الثلاثاء 01 أكتوبر 2024
33°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
كل الآراء

العاطفة المؤسسية

Time
الثلاثاء 11 يوليو 2023
View
16
السياسة
م. أفراح جاسم السعيدي

يقول دانيال غولمان، وهو عالم نفس اشتهر بأبحاثه وكتبه في مجال الذكاء العاطفي، وأهمية العواطف والقدرات العاطفية في النجاح الشخصي والعملي والعلاقات الاجتماعية: "اذا لم تكن مسيطرا على قدراتك العاطفية، واذا لم تكن تملك الوعي الذاتي، واذا كنت غير قادر على ادارة مشاعرك المُتعِبة، واذا لم تكن قادرا على تقديم تعاطفك، وليس لديك تواصل فعال، فبالتالي مهما بلغت من الذكاء فلن تصل الى اقصى مرتبة".
والمقصود بالذكاء العاطفيّ أنّه قُدرة الإنسان للتعرُّف على العواطف والمشاعر، سواءً اكانت عواطفه الخاصة، أو عواطف الأشخاص المُحيطين به، من أجل إدارة سلوكه وعلاقاته الشخصية بشكل فعال.
وكما أشار غولمان الى أن الذكاء العاطفي يتكون من خمسة عناصر تتمثل أولا في الوعي الذاتي، حيث يشير الى قدرة المرء على تحديد وتشخيص عواطفه، وحالاته وتقلباته المزاجية، وعواطف الآخرين وفهمها ومعرفة مدى تأثيرها على سلوكه، كما يتضمن تتبع المشاعر وملاحظة ردود الفعل العاطفية المختلفة.
أما العنصر الثاني فهو التنظيم الذاتي حيث يشمل التعبير عن العواطف تعبيرا صحيحا مناسبا، كما يشتمل على التحلي بالمرونة وتقبل التغيير.
والعنصر الثالث هو المهارات الاجتماعية، والتي تشير إلى التفاعل الجيد مع الآخرين، كالإصغاء وامتلاك مهارات التواصل اللفظي، وغير اللفظي، وكذلك القيادة واكتساب العلاقات.
أما العنصر الرابع، وهو التعاطف الذي يشير إلى القدرة على فهم ما يشعر به الآخرون والتجاوب معه بطريقة ايجابية.
أما العنصر الخامس والأخير، فهو الدافع الداخلي الذي يعني أن يتصرف المرء بهدف تلبية الاحتياجات والأهداف الشخصية بدلا من المكاسب الخارجية.
وبما أن الفرد هو العنصر الأساسي في ازدهار المؤسسات، فهل ترك القادة الذين يتمتعون بالذكاء العاطفي أثرا في بيئة العمل؟
بالتأكيد الإجابة نعم، فالذكاء العاطفي يؤدي دورًا حاسمًا في بناء وتعزيز ثقافة العمل الإيجابية، وتحقيق النجاح المؤسسي لأن هناك علاقة طردية بين ذكاء الفرد والمؤسسة، فالقادة ذوو الذكاء العاطفي يمتلكون القدرة على فهم احتياجات ومشاعر أعضاء الفريق، وتوجيههم بشكل فعال.
كما يمكنهم تحفيز الفريق وتعزيز التعاون والإبداع وبناء علاقات عمل إيجابية مما يحقق قيادة فعالة في بيئة العمل، كذلك الذكاء العاطفي يساعد على تعزيز مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي في المؤسسة حيث يمكن للأفراد ذوي الذكاء العاطفي أن يكونوا مستمعين جيدين، ويعبّرون بوضوح، ويظهرون تفهمًا واحترامًا لآراء الآخرين، مما يؤدي إلى بناء علاقات مثمرة داخل المؤسسة. بالإضافة الى ان عندما تمر المؤسسات بظروف غير مستقرة فإن الذكاء العاطفي يساعد الموظفين وقادة المؤسسة على التعامل مع التحديات، وإدارة التوتر والضغوط في بيئة العمل الصعبة، كما يمكنهم التحكم في ردود الفعل العاطفية، والعمل بشكل فعال حتى في هذه الظروف، لأنهم يظهرون مرونة في التعامل مع التوتر والضغوط المهنية، ويستخدمون ستراتيجيات إدارة الضغوط والتحكم في ردود الفعل للحفاظ على تركيزهم وأدائهم.
ولا يقتصر دور الذكاء العاطفي عند هذا الحد، بل يمتد إلى القيادة الاستباقية، أي أن قادة المؤسسة ذوي الذكاء العاطفي يتمتعون بقدرة على فهم الاحتياجات العاطفية لفرق العمل وتوجيهها بشكل ملائم، ويستخدمون التحفيز الإيجابي والإلهام لتحفيز الفريق، وتعزيز تحقيق الأهداف المشتركة.
كما أن للقائد دورا مهما في حل الصراعات وإدارة العلاقات الصعبة، لإنه يمكن الأفراد من التعامل بفاعلية مع الصراعات وإدارة العلاقات الصعبة في المؤسسة، ويتبنى الأذكياء عاطفيا المهارات اللازمة لفهم وتهدئة العواطف المتوترة وتحسين التواصل لحل المشكلات بشكل بناء، هذا وبالإضافة إلى خلق القدرة لدى القادة على التفكير الستراتيجي، واتخاذ القرارات، لأنه يعزز القدرة على التفكير الستراتيجي، واتخاذ القرار المدروس في المؤسسة. لذلك يمكن للأفراد ذوي الذكاء العاطفي الموازنة بين العواطف والمنطق في عملية اتخاذ القرارات المهمة، وتحليل النتائج المتوقعة.
نتعرض يوميا في بيئة العمل إلى مواقف تدار بذكاء عاطفي أحيانا من دون أن نشعر، فمن مؤشرات وجود الذكاء العاطفي في المؤسسة عندما يحل القيادي النزاعات، واتخاذ أفضل القرارات بدلا عن عدم تحمل مسؤولية الحدث، والعمل كفريق واحد بدلا من التواصل السلبي بين أفراد المؤسسة، وحسن الإصغاء وتقبل الرأي الآخر بدلا عن عدم الانفتاح على الآخرين، ووجود حالة من الشغف المستمر بالعمل بدلا من انعدامه.
أخيرا العمل تحت الضغط بدلا من الهروب من المسؤولية، وجميع ما سبق ذكره مسؤوليات تقع على عاتق القيادي الناجح وتتطلب في المقابل موظفين لديهم قبول للتعامل بهذا الذكاء، وإلا فإن مسؤوليات القيادي ستتحول أعباء تبطئ من سرعة الإنجاز، وتحقيق أهداف المؤسسة.
ختاما، الذكاء العاطفي في المؤسسة له دور مهم حيث يساهم في بناء بيئة عمل صحية ومثمرة تحقق التوازن والاستدامة.

كاتبة كويتية

[email protected]
آخر الأخبار