السبت 21 سبتمبر 2024
35°C weather icon
logo-icon
تم نسخ الرابط بنجاح
العلاقة الإنسانية والأوطان!
play icon
كل الآراء

العلاقة الإنسانية والأوطان!

Time
السبت 07 أكتوبر 2023
View
91
سامي العنزي

بفقدان العلاقات تُفقد إنسانية الإنسان، وحينها يكون قد أعدم الفطرة الإنسانية التي فطره الله عليها.
كل ما هو جميل لا يأتي إلا بحسن العلاقة، ومات هدم الأوطان والإنسانية إلا بالتعالى، وهدم العلاقة الراقية.
ركيزة هذه العلاقات، وأوتادها أصلاً، العلاقة بالله أولا من منطلق فهم قوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، أي الإنسان عبد لله الخالق لا للمخلوق، والمخلوقات سواسية في عبوديتهم لله تعالى.
نعم هناك علاقات عامة مطلقة بين الجنس البشري، وهناك أيضاً علاقات خاصة، فمن العامة ما هو ظاهر بقوله تعالى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وهو خطاب شامل للانفتاح والتفاهم، وفي الختام المقياس "إن أكرمكم عند الله أتقاكم"، وهو متفق تماما مع قوله تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
هناك تفاصيل في العلاقات؛ ومنها حضَّ القرآن الانسان الفطن على أن تكون علاقته في هذه الجزئية التفصيلية، رقيقة ورفيعة، وهي علاقته بأقرب الناس له، وذلك ظاهر بقوله تعالى في الوالدين: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً"، أي: عطف بر الوالدين على عبادته جلَّ جلاله، بل حتى وإن اختلف الوالدان معك في جوهر وجودك عبادة الله تعالى: "فلا تقل لهم أف"، وقال تعالى: "وإن جاهداك على أن تُشرك بي ما ليس لك به علم فلا تُطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفاً".
نعم، فمن لم يستطع أن يُحسن علاقته بوالديه لا يُمكن ان تكون علاقاته ببقية اسرته، ومع الآخرين مقبولة؛ بل سيكون دائماً مضطرب العلاقات والتفاهم معه أمر صعب.
وقد فصل الله تعالى في كتابه هذه العلاقات وفي أدق الأمور؛ ومنها على سبيل المثال في العلاقات الانسانية الاسرية بعد بيان العلاقة المطلقة بين الشعوب والقبائل، ثم فصل في آية الزواج: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة".
أيضاً في حال الخلاف "حكماً من أهله وحكماً من أهلها"، هذه جميعُها أساليب للتفاهم لعدم تصاعد الأمور إلى ما هو أسوأ. وهناك آيات المواريث، فكل هذه تصب في بحر العلاقات الانسانية لاستمرارها على الوضع الأفضل، فلذلك يجب أن نستوعب كلمة "تفاهم"، وما هو التفاهم المؤدي إلى حسن العلاقات واستمرارها!
التفاهم قدرة تخص كل الأطراف؛ أي كل طرف يفهم المقابل فكراً واعتقاداً، وشعوراً وأحاسيس، ومن الأمور التي تجعل التفاهم يسود حسن الإصغاء، وإشعار المقابل انك تسعى لتفهم منه ما يريد، وانك تسمع له بتركيز لما يقول، وتحرص كل الحرص على عدم مُقاطعته، وتشعره انك تتأمل وتتفكر في ما يقول، ومنه تستفيد من إجل إصلاح الأمور، وعموم المواقف ومستقبل الأيام والبلاد والعباد.
والا سيكون الوضع عبارة عن حياة الغبش والمكائد، وكل يكيد للآخر، وتضيع البلاد، والمجتمعات بواقعها الغبش، ومستقبلها المجهول حينها!

إعلامي كويتي

سامي العنزي

آخر الأخبار