الثلاثاء 24 يونيو 2025
41°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
المحلية

العدساني: "التأمينات" تُحمِّل المتقاعد عائداً بنسبة 6.5 %... تعجز استثماراتها عن تحقيقه!

Time
السبت 21 سبتمبر 2019
View
5
السياسة
أعداد المتقاعدين تجاوزت حتى 2017 الـ122 ألفاً بمتوسط نمو سنوي يقارب خمسة في المئة

المستحقون للراتب التقاعدي من الأرامل والأولاد تجاوزوا 78 ألفاً

العجز لا يعني أن التأمينات تمر بوضع صعب وليس لديها السيولة لسداد التزاماتها

الخزانة العامة تحملت أعباء تقدر بـ10 مليارات دينار نتيجة عجز التأمينات ... وسددت في 2015

المبالغ المسقطة بسبب الوفاة
لا تزيد عن 0.3 % من المستبدل خلال السنوات الـ7 الأخيرة

الاستبدال يرهق كاهل المستفيد و"الأمثال" يفوت على التأمينات عوائد استثمارية ويستنزف مواردها



كتب ـ عبد الرحمن الشمري:

قال النائب رياض العدساني: إن نظام التأمينات الاجتماعية في الكويت وضع ليكون أداة للتكافل الاجتماعي، ومن ثم لا نتوقع لدولة رشيدة أن تسمح لمؤسساتها المشرفة على هذا النظام بالإفلاس، كما لا نتوقع أن يرضى مجتمع راشد بأن يغدق نظامه للتأمينات الاجتماعية على جيل مقابل التضحية بجيل قادم.
واقترح العدساني في دراسة عن "بدائل الاستبدال وأثرها على المركز المالي للتأمينات" قيام المؤسسة بالتنسيق مع مجلس الأمة بصياغة جداول جديدة للاستبدال لمعالجة قضية المستبدلين الحاليين بهدف تسوية أوضاعهم دون كلفة على المال العام عبر وضع نسب جديدة للاستبدال تراعى فيها العوائد الاستثمارية المحققة فعليا ومعدلات الوفيات الفعلية خلال السنوات الـ15 السابقة بدلا من النسب الافتراضية المطبقة حاليا المفارقة للواقع.

(بدائل للأمثال والاستبدال)
ودعا الى توفير مصادر تمويل جديدة للمتقاعدين، مقترحا بديلين:
ــ الأول: إنشاء صندوق للقروض وإلغاء نظامي الاستبدال والأمثال، والعمل على إدخال تعديلات تشريعية جديدة على قانون التأمينيات الاجتماعية يُنشأ بمقتضاها صندوق ثامن للمؤسسة يكون تحت إدارتها ترصده فيه الأموال اللازمة لتقديم (قروض حسنة بدون فائدة– قروض ميسرة للمتقاعدين بالتنسيق مع بنك الكويت المركزي طبقا لشروطه) مع فحصه إكتواريا، والقيام بتأمين هذه القروض من قبل شركات التأمين المتخصصة في هذا المجال.
ومن شأن هذا الاقتراح تجنيب المركز المالي للتأمينات لأي عوائد استثمارية ستفوتها جراء قيامها بصرف مبالغ دفعة واحدة قبل أوانها ؛ كما أنه سيوفر إيرادات مالية لها منخفضة التكاليف كون مصروفاتها الإدارية محتسبة فعليا ضمن ميزانيتها التي تقر سنويا من قبل مجلس الأمة.
الثاني: اللجوء إلى البنوك بضوابط وإشراف ومراقبة من الدولة تحمي المتقاعد وفق شروط وتعليمات بنك الكويت المركزي، وبذلك تتشارك المصارف في هذا المقترح عبر توفير تسهيلات ائتمانية للمتقاعدين ويحد من تعثر أصحاب ملف الاستبدال كونهم تفرض عليهم تكاليف عالية على المبلغ المستبدل وفق الشروط المطبقة حاليا من المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
مدخل: أنشئت المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سنة 1976 كجهة حكومية مستقلة، وتهدف إلى توفير المعاشات التقاعدية للمؤمن عليهم ؛ وللمستحقين بعد وفاة عائليهم، ولا يدخل ضمن أغراضها تقديم القروض، وتدير حاليا 7 صناديق تأمينية. ولإنجاز هذه المهمة، فإنه يتطلب عليها أن توفر احتياطات مالية كافية للصرف على الخاضعين للنظام التأميني عبر الاستقطاعات الشهرية منهم مع استثمارها لتضمن كفايتها، علما بأن هناك 122 ألف متقاعد وأكثر من 78 ألف مستحق بمعدل نمو سنوي يترواح ما بين 4 و5%.
ولأن المؤسسة لا تقدم قروضا، فإنها توفر عوضا عن ذلك ميزة تأمينية اختيارية تعرف بالاستبدال، تتلخص فكرتها بحصول المستبدل على مبلغ من راتبه التقاعدي دفعة واحدة قبل أوان استحقاقه الشهري مقابل تحمله لتكاليف إضافية تتمثل بـ(عوائد الاستثمار الذي فات المؤسسة عن هذا المبلغ) بالإضافة إلى (مقابل التكافل نظير المخاطر المتعلقة بوفاته).
ورغم أن المؤسسة تعلم بأن هذه التكاليف الإضافية تزيد مع تقدم السن وتقل القيمة المستبدلة معها لصالح المستفيد من هذه الميزة، إلا أنها تراها ضرورية لتحقيق التوازن المالي في صناديقها التأمينية وليس الغرض منها تحقيق الأرباح.
ووفقا لإحصائياتها وبياناتها المالية، فإن هناك أكثر من 70 ألف حالة للاستبدال دفعت لهم فعليا 992 مليون دينار، وغالبية المستفيدين من هذه الميزة التأمينية الاختيارية هم من المتقاعدين قد اختاروا سداد ما عليهم على مدة 15 سنة (75% من الحالات).
ولكي لا تتحمل المؤسسة أي مبالغ إضافية تؤثر عليها، قامت بتحميل المستفيد من هذه الخدمة سداد عائد الاستثمار المفترض الذي يحقق التوزان المالي لها والمقدر نسبته بـ 6.5%، في حين هي نفسها تعجز عن تحقيق هذه النسبة عندما تستثمر أموالها ولا تتوقعها أصلا عندما تقوم بالتخطيط الاستثماري في ميزانيتها المرسلة لمجلس الأمة.
كما أن مخاوفها النظرية من وفاة المستبدل قبل حصولها على ما دفعته له لا يقابلها عمليا ما يبرر ذلك، حيث أن المبالغ المسقطة بسبب الوفاة كانت خلال السنوات الـ 7 الماضية ما يقارب الـ 9 ملايين دينار وهي نسبة ضيئلة جدا تتراوح ما بين (0.01% و0.3%) من المبالغ المستبدلة، ولا تؤثر جوهريا على التوازن المالي للصناديق التأمينية البالغة 35 مليار دينار.
وعلى النقيض من (نظام الاستبدال) الذي يرهق كاهل المستفيد، فإن (نظام الأمثال) المستحدث أخيرا والذي يقوم على ذات المبدأ لـ (نظام الاستبدال) وهو الحصول على مبالغ دفعة واحدة قبل أوان استحقاقه الشهري فوت على المؤسسة عوائد استثمارية كان من الممكن تحقيقها ؛ ما سيؤدي إلى استنزاف مواردها المالية على المدى المنظور علما بأن هناك عدم وضوح في قياس تأثيرات هذا الأمر إكتواريا.
ولا يزال قياس المركز المالي للمؤسسة إكتواريا الذي يهدف إلى معرفة ما إذا كانت قادرة على توفير الضمانات للأجيال المستقبلية بالإضافة إلى الأجيال الحالية محل ملاحظة من قبل ديوان المحاسبة، لا سيما وأن الخزانة العامة تحملت أعباء فعلية تقدر بـ 10 مليارات دينار تم الانتهاء منها في سنة 2015 إلا أن هذا العجز ارتفع مجددا ليصل إلى 17 مليار دينار.
مع التنويه إلى أن العجز الإكتواري كنظرة مستقبلية للمؤسسة لا يعني أنها تمر بوضع مالي صعب حاليا، إذ أموال الصناديق التأمينية تتميز بفوائضها منذ نشأتها، إلا أنه لا يجب التقليل من تأثيرات هذا العجز لا سيما وأن المقترحات الرامية لاسقاط مبالغ الاستبدال المقدرة بأكثر من 600 مليون دينار والسعي لإقرار تشريعات أخرى بهدف منح مبالغ دون فوائد سيتم تمويلها من الصناديق التأمينية المختصة التي تعاني من عجوزات إكتوارية كبيرة مع انخفاض في عوائد استثمارها.
ويكمن الحل في إعادة تسوية أوضاع المستبدلين الحاليين عبر مراجعة النسب الافتراضية المفروضة على مبالغ استبدالهم بنسب أقل تم تحقيقها فعليا، مع (إنشاء صندوق ثامن للتأمينات يكون هدفه منح القروض الحسنة والميسرة وتأمين هذه المبالغ) أو (اللجوء إلى البنوك بضوابط وإشراف ومراقبة من الدولة تحمي المتقاعد) كي يتم تجنيب المركز المالي للمؤسسة والاحتياطي العام للدولة من أي آثار سلبية مستقبليا عما هو مطبق ومقترح حاليا.
الراتب التقاعدي: إن دور التأمينات يتمثل في توفير المعاشات لكل متقاعد شهريا بانتظام إلى حين وفاته، وقد يمتد توفيره للمستحقين ممن يعولهم لما بعد وفاته أيضا. ولإنجاز هذا الدور، فإنه يتطلب على المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية أن تُكون احتياطيا ماليا كافيا لهذا الشخص المقيد عندها يكفي لصرف معاشه التقاعدي لمدد قد تتجاوز ما سدده فعليا من اشتراكات مالية لها عندما كان يعمل حتى سنة 2017، بلغ أعداد المتقاعدين ما يجاوز الـ 122 ألف متقاعد بمتوسط معدل نمو سنوي يقارب الـ 5% تقريبا.
ــ حتى سنة 2017، بلغ أعداد المستحقين للراتب التقاعدي (أرامل– أولاد– غير ذلك) ممن كان يعولهم المتقاعد قبل وفاته ما يجاوز الـ 78 ألف مستحق بمتوسط معدل نمو سنوي يقارب الـ 4% تقريبا.
الاستبدال: اصطلاح شائع ومتعارف عليه بين عموم الناس باسم (بيع الراتب) أو (بيع المعاش). وتُعرف التأمينات مفهوم الاستبدال بأنه:ميزة تأمينية اختيارية مقررة بقانون لأصحاب المعاشات التقاعدية والمؤمن عليهم ؛ تمنحها لهم متى ما توافرت في شأن المتقدم للاستبدال شروط ذلك بصرف النظر عن حاجته والغرض الذي طلبه من أجلها ؛ وذلك عبر استبدال مبلغ نقدي بجزء من راتبه يدفع له دفعة واحدة. وتُحَددُ القيمة الاستبدالية المستحقة للمستبدل حسب سِنه ومدة استبداله وفقا لجداول مرفقة بقانون التأمينات الاجتماعية.
تكاليف الاستبدال على المتقاعد: ان التأمينات الاجتماعية لا تمنح أي قروض لأصحاب المعاشات التقاعدية لأن دورها يتمثل في توفير المعاشات للمتقاعدين شهريا بانتظام إلى حين وفاتهم. كما تمت الإشارة إلى أنه لضمان كفاية الصرف على كل شخص مقيد لديها فإنه لابد من استثمار اشتراكاته المالية المؤادة للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية سواء كان على رأس عمله أم لا.
ولأن مقدم طلب الاستبدال حصل دفعة واحدة على مبلغ من راتبه التقاعدي قبل أوانه، فإنه ينتقل إليه عبئان نتيجة لذلك هما عبء راتب المتقاعد + بدل عائد الاستثمار. وتبين البيانات الإحصائية للتأمينات أن عدد حالات الاستبدال محددة المدة (5 سنوات – 10 سنوات – 15 سنة) للمتقاعدين من أصحاب المعاشات بلغ ما يزيد عن 70 ألف حالة حتى نهاية سنة 2017. كما تجدر الإشارة إلى أن 75% من حالات الاستبدال محددة المدة لأصحاب المعاشات التقاعدية متركزة في مدة 15 سنة.

(الاستبدال في الحساب الختامي)
مبالغ الاستبدال في الحساب الختامي وفقا لبيانات الحساب الختامي للتأمينات الاجتماعية للسنة المالية المنتهية الأخيرة 2018/‏‏2019 فإنه يتضح:
• بلغ إجمالي المبالغ المدفوعة فعليا للاستبدال نحو 992 مليون دينار.
• بلغ إجمالي مخصص الاستبدال المكون لمواجهة سقوط باقي أقساط استبدال أصحاب المعاشات والمؤمن عليهم في حالة الوفاة نحو 5 ملايين دينار.
• بلغ إجمالي أقساط الاستبدال المحصلة فعليا نحو 375 مليون دينار. ــ بلغ إجمالي الرصيد الفعلي المتبقي من مبالغ الاستبدال المدفوعة بعد خصم الأقساط المحصلة ما يقارب الـ 617 مليون دينار.
وخلاصة ما سبق: ان إجمالي الرصيد الفعلي المتبقي من مبالغ الاستبدال نحو 612 مليون دينار بعد خصم المخصصات وما دفع من أقساط كما هي مبينة في المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية للسنة المالية المنتهية الأخيرة 2018/‏‏2019.

وخلاصة الرأي الفني فيما سبق:
من غير المقبول انتقال عبء عائد الاستثمار الافتراضي الذي يحقق التوزان المالي للصناديق المقدر بـ 6.5% على كاهل المستبدل بحجة أنه فوت على المؤسسة عوائد استثمارية نظير استبداله للمبلغ المدفوع له دفعة واحدة قبل أوانه ؛ في حين أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية هي نفسها لا تتمكن من تحقيقه ولا تتوقعه في ميزانيتها السنوية، بل أن عوائد الاستثمار الفعلية قد تكون أحيانا دون العائد المتوقع.
إن استمرار التأمينات بتحقيق عائد استثمار فعلي يقل عن كل من (العائد المتوقع) و (العائد المستهدف) هو المتسبب الرئيسي فعليا في تحميل أنظمة المعاشات التقاعدية لتكاليف إضافية على الخزانة العامة عبر ما يعرف باسم العجز الإكتواري ووجود خلل إكتواري في التوزان المالي لصناديقها كما سيأتي بيانه تفصيلا.
من غير المقبول أن يكون متوسط أداء المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في نشاطها الرئيسي وهو الاستثمار بمختلف أداوته المتنوعة أقل بـ 2.5% عن النسبة المستهدفة التي تحقق التوزان المالي لصناديقها للوفاء بالالتزاماتها وهو الأصل ؛ في حين أنها في نشاط الميزة التأمينية الاختيارية (الاستبدال) تستوفيها كاملة بحجة فوت الصناديق لعوائد استثمارية كانت مقدرة افتراضيا بهذه النسبة ولا يمكنها تحقيقها عمليا.

(ملاحظات فنية
على الأمثال)
في دور الانعقاد الثالث من الفصل التشريعي الخامس عشر، أقر مجلس الأمة في جلسته المنعقدة بتاريخ 30 يناير 2019 تعديلات على بعض أحكام قانون التأمينات الاجتماعية، ونشرت في الجريدة الرسمية بالقانون رقم 10 لسنة 2019.
وكان من بين مواد هذا القانون ما نصه الآتي: يجوز لصاحب المعاش التقاعدي أن يطلب صرف ربع صافي المعاش التقاعدي بما لا يجاوز المستحق له عن ثمان وعشرين شهرا مقدما، على أن يكون السداد بواقع ربع صافي المعاش. ويكون ذلك لمرة واحدة طوال الحياة. واستثناء من ذلك يجوز طلب الصرف مقدما مرة أخرى في حدود ما يكون قد تبقى من الحد الأقصى المشار إليه.
ورغم أهمية البُعد الاجتماعي في هذا القانون وهو توفير مصدر تمويل للمتقاعدين دون فائدة على المبلغ الممنوح تسهيلا لهم في مواجهة تكاليف الحياة، إلا أن هناك بُعدا فنيا بحتا يقتضي إيضاحه لما له من تبعات طويلة الأمد على المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في ظل:
ـ الزيادة السنوية في أعداد المتقاعدين والمقدرة بـ 5% تقريبا.
ـ وجود اقتراحات ترمي إلى زيادة أعداد الأمثال الممنوحة للمتقاعد مع إطالة فترة سدادها وتقليل النسبة المستقطعة من صافي راتبه التقاعدي.
حيث سبق الإيضاح مرارا في هذا التقرير أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية تشدد بنفسها على الآتي: أن المتقاعد عندما يرغب في الحصول على دفعة واحدة من راتبه التقاعدي قبل أوانه، فإن ذلك يفوت على الصناديق التي تديرها عائد الاستثمار الذي كان يمكن تحقيقه، والواقع أن (نظام الاستبدال) و(نظام الأمثال) كلاهما يعتمدان على مبدأ واحد وهو الصرف مقدما قبل أوان استحقاق تلك المبالغ المدفوعة دفعة واحدة، وهو ما يثير التساؤل عن مدى تأثير نظام الأمثال على الدفعات النقدية المستقبلية والمركز المالي للمؤسسة في ظل وجود قصور تشريعي لم يبين ما إذا كان يستوجب فحصه إكتواريا خلافا لنظام الاستبدال.
وخلاصة الرأي الفني فيما سبق:
ــ إن نظام الاستبدال بصورة المطبقة حاليا ترهق كاهل المستفيد من هذه الميزة التأمينية الاختيارية لوجود فرضيات مفارقة للواقع العملي على النحو الذي سلف شرحه تفصيلا ؛ في حين أن نظام الأمثال بصورته المطبقة حاليا والقائمة على ذات المبدأ لنظام الاستبدال ستستنزف الموارد المالية للمؤسسة وستؤثر على مركزها المالي على المدى المنظور لفوات عوائد استثمارية كان من الممكن تحقيقها مع عدم إمكانية قياس تأثيرها في ظل عدم بيان مدى خضوع (نظام الأمثال) للفحص الإكتواري من عدمه.
ــ إن بعض اقتراحات القوانين السابقة المطالبة بإلغاء نظام الاستبدال والاستعاضة عنه بـ (قرض حسن دون فائدة) كانت مرفقة فيها إجراء فحص إكتواري للنظام المقترح لما لهذا الفحص من أهمية في قياس مدى قدرة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية على الوفاء بالالتزاماتها المستقبلية ؛ في حين أن (نظام الأمثال) القائم على شق من ذات الفكرة بمنح مبلغ مالي دون فائدة يخلو من فحصه إكتواريا.

(العجز الإكتواري)
• نبذة مبسطة : تقييم مالي يهدف إلى معرفة ما إذا كانت الأصول المتاحة والمتوقعة في المستقبل في أي صندوق للضمان الاجتماعي أو التقاعد كافية لتغطية التزاماته في السنوات المقبلة.
وعليه ، فإن العجز أو الفائض في المجموعة المغلقة يمثل قيمة الالتزامات والاحتياطيات القائمة للمشتركين في النظام حتى تاريخ الفحص ، بينما العجز أو الفائض في المجموعة المفتوحة يمثل الالتزامات والاحتياطيات للمشتركين في النظام ومن سيشتركون في النظام مستقبلا علما بأن بعض هؤلاء لم يولد بعد.
كما أن اختيار استخدام الطريقة المغلقة في فحص المركز المالي للمؤسسة إكتواريا يأتي تطبيقا لصريح النص القانوني في أن يتناول الفحص (تقدير قيمة الالتزامات القائمة) ؛ مع تأكيدها أن نتائج الطريقة المغلقة أكثر دقة من نتائج الطريقة المفتوحة التي تستخدم فيها فرضيات أكثر.
وقد اختار مجلس إدارة التأمينات جهة مستقلة وهي (منظمة العمل الدولية )لتقوم بعمليات فحص المركز المالي للمؤسسة إكتواريا نظرا لكون مستوى خبرائها الإكتواريين الأعلى عالميا .
• العجز الإكتواري منذ نشأته وحتى سداده : نص قانون انشاء التأمينات على ان يفحص المركز المالي للمؤسسة مرة على الأقل كل ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ العمل بهذا القانون لمعرفة ما إذا كان يوجد مال زائد في أموال المؤسسة أم عجز فيها. وقد أوضحت المؤسسة في إجابة برلمانية ما مفاده إيجازا :
ــ في سنة 1980 ، أجري الفحص الإكتواري الـ 1 ؛ ولم يسفر عن وجود فائض في أموال المؤسسة.
ــ في سنة 1983 ، أجري الفحص الإكتواري الـ 2 ؛ وأسفر عن وجود فائض متواضع يقدر بـ 59 مليون دينار ، إلا أن منظمة العمل الدولية لم تعتبر هذا الفائض من قبيل المال الزائد المنصوص عليه في قانون المؤسسة.
ــ أسفرت الفحوصات الإكتوارية الـ 3 وحتى الـ 7 عن وجود عجز في أموال المؤسسة ناتج عن ظاهرة التقاعد المبكر.

( بداية المشكلة)
بين ديوان المحاسبة في تقريره الدوري عن السنة المالية 2006/‏2007 تفصيلا ما مفاده إيجازا : أن المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لم تلتزم بإعداد التقارير الإكتوارية الـ 8 والـ9 في مواعيدَ مناسبةٍ ؛ مما كان له أثر في تفاقم العجز الذي يتطلب جهودا كبيرة لتلافيه ؛ ومن بين أسباب هذا التأخر امتناعها عن إمداد منظمة العمل الدولية ببيانات عن صندوق العسكريين بسبب سرية المعلومات مما أدى إلى زيادة أخطاء نتائج فحصه إكتواريا.
إلا أن المؤسسة قد بينت في ردها أنه من الطبيعي أن يستغرق إعداد هذيّن التقريرين بعض الوقت وليس فيه تقصير من أحد ، إذ أن بعض أسباب التأخير خارجة عن نطاقها منها تراكمات الغزو العراقي الغاشم ؛ وأنه لم يُسمح لها بإمداد الخبراء الإكتواريين ببيانات العسكريين ، كما أن التأخر في إعداد التقارير ليست السبب في وجود العجز الإكتواري من عدمه ؛ بل يرجع العجز إلى أمور أخرى أهمها التقاعد المبكر لا سيما للنساء علما بأن الفترة الزمنية الفاصلة بين إنجاز الفحص الإكتواري الـ 7 والفحصيّن الإكتوارييّن الـ 8 و 9 اللذان صدرت نتائجهما معا قد امتدت لـ 8 سنوات.
وبتاريخ 15 إبريل 2007 ، اعتمد مجلس إدارة المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية نتائج التقريريّن ؛ والذي أظهر وجود عجز إكتواري ضخم بـ 9.9 مليار دينار (تسعة مليارات وتسعمائة مليون دينار) لجميع الصناديق التأمينية وفقا لاستخدام الطريقة المغلقة.

( سداد العجز )
بتاريخ 3 سبتمبر 2007 ، أصدر مجلس الوزراء قرارا بالموافقة على سداد قيمة العجز الإكتواري لصالح المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ، وقد حددت وزارة المالية وفق القرارات المنظمة آلية سداد هذا الالتزام البالغة عشرة مليارات وتسعمائة وأربعة وأربعين مليون دينار
وأوضح البيان الأسبوعي الصادر عن مجلس الوزراء أنه استعرض في جلسته المنعقدة بتاريخ 21 يناير 2008 ما تقرر بشأن سداد العجز الإكتواري ، حيث سيتم تقسيطه على قسطين متساويين ضمن إطار السياسات العامة بالإستغلال الأمثل للفوائض المالية الناتجة عن الإرتفاع القياسي لأسعار النفط بالأسواق العالمية.

(إعادة جدولة الأقساط)
بتاريخ 31 ديسمبر 2008 ، أصدر مجلس الوزراء قرارا بناء على كتب لوزارة المالية يقضي بعدم إدراج القسط الثاني في ميزانية السنة المالية 2009/‏2010 بعدما تم سداد القسط الأول كاملا لصالح المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وتمت إعادة جدولة القسط الثاني ليتم سداده على 5 سنوات على دفعات متساوية تبلغ مليارا وأربعة وتسعين مليون دينار لكل واحدة منها .

(حقيقة العجز الإكتواري)
سبق البيان أن الغرض من فحص المركز المالي للمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية إكتواريا هو للتأكد من أن صناديق التأمينات الاجتماعية بها من الأموال ما يكفي للوفاء بالتزامات الصناديق الحالية والمستقبلية للأجيال المتعاقبة ضمانا لها لتوفير ذات الحقوق التأمينية.
إذ إن نتائج الفحص الإكتواري تتيح لمتخذ القرار تكوين نظرة مستقبلية وليست آنية في معرفة مدى الملاءة المالية التي يتمتع بها أي صندوق تقاعدي في الوفاء بالتزاماته.
وهذا لا يعني بالضرورة أن (أي مؤسسة للتأمينات الاجتماعية) عندما تعلن عن وجود عجز إكتواري لديها بأنها تمر بوضع مالي صعب ؛ وأنه ليست لديها السيولة الكافية لسداد التزاماتها الحالية وأهمها المعاشات التقاعدية ؛ بل قد يكون لديها فوائض مالية وتتمتع بوضع مالي جيد في الوضع الراهن إلا أنها تتوقع مستقبلا بناء على فرضيات معينة أن مصروفاتها المتوقعة ستكون أكبر من إيراداتها التي ستحصلها.

(أسباب العجز)
من خلال تحليل المعطيات العملية وليست النظرية، يمكن إيجاز أهم أسباب تنامي العجز الإكتواري لدى المؤسسة فيما يلي:
السبب الأول: تدني العوائد الاستثمارية وشبهات التعدي على الاستثمارات.
تبين التأمينات الاجتماعية بنفسها في إجابة برلمانية أن "عدم تحقيق عائد الاستثمار المتوقع وفقا لفرضيات الفحص الإكتواري" يعد من أسباب هذا العجز.
علما بأن تدني العوائد الاستثمارية قد يكون بعضها مرتبط بتطورات الأسواق الاقتصادية وتقلباتها ؛ إلا أن هناك قضايا متعلقة بالاستثمار تقوم الدولة على "ملاحقة المتلاعبين فيها لاستعادة المبالغ التي تم الاستيلاء عليها ودراسة الخسائر التي لحقت بالمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في قضية ضخمة استغرقت وقائعها لفترة امتدت ثلاث عقود" كما هو وارد نصا في إجابة برلمانية.

السبب الثاني: الطريقة المتبعة
في حساب العجز الإكتواري:
سبق التوضيح في هذا التقرير أن مبرر المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية في استخدام الطريقة المغلقة يأتي تطبيقا لصريح القانون، وأن نتائج هذه الطريقة أكثر دقة من الطريقة المفتوحة التي تستخدم فيها فرضيات أكثر.
ومن مبررات المؤسسة في عدم استخدامها للطريقة المفتوحة ما بينته تفصيلا في ردها بتقرير ديوان المحاسبة الدوري للسنة المالية 2007/‏‏ 2008 والذي كان مفاده إيجازا أن هذه الطريقة تحتسب فئات لم يولدوا بعد وما زالوا في علم الغيب بالإضافة إلى الطلاب الذين ما زالوا في المدراس والجامعات، وأنه ليس من المناسب احتساب هؤلاء.

(خلاصة الرأي الفني)
إن هذه المبررات وإن كانت صحيحة إلا أنه يمكن تقليل الفرضيات المستخدمة في هذه الطريقة ؛ بحيث يتم الاستقرار على مجموعة من الفرضيات الممكنة الحدوث بدلا من تشعبها ورفض الطريقة جملة وتفصيلا.
السبب الثالث: المعايير المحاسبية المطبقة في احتساب العجز الإكتواري:
يرى ديوان المحاسبة ضرورة إعادة دراسة السياسات المحاسبية لدى المؤسسة لتتماشى مع المعايير الدولية والتي بدورها سيكون له تأثير على مبالغ العجز الإكتواري. وهو ما بينه أيضا تقرير مراقب الحسابات المستقل المعين من قبل المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية، إذ أن عدم أخذها بعين الاعتبار لأحد السياسات المحاسبية وهو (القيمة الزمنية للمال) أدى إلى وجود عجوزات في بعض الصناديق التقاعدية.
السبب الرابع: تطبيق مميزات تأمينية دون دراسة فنية:
لا يجب أن تناقش خطط التأمينيات الاجتماعية على أسس سياسية، بل يجب أن تخضع لأسس علمية تراعى فيها الأبعاد المالية والاجتماعية بما يحقق الصالح العام ويجنب هذه المؤسسة خطر الإفلاس وتحميل الخزانة العامة بأعباء باهظة نتيجة لقرارات غير مدروسة بعناية مهنية.
وقد بين هذا التقرير الملاحظات الفنية على كل من (نظام الاستبدال) و(نظام الأمثال) بما يتنفي معه الحاجة إلى تكرارها.
آخر الأخبار