند الجديد في مسلسل "العاصوف" بجزئه الثالث نجد دخول بعض الوجوه الشابة مثل أمينة العلي وزارا البلوشي ومنحهما مساحة حوارية جيدة كبطولة نسائية إلى جانب النجمة ريم عبدالله.
وفي ما يتعلق بالرؤية الإخراجية، فكلمة تقال في حق المخرج السوري فلسطيني الأصل المثنى صبح، واهتمامه الدقيق بالتفاصيل حتى تظهر الصورة أمام المشاهد بشكل جميل، اهتمام صبح لم يأت من فراغ بل فرضته الحقبة الزمنية التي يتناولها المسلسل وهي التسعينات بما تحمله من بساطة وأيضا حداثة، فتجد الصورة التي قدمها صبح شبه واقعية وكأننا فعلا نعيش تلك الفترة من اكسسوارات وسيارات وأزياء وغير ذلك.
ويبقى أن الجزء الثالث هو الأخير من "العاصوف" ولا يوجد جزء رابع، خصوصا بعد الاستقبال الفاتر من الجمهور هذا العام.