الغارمون وإعادة الإعمار!

طلال السعيد

نشرت احصائية في وسائل التواصل الاجتماعي تدعو الى العجب العجاب، بل يشيب منها رأس الوليد.
الاحصائية عن تبرعات الهيئات وجمعيات النفع العام الكويتية أثناء مؤتمر اعادة اعمار العراق، الذي عقد في الكويت، وما يؤلم حقا هو مقارنة تلك التبرعات بتبرعات الهيئات نفسها لحملة الغارمين من المواطنين!
على سبيل المثال لا الحصر تبرعت جمعية الاصلاح الاجتماعي بمبلغ 10 ملايين دولار يعني ما يقارب ثلاثة ملايين دينار، ومن يتبرع بهذا الرقم لا بد ان يكون في رصيده مئات الملايين، ونحن لا يحق لنا ان نسأل من اين لك هذا؟
لكننا نسأل: بكم تبرعت جمعية الاصلاح للغارمين من اهل الكويت، وكذلك بيت الزكاة، والاوقاف الكويتية تبرعا بمبلغ 35 مليون دولار، ما يزيد على عشرة ملايين دينار، بينما مجموع التبرعات كلها للمساكين الغارمين من المواطنين لم يصل الى سقف تبرع هاتين الهيئتين!
فهل فلوسنا حلال على الاشقاء في العراق وغيرهم من الدول المجاورة، وغير المجاورة، التي نعرفها، والتي لم يسبق لنا معرفتها، وحرام على مواطنينا؟
الله عز وجل هو من يزرع الرحمة في قلوب الناس، وهو وحده الذي ينزعها كذلك، فهل نحن لا نستحق من تلك الجمعيات والهيئات ان ترحمنا وتتعاطف معنا، وتحاول انهاء معاناة الغارمين منا، لكي لايشعر البعض ان المجتمع تخلى عنه، وليس هناك من يقف معه او يساعده في محنته، بينما يرى المساعدات تخرج الى خارج البلاد، ليل نهار، من دون توقف؟
ولمن لا يعلم او لمن يعلم ويتجاهل، هناك في الكويت حالات انسانية تستحق الفزعة والمساعدة، حتى وان كان البعض منهم قد القى بنفسه الى التهلكة، ودخل دوامة الديون، او اجبرته الظروف على ذلك، الا ان غياب المعيل عن العائلة يدخل العائلة بمتاهات لها اول وليس لها تالي، وقد ينجم عن غياب الاب ضياع الاسرة كلها، او بعضها، وهذا في النهاية يؤثر على المجتمع سلبا، لذلك لا بد من تضافر الجهود من اجلنا كلنا، وليس للغارمين فقط، فالفرد منا لا يعلم ماذا يخبئ قادم الايام، فمتى تشعر تلك الهيئات ان للمواطن الكويتي عليها حقا ،أليس الاقربون أحق بالمعروف...زين؟
وما يستغرب له اكثر ان بعض الجمعيات، مثل جمعية احياء التراث التي تبرعت بعشرة ملايين من اجل اعادة اعمار العراق، لم تكترث بحملة انقاذ الغارمين الكويتيين، وكذلك "العون المباشر"، وصندوق اعانة المرضى، وجمعية السلام وغيرها.