الدولية
العالم "المصدوم" من قرار ترامب بين منزعج ومتخوِّف... ومُرحِّب
الخميس 20 ديسمبر 2018
5
السياسة
بوتين: لم نرصد أي مؤشر على الانسحاب... واشنطن قالت مراراً إنها ستغادر أفغانستان ولم تفعل ترامب: روسيا وإيران وسورية وآخرونهم عدو "داعش"... نحن كنا نؤدي عملهم! واشنطن، عواصم- وكالات: توالت ردود الفعل، أمس، على القرار- الصدمة، الذي اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بسحب قوات بلاده من سورية، وتباينت إزاءه المواقف الدولية، بين مُرحِّب بالخطوة (روسيا وتركيا)، ومُتخوِّف من تداعياتها (إسرائيل)، ومُنزعج من التفرُّد باتخاذها (حلفاء واشنطن الغربيون). لكنَّ ترامب، الذي شطب بـ "تغريدة" الأربعاء، بنداً أساسيا من بنود الستراتيجيا الأميركية في الشرق الأوسط، دافع أمس، عن قراره، مؤكداً، في "تغريدة" أيضاً، أن الخروج من سورية "لم يكن مفاجئاً"، بل "أطالب به منذ سنوات". وكتب ترامب على "تويتر" أمس، إن القرار "يفي بتعهّد" قطعه خلال حملته الانتخابية. وقال: "أطالب منذ سنوات بالخروج من سورية، وقبل ستة أشهر، حين عبَّرت علناً عن رغبتي الشديدة في فعل ذلك، وافقت على البقاء لمدة أطول". وأضاف: "روسيا وإيران وسورية وآخرون، هم العدو المحلي للدولة الإسلامية، ونحن كنا نؤدي عملهم... حان الوقت للعودة إلى الوطن وإعادة البناء". وفي ردود الفعل الدولية، رحبت موسكو بقرار واشنطن، وقالت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في بيان صباح أمس: إن "الانسحاب يفتح آفاقاً حقيقية وواقعية للتسوية السياسية في سورية، وهو أمر لم يكن ممكناً خلال وجود القوات الأميركية". لكن الرئيس فلاديمير بوتين، الذي أعلن ظهراً أنه "متفق إلى حد بعيد" مع ترامب على أن تنظيم "داعش" قد انهزم، شكك في الوقت نفسه بما يعنيه إعلان ترامب عملياً. وقال بوتين: "لم نرصد أي مؤشر على انسحاب القوات الأميركية، التي تعتبر موسكو أن وجودها في سورية غير قانوني"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة قالت مراراً إنها ستغادر أفغانستان، لكنها لم تفعل". وفي القدس، تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن "تصعِّد" الدولة العبرية "معركتها ضد القوات المتحالفة مع إيران في سورية"، بعد انسحاب القوات الأميركية. وقال، في تصريحات بثها التلفزيون أمس، إن إسرائيل، التي "أبلغتها واشنطن بقرار الانسحاب من سورية مسبقاً، ستدرس تداعيات القرار، وتعرف كيف تدافع عن نفسها". وأضاف: "سنواصل التحرك بنشاط قوي ضد مساعي إيران لترسيخ وجودها في سورية (...) لا نعتزم تقليص جهودنا، بل سنكثفها، بتأييد ودعم كاملين من الولايات المتحدة". وفيما رحّب المندوب الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة داني دانون بالقرار الأميركي، قائلاً: إن "تل أبيب ستحترم أي قرار تتخذه إدارة ترامب"، شدد في المقابل على أن "قرار الانسحاب من سورية لن يغيّر سياسة إسرائيل بعدم السماح لإيران ببناء قواعد عسكرية قرب حدودها". بدوره، قال وزير المالية الإسرائيلي موشي كحلون إن القرار الأميركي "ليس جيداً لنا. لكننا نعلم أن ضمان سلامة إسرائيل يدخل ضمن مصالح أميركا في المنطقة". وفي أنقرة، ذكرت وكالة الأناضول، أن زير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو "ناقش هاتفياً مع نظيره الأميركي مايك بومبيو" قرار الولايات المتحدة، فيما تعهّد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تصريح صحافي أمس، بأن المسلحين الأكراد شرق الفرات في سورية "سيدفنون في خنادقهم في الوقت المناسب". ونقلت الوكالة عن أكار قوله: "أمامنا الآن منبج وشرق الفرات. نعمل بشكل مكثف على هذه المسألة"، مشيراً إلى ان تركيا ستشن عملية عسكرية قريباً ضد "وحدات حماية الشعب" شمالي سورية. من جانبها، حذرت قوات سورية الديمقراطية (قسد) أمس، من أن انسحاب الولايات المتحدة "سيسمح لتنظيم (داعش) بإعادة تنظيم صفوفه". وأضافت أن سحب القوات الأميركية "سيترك السوريين بين مخالب القوى والجهات المعادية". وقالت الناطقة باسم "قسد" جيهان أحمد، في حديث لـ "سبوتنيك"، تعليقاً على إعلان الولايات المتحدة سحب عسكرييها: "إن (قسد) لا تعتمد على أي جهة، وإنما على قدراتها الذاتية وعلى شعبها (...) قلنا مرارا إننا سنواجه التهديدات التركية بكل قوة، وهذه ستكون حرباً حتى الموت". وعلى مستوى الحلفاء الغربيين للولايات المتحدة، رأت بريطانيا أن تنظيم "داعش" لا يزال يمثل تهديداً "حتى وإن كان لا يسيطر على أراض". وأشارت الخارجية البريطانية، في بيان أمس، إلى أن التطورات في سورية "لا تشير إلى نهاية التحالف العالمي". وأعرب الوزير في وزارة الدفاع البريطانية توبايس إلوود عن عدم قناعته بأن تنظيم "داعش" في سورية قد هزم، وقال في تغريدة على "تويتر": "أختلف بشدة" مع الرئيس الأميركي (...) داعش تحوّل إلى أشكال أخرى من التطرف، والتهديد لا يزال قائماً بقوة". أما فرنسا، فأكدت عدم نيّتها سحب قواتها من سورية، على الرغم من انسحاب القوات الأميركية. وقالت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي أمس: "فرنسا لم تنظر إلى المعركة على أنها انتهت، وهي لا تشارك الرأي بأن (داعش) قد هزم كلياً"، محذرة من أن التنظيم "لم يُمحَ من الخريطة، ومازال لديه جذور في سورية". بدورها، أكدت وزيرة الشؤون الأوروبية بالحكومة الفرنسية ناتالي لويس أن فرنسا لن تسحب قواتها، قائلة: "في الوقت الحالي، لا نزال في سورية. المعركة ضد الإرهاب لم تنته بعد". وكان ديبلوماسيون فرنسيون أكدوا، في تصريحات لـ "رويترز" أمس، أن قرار ترامب سحب الجنود الأميركيين، وعددهم 2000، من سورية، كان "مفاجئاً لباريس". وكشفوا أن الرئيس إيمانويل ماكرون تحدث مع ترامب، ليل أول من أمس، في هذا الشأن، مشيرين إلى أن لفرنسا نحو 1100 جندي يعملون في العراق وسورية. وفي برلين، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن قرار الولايات المتحدة "المفاجئ، يدعو إلى الدهشة، ويهدد بالإضرار بالحرب" ضد تنظيم "داعش". وأضاف ماس، في تصريح أمس: "جرى تحجيم (داعش)، لكن التهديد لم ينته بعد. هناك خطر من أن تضر عواقب هذا القرار بالحرب على التنظيم وتقوّض النجاحات التي تحققت بالفعل".