الاثنين 23 سبتمبر 2024
40°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
الأخيرة

العزاء في المقبرة!

Time
الاثنين 15 مايو 2023
View
11
السياسة
طلال السعيد

منذ فترة غير قصيرة ومجتمعنا يشكو من التفكك شيئا فشيئا، فقد اغلقت الديوانيات بحجة "كورونا"، والغيت التجمعات بين افراد المجتمع، ثم قلت الزيارات، حتى العائلة الواحدة لم تعد متماسكة مثل ما كانت في السابق، ولم تعد تجتمع.
ثم تأتي الانتخابات لتجعلنا شعوبا وقبائل، بل حتى القبيلة الواحدة تقسمت الى افخاذ، ولا ابالغ اذا قلت ان الفخذ تقسم ايضا، وابتعد بعضنا عن بعض، ولم يعد هناك تواصل!
كانت الناس تجتمع دائما بالافراح والاتراح، واهمها العزاءات، الا ان التقليد الجديد الذي ظهر علينا في هذه الايام، قول البعض منا "إن العزاء في المقبرة فقط"، وكأنهم الغوا استقبال المعزين ثلاثة ايام كما جرت العادة.
قد كان هذا الكلام مقبولا الى حد ما ايام جائحة "كورونا"، خوفا من انتقال العدوى، حتى انهم اوصلونا الى مرحلة منعت فيها المصافحة، واصبح السلام حتى في المقبرة من بعيد وبالاشارة، مما زاد الطين بلة، لنكتشف فيما بعد ان "كورونا" كلها كذبة كبيرة، وقعنا فيها مثلنا مثل بقية دول العالم.
اما الان فلم يعد مقبولا ان يكون العزاء في المقبرة فقط، فلا بد من فتح الديوانيات من جديد لاعادة اللحمة الاجتماعية، مثل ما كنا في السابق حيث يرى بعضنا بعضا، ويستمر التواصل ثلاثة ايام العزاء.
بل حتى افراد العائلة يجتمعون من جديد، وتلين القلوب، ويستمر التواصل، بالاضافة الى استمرار عادة حميدة حين يرسل الاقارب والجيران وجبتي الغداء والعشاء الى بيت المتوفى طيلة ايام التعزية الثلاثة، وبالتالي يردها اهل المتوفى لاقربائهم وجيرانهم في مناسبة اخرى، فيستمر التواصل.
اما ان التعزية في المقبرة اتباعا للسنة ففي ذلك فتاوى كثيرة ظهرت من كبار العلماء، مفادها ان الامر فيه سعة، فقد كان الوقوف صفا واحدا لذوي المتوفى امرا مستغربا في السابق، واعتبره البعض بدعة، بينما الامر في ذلك واسعا كذلك، فان يقصد منه التسهيل على المعزين لتقديم العزاء لاقارب المتوفى، وتسهيل الوصول اليهم، والسنّة ان تعزي اقارب المتوفى اين ما وجدتهم، في المسجد او السوق، او المقبرة، ولم يكن السلف يقفون صفا واحدا!
موضوعنا الذي يهمنا التحدث عنه هو ان نعيد فتح الديوانيات، واعادة اللحمة الوطنية، واعادة الكويت الى طبيعتها السابقة، مع استمرار التزاور بين الناس حتى في مناسبة العزاء، ففي ذلك استمرار للتواصل الاجتماعي الذي نفتقده بشدة، واذا استمر الوضع على ما هو عليه، فما هي الا سنوات قليلة ثم بعدها لا تجد من يصلي معك على المتوفى، الا اولاده او فاعل خير، يبحث عن الاجر والثواب.
فمن يتصور ان تصل بنا الامور الى ان يعزي بعضنا بعضا بالسلام بالاشارة من بعيد، او ان ينتهي العزاء عندنا بعد الدفن؟
التواصل امر مهم، والجفوة حتى وان كانت من دون سبب تتحول جفاء، وتفكك اللحمة.
واعتقد اننا عانينا ونعاني من التفكك الشيء الكثير، ليس فقط على مستوى المجتمع، بل على مستوى الاسرة الواحدة، وقد كانت عاداتنا تلزمنا بالتواصل، فمن كان يتصور ان الديوانيات تغلق، ويصبح العزاء في المقبرة فقط، والقادم سيكون اصعب ما لم نستدرك الامر، ويبادر اولو الامر بفتح الديوانيات، تمهيدا لاعادة اللحمة الوطنية... زين.
آخر الأخبار